التقرير والتحبير في شرح كتاب التحرير
التقرير والتحبير في شرح كتاب التحرير
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٤٠٣هـ - ١٩٨٣م
ژانرونه
اصول فقه
الصَّحِيحَيْنِ.
(إذْ عُلِمَ أَنَّهُ شَارِعٌ وَحُكْمِيٌّ عَلَى الْوَاحِدِ) أَيْ وَإِذْ عُلِمَ أَنَّهُ قَالَ: حُكْمِيٌّ عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِيٌّ عَلَى الْجَمَاعَةِ كَمَا هُوَ مُشْتَهِرٌ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَلَمْ نَرَهُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ لَمْ أَرَ لَهُ سَنَدًا قَطُّ، وَسَأَلْت شَيْخَنَا الْحَافِظَ الْمِزِّيَّ وَشَيْخَنَا الذَّهَبِيَّ فَلَمْ يَعْرِفَاهُ اهـ وَقَدْ جَاءَ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ فَأَخْرَجَ مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «عَنْ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رَقِيقَةَ أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي نِسْوَةٍ نُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلُمَّ نُبَايِعْك، فَقَالَ: إنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ إنَّمَا قَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ كَقَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ» وَفِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ وَالطَّبَرِيِّ: «إنَّمَا قَوْلِي لِامْرَأَةٍ كَقَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ» وَهُوَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَطَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ بِاللَّفْظَيْنِ فَكَمَا أَنَّ رَجْمَ مَاعِزٍ مُفِيدٌ لِلْعُمُومِ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ حَالُهُ كَحَالِهِ لِكُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الْقَرِينَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْخُصُوصَ فَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ مُفِيدِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ (أَوْ ضَرُورَةً مِنْ نَفْيِ النَّكِرَةِ) أَيْ أَوْ كَكَوْنِ الْعُمُومِ ثَبَتَ ضَرُورَةً كَمَا فِي نَفْيِ النَّكِرَةِ فَإِنَّهَا حَيْثُ كَانَتْ مَوْضُوعَةً لِفَرْدٍ مُبْهَمٍ كَانَ انْتِفَاؤُهُ بِانْتِفَاءِ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ.
فَكَانَ انْتِفَاءُ جَمِيعِ الْأَفْرَادِ ضَرُورَةَ انْتِفَائِهِ كَمَا سَيَأْتِي التَّعَرُّضُ لَهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى (وَأَلْزَمُوا) أَيْ الْقَائِلُونَ بِوَضْعِهَا لِلْخُصُوصِ وَاسْتُفِيدَ مِنْهَا الْعُمُومُ بِالْقَرَائِنِ (أَنْ لَا يُحْكَمَ بِوَضْعِيٍّ لِلَفْظٍ) عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ؛ إذْ يَتَأَتَّى فِيهِ تَجْوِيزُ كَوْنِهِ فُهِمَ مِنْهُ بِالْقَرَائِنِ لَا بِالْوَضْعِ فَيَنْسَدُّ بَابُ الِاسْتِدْلَالِ بِأَنَّ اللَّفْظَ مَوْضُوعٌ لِكَذَا وَهُوَ مَفْتُوحٌ (إذْ لَمْ يُنْقَلْ قَطُّ عَنْ الْوَاضِعِ) التَّنْصِيصُ عَلَى الْوَضْعِ حَتَّى يَمْتَنِعَ أَنْ يَطْرُقَهُ هَذَا التَّجْوِيزُ (بَلْ أُخِذَ) أَيْ حُكِمَ بِوَضْعِ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى (مِنْ التَّبَادُرِ) أَيْ تَبَادُرِ الْمَعْنَى (عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) لِلَّفْظِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَمْنَعُ التَّجْوِيزَ الْمَذْكُورَ ثُمَّ الْحَاصِلُ أَنَّهُ تَجْوِيزٌ لَا يَمْنَعُ الظُّهُورَ فَلَا يَقْدَحُ فِيهِ (وَأَيْضًا شَاعَ) وَذَاعَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ (احْتِجَاجُهُمْ) أَيْ الْعُلَمَاءِ سَلَفًا وَخَلَفًا (بِهِ) أَيْ بِالْعُمُومِ مِنْ الصِّيَغِ الْمُدَّعَى كَوْنُهَا لَهُ وَضْعًا (كَعُمَرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي مَانِعِي الزَّكَاةِ بِ أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ ﵁ لِأَبِي بَكْرٍ ﵁ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنَى دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاَللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. قَالَ عُمَرُ: فَوَاَللَّهِ مَا هُوَ إلَّا أَنْ رَأَيْت اللَّهَ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْت أَنَّهُ الْحَقُّ فَقَدْ فَهِمَ عُمَرُ الْعُمُومَ وَاحْتَجَّ بِهِ وَقَرَّرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعَدَلَ إلَى الِاحْتِجَاجِ فِي الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ إلَّا بِحَقِّهَا (وَأَبِي بَكْرٍ) أَيْ وَكَاحْتِجَاجِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى الْأَنْصَارِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ») وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ كَمَا وَقَعَ فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُونَ وَتَعَقَّبَهُمْ شَيْخُنَا الْحَافِظُ بِأَنَّهُ لَيْسَ هَذَا اللَّفْظُ مَوْجُودًا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَإِنَّمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فِي قِصَّةِ السَّقِيفَةِ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ إنَّ الْعَرَبَ لَا تَعْرِفُ هَذَا الْأَمْرَ إلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ نَعَمْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ لَكِنْ فِيهِ انْقِطَاعٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِسَعْدٍ يَعْنِي ابْنَ عُبَادَةَ لَقَدْ عَلِمْتَ يَا سَعْدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِقُرَيْشٍ أَنْتُمْ وُلَاةُ هَذَا الْأَمْرِ. فَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَنَدُ مَنْ عَزَا ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ فَذَكَرَهُ بِالْمَعْنَى اهـ.
فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: وَكَاحْتِجَاجِ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا
1 / 185