173

Al-Tankeel bima fi Ta'neeb Al-Kawthari min Al-Abateel

التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل - ط المكتب الإسلامي

خپرندوی

المكتب الإسلامي

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

ژانرونه

عباس على تفسير القرآن، فالآن قد علمت أنه أوتي علمًا» وعنه أيضًا أنه قال: أكثر أبو هريرة، فقيل له: هل تنكر شيئًا مما يقول؟ قال: لا، ولكنه اجترأ وجبنا، فبلغ ذلك أبا هريرة فقال: فما ذنبي إن كنت حفظت ونسوا؟ راجع الإصابة ترجمة ابن عباس وترجمة أبي هريرة.
وإقدام أبي حنيفة كان من الضرب المحمود، وقد روى الخطيب نفسه ... هاتين الحكايتين اللتين ذكرهما الأستاذ في (التأنيب) فهذا وغيره يدل على بعد أبي حنيفة عن الجرأة المذمومة فأما إذا علمنا أن ابن عيينة كان يطيب الثناء على أبي حنيفة فإن ذلك يرشدنا إلى حمل تلك المقالة على معنى آخر أدنى إلى الصواب، مع ما فيه من الحكمة البالغة التي تهدينا إلى باب عظيم النفع في فهم ما ينقل عن أهل العلم من كلام بعضهم في بعض.
وحاصله أن أكثر الناس مغرون بتقليد من يعظم في نفوسهم والغلو في ذلك، حتى إذا قيل لهم: إنه غير معصوم عن الخطأ والدليل قائم على خلاف قوله في كذا فدل ذلك على أنه أخطأ ولا يحل لكم أن تتبعوه على ما أخطأ فيه، قالوا: هو أعلم منكم بالدليل، وأنتم أولى بالخطأ منه فالظاهر أنه قد عرف ما يدفع دليلكم هذا، فإن زاد المنكرون فأظهروا حسن الثناء على ذلك المتبوع كان أشد لغلو متبعيه.
خطب عمار بن ياسر في أهل العراق قبل وقعة الجمل ليكفهم عن الخروج مع أم المؤمنين عائشة فقال «والله إنها لزوجة نبيكم ﷺ في الدنيا والآخرة ولكن الله ﵎ ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي» أخرجه البخاري في (الصحيح) من طريق أبي مريم الأسدي عن عمار، وأخرج نحوه من طريق أبي وائل عن عمار فلم يؤثر هذا في كثير من الناس بل روي أن بعضهم أجاب قائلًا «فنحن مع من شهدت له بالجنة يا عمار» .
فلهذا كان من أهل العلم والفضل من إذا رأى جماعة اتبعوا بعض الأفاضل في أمر يرى أنه ليس لهم فيه إما لأن حالهم غير حاله وإما لأنه يراه أخطأ -

1 / 190