Al-Sunnah and Its Importance by Al-Siba’i, Islamic Office Edition
السنة ومكانتها للسباعي ط المكتب الإسلامي
خپرندوی
المكتب الإسلامي
د ایډیشن شمېره
الثالثة
د چاپ کال
١٤٠٢ هـ - ١٩٨٢ م (بيروت)
ژانرونه
وخذ لذلك مثلًا آخر مِمَّا أنكره على أبي هريرة، وقد رواه " البخاري "، و" مسلم ": «تَحَاجَّتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الجَنَّةُ: مَا لِي لاَ يَدْخُلُنِي إِلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ؟، قَالَ اللَّهُ ﵎ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ: فَلاَ تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ» (١).
ونحن لا ندري ما وجه الاستنكار لهذا الحديث؟
إن كان وجه الإنكار، هو أن الله يضع «رِجْلَهُ» ففي القرآن جاء إثبات اليد، والوجه، والعين، والمجيء وغير ذلك للهِ تعالى، ومذاهب العلماء معروفة في مثل هذه الألفاظ، فالسلف يقولون بها من غير تأويل مع تنزيه اللهِ عن مشابهته للبشر في شيء ما، والخلف يذهبون إلى تأويل اليد بالقدرة مثلا، تمشيًا مع مبدأ تنزيه الله عن مشابهة البشر، وهو المبدأ الذي يُسَلِّمُ به الجميع. فما يقال في القرآن يقال مثله في الحديث.
وإن كان الاستنكار لِتَكَلُّمِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فقد جاء في القرآن أن الله قال للسماوات والأرض: ﴿ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ (٢).
وإن كان وجه الإنكار، أو «الاستغراب» أن يأتي اللهُ إلى النار، فإن القرآن أثبت المجيء، يوم القيامة بقوله: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ (٣).
وفي القرآن الكريم أيضًا: ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ (٤).
وبالجملة، فإن تحكيم العقل في مسألة الألوهية، وصفاتها من سخافة العقل نفسه، ولا تُؤَدِّي عند هؤلاء المغترين بعقولهم، إلا إلى الإلحاد غالبًا، فَخَيْرٌ للعقل أن يُفَكِّرَ فيما يستطيع التفكير فيه، وإذا كان العقل لا يزال عاجزًا عن معرفة سِرِّ
_________
(١) أخرجه " البخاري ": ٨/ ١٢٢ بشرح ابن حجر، و" مسلم ": ١٧/ ١٨٠ بشرح النووي.
(٢) [سورة فصلت، الآية: ١١].
(٣) [سورة الفجر، الآية: ٢٢].
(٤) [سورة ق، الآية: ٣٠].
1 / 38