وقوله تعالى: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾: قيل: (لا) (^١) صلةٌ مؤكِّدةٌ، ومعناه: غيرِ المغضوبِ عليهم والضالِّين، لكن زيدتْ (لا) لئلَّا يُظنَّ أنه معطوفٌ على ﴿الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾.
وقيل: هو بمعنى (غير) الذي تقدَّم، كأنه قال: غيرِ المغضوبِ عليهم وغيرِ الضالِّين، وإنما جاز أن يُعطف بـ (لا) على (غير) لأنهما جميعًا للنفي فتَناسَبَا، يقال: هذا غيرُ عاقلٍ وغيرُ عالمٍ، و: هذا غيرُ عاقلٍ ولا عالمٍ، و: هذا لا عاقلٌ ولا عالمٌ.
وقيل: كلمة (لا) لفائدةٍ زائدةٍ، فإن قولك: ما جاءني زيدٌ وعمرٌو، ينفي مجيئَهما جميعًا (^٢). وقولُكَ: ما جاءَني زيدٌ ولا عَمرٌو، ينفي مجيئهما جميعًا (^٣) وتَفْرِقةً، وهذا أبلغُ في النفي، فكذلك في سؤال التثبيت على طريقِ المنعَم عليهم، والعصمةِ عن طريقِ الضالِّين والمغضوبِ عليهم.
وأما قولُه تعالى: ﴿الضَّالِّينَ﴾ فالضَّلَالُ نقيضُ الرُّشد، وهو في القرآن لمعانٍ:
للغيِّ (^٤) والكفر: قال اللَّه تعالى خبرًا عن إبليس لعائنُ اللَّه عليه: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ﴾ [النساء: ١١٩].
وللزَّلل (^٥): قال تعالى: ﴿لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ﴾ [النساء: ١١٣].
وللخَسَار: قال تعالى: ﴿وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾ [غافر: ٢٥].
(^١) في النسخ الثلاث: "ولا"، والصواب المثبت.
(^٢) في (أ): "جمعًا".
(^٣) في (أ): "جمعًا".
(^٤) في (ر): "الضلال بمعنى الغي".
(^٥) في (أ): "وللتزلل".