Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه
خپرندوی
دار الفكر العربي
شمېره چاپونه
الثانية
د چاپ کال
۱۳۹۸ ه.ق
مكاناً فى الشهرة العلمية ، وقد تفرق فى القديم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى تلك المدائن فكان لكل صحابى تلاميذ ، وآراء فقهية توائم ما عليه أهل تلك المدائن ، ثم إن كل مدينة لها مظاهرها الاجتماعية والتجارية والعلمية ، وتريد أن تكون لها المكانة السامية بكثرة علمائها وفقهاتها .
وقد وصف أستاذنا المرحوم الشيخ الخضرى ، طيب الله ثراه ، أحوال تلك المدن فى العصر العباسى الأول، فى كتابه تاريخ التشريع الإسلامى فقال: إذا أطللت على منتهى المملكة الإسلامية، من جهة الغرب، حيث جزيرة الأندلس ، وجدت مدينة قرطبة تسعى إلى مسامات بغداد ، تحت نظر الأمير الجليل عبد الرحمن بن معاوية مؤسس الدولة الأموية فى الأندلس وتجد فى أفريقيا مدينة القيروان التى ورثت عظمة المدن الأفريقية الرومانية وانتقل إليها جمالها، وتجد بعد ذلك مدينة الفسطاط حاضرة مصر، وقد جمع مسجدها الأعظم حلقات العلماء الذين أبقوا لهم أكبر الآثار فى الاجتهاد والاستنباط ، وهم الذين أظهروا للناس كافة - فقه الأئمة المجتهدين على اختلاف مذاهبهم ... والمطلع على ما كتبه مؤرخو هذا البلد يرى له من الحضارة فى العلم والتجارة والصناعة مالا يقل عن مدينة بغداد ، ثم تجد مدينة دمشق فهى وإن زايلتها أبهة الخلافة لم تزل حافظة لتلك العظمة التى ورثها إياها بنو أمية ، ولا تزال الكوفة والبصرة آهلتين بالعلماء والحكماء ، ومع قرب بغداد منهما لم تستطع بعظمتها أن تكسف شمسهما ، لأن البصرة كانت الثخر الأعظم لتجارة الهند ، والكوفة مقر العنصر العربى . وإذا توجهت إلى الشرق رأيت مدن مرو ونيسابور وغيرهما من المدن العظام ، وقد استلزمت الحضارة اتساع نطاق التجارة ، والزراعة والصناعة ، وكل ذلك قد بلغ أشده فى هذا الدور ، حتى صارت الرقعة الإسلامية تزهو بحضارتها على كل حضارة سبقتها ، لأنها خلاصة حضارات مختلفة .
ولا مراء فى أن لذلك أثراً كبيراً فى الفقه ، لأنه يمكن القائم به من وضع المسائل المختلفة ، ليستنبط الجواب عنها
57