55

Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه

خپرندوی

دار الفكر العربي

شمېره چاپونه

الثانية

د چاپ کال

۱۳۹۸ ه.ق

الإيجابي مسلكه في الجدل الفقهي وقوة احتجاجه، فقد كان يجادل بعض فقهاء الرأي ممن أدرجوا في سلك المعتزلة كبشر المريسي، وأولئك قد تمرسوا بالجدل وأتقنوه، فلعل الشافعي قد درس طرائقهم في الجدل، وكيف يؤتى الخصم، وكيف تنتزع الحجة من أقواله، فإن ذلك مما اشتهر به الشافعي، وفاضت به كتبه، وعلى أي حال فالعصر في جملة نواحيه كان عصر جدل واحتجاج.

٣٥ - وإن الفرق الإسلامية التي كانت تمتشق السيف لانتزاع الملك من الأمويين، وهم الشيعة والخوارج قد فل سيفهم، وضعفت شوكتهم، فسكنت الفتن، ولكن منتحلي هذه النحل قد حولوا جهادهم في سبيلها من امتشاق السنان إلى امتشاق القلم، فقد أخذوا ينظمون آراءهم، ويدونون حججهم، ويدافعون عنها بالدليل والبرهان، عندما تمكنهم الفرصة، وتواتيهم النهزة، فتكونت مذاهب الشيعة، فكان منهم الإمامية الإثنا عشرية، ولهم فقه متميز، وكان منهم الإمامية الإسماعيلية وكانت لهم فلسفة واجتماعات ودعايات، وكان منهم الزيدية، ولهم فقه عظيم يدرس في هذا العصر، وقد كشفت بعض الآثار الإسلامية في ميلانو، فوجد مخطوط منسوب للإمام زيد المتوفى سنة ١٢٢ هـ وهو في الفقه، وسواء أصح ذلك المخطوط في نسبته إلى الإمام زيد أم لم يصح، فمما لا شك فيه أن فقه الشيعة كان يدرس ويعلن في عصر الشافعي، وقد رأيت فيما أسلفنا لك من القول أن الشافعي كان مطلعاً على آراء مقاتل بن سليمان، وهو شيعي زيدي، فهو بلا ريب قد أوتي علماً بهذه النحلة، أو على الأقل بفقهها، وإن لم يذكر اسمها في كتبه، فإنه قد ذكر مجادلات كثيرة ولم يعلن أسماء أصحابها.

٣٦ - ولقد كان من طبيعة انصراف طوائف من الناس للعلوم المختلفة يدرسونها ويذاكرونها أن يتجه العلماء إلى تدوين علومهم، وهذا ما امتاز به العصر العباسي، فقد كان العصر الأموي الاتجاه العلمي فيه إلى التلقي والاستماع، وخصوصاً في العلوم الدينية، أما في العصر العباسي، فقد

55