Al-Shafi'i: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه
خپرندوی
دار الفكر العربي
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
۱۳۹۸ ه.ق
وجعل منهم كتابه وحجابه وجلساءه، والمقربين إليه الأدنين، والمحكمين في العلم وأهله، والشافعي ينفر من المعتزلة ومناهج بحثهم، ويفرض عقوبة على بعض من يخوض مثل خوضهم، ويتكلم في العقائد على طريقتهم، فما كان لمثل الشافعي أن يرضى بالمقام معهم، وتحت ظل الخليفة الذي مكن لهم، حتى أداه الأمر بعد ذلك إلى أن أنزل بالفقهاء والمحدثين المحنة التي تسمى في التاريخ الإسلامي محنة ((خلق القرآن)). ولقد يروى أن المأمون عرض على الشافعي أن يوليه القضاء، فاعتذر، وهذا يتفق مع منطق تفكيره، ومع سلسلة حياته التي علمناها من قبل.
لم يطب للشافعي المقام ببغداد، وكان لابد من الرحيل منها، ولم يجد مهاجراً وسعة إلا في مصر، ذلك أن واليها قرشي هاشمي عباسي. قال ياقوت في معجمه: وكان سبب قدومه إلى مصر أن العباس بن عبد الله ابن العباس بن موسى بن عبد الله بن عباس دعاه. وكان العباس هذا خليفة لعبد الله المأمون على مصر.
ولقد قال الشافعي عندما أراد السفر إلى مصر:
لقد أصبحت نفسي تتوق إلى مصر ومن دونها قطع المهامة والقفر
تساءل الشافعي في هذا الشعر أيساق إلى الغنى والفوز في مصر أم يساق إلى القبر، ولقد أجابه القدر عن سؤاله فساقه إليهما معاً، فقد نال الغنى بما كان يأخذه من سهم ذوي القربى الذي قد ناله بنسبه الشريف، ونال الفوز بنشر علمه وآرائه، وفقهه، ثم ناله الموت، فكان مسوقاً إلى قبره بمصر، فقد مات في آخر ليلة من رجب سنة ٢٠٤ هـ وقد بلغ من العمر أربعة وخمسين عاماً.
وقبل أن نختم الكلام في حياة الشافعي، لابد من الإشارة إلى أمر علمي له صلة بحياته وتاريخه، ذلك أن الشافعي بعد قدومه إلى بغداد سنة ١٩٥، بل قبل ذلك في دراسته بمكة - كان صاحب طريقة جديدة في الفقه، وصاحب آراء جديدة فيه تنفصل عن آراء مالك، ولكنه لم يتجه
29