174

Al-Sahih al-Mathur fi Alam al-Barzakh wal-Qubur

الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

ژانرونه

أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ: "اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ المَوْتَ" (١).
بكاء النبي ﷺ لموت ولده إبراهيم ﵇ -
إِبْرَاهِيم ﵇ وَلَد النَّبِيِّ ﷺ مِنْ مَارِيَةَ ﵂، كان إبراهيم ﵇ عند ... أَبِي سَيْفٍ القَيْنِ (الحدّاد) زوج مُرْضِعَته، وَاسْمُهَا خَوْلَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ، وكان النَّبِيُّ ﷺ يدخل عليه، فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ، ويشمّه، ثُمَّ يَرْجِعُ، ثم دخل عليه بعد ذلك وهو يموت فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، وهو يجود بنفسه الزَّكِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْه، فَدَمَعَتْ عَيْناه ﷺ.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁، قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ الله ﷺ عَلَى أَبِي سَيْفٍ القَيْنِ، وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ ﵇ (زوج مرضعته)، فَأَخَذَ رَسُولُ الله ﷺ إِبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ، وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ الله ﷺ تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ﵁: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ الله؟ فَقَالَ ﷺ: "يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ ﷺ: إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ" (٢).
فأثبت الدَّمع للعين، والحزن للقلب، وبيّن أنَّ هذا لا ينافي الصَّبر، ولا يُعَدُّ
من الجزع. فإذا بكينا عزيزًا، أو انطوى فؤادنا على حزن لفراق حميم ووحشة لخلوِّ مكانه، فإنَّ لنا أسوة حسنة، فقد بكى لموت الأحبَّة وحزن لفقدهم نَبِيُّ الرَّحْمَةِ ﷺ، فاسمح لقلبك أن يحزن، ودمع العين أن يجري؛ فلن تظلَّ عَيْنٌ على الدَّهر تدمع، ولا

(١) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٢/ص ٦٧١) كِتَابُ الْجَنَائِزِ.
(٢) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٢/ص ٨٣/رقم ١٣٠٣) كِتَابُ الجَنَائِزِ.

1 / 175