Al-Sahih al-Mathur fi Alam al-Barzakh wal-Qubur
الصحيح المأثور في عالم البرزخ والقبور
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
ژانرونه
هذه الشَّدائد سكرةُ الموت، قال تعالى: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩)﴾ [ق]، فقد استعير لفظ السَّكرة لهول الموت وشدَّته. وهناك آيات أُخَر تصوِّر شدَّة الموت، قال تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ ... (٩٣)﴾ [الأنعام]، وقال تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣)﴾ [الواقعة]، وقال تعالى: ﴿... كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (٢٦)﴾ [القيامة].
وقال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ... (٥٧)﴾ [العنكبوت]، أي كلّ نفس تحسُّ بشدَّة الموت عند الاحتضار. ولفظة (ذائقة) فيها استعارة تصْرِيحِيَّة تبَعِيَّة، فقد شبَّه طعم الموت المرّ عند الاحتضار، بطعم الشَّراب المرّ الّذي يتجرّعه الإنسان، واستخدم المشتقّ اسم الفاعل (ذائق)، وعدل عن الفعل (تذوق) للدَّلالة على التَّحقُّق.
ولمّا مرض النَّبيُّ ﷺ مرض الموت كان عنده عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي المَاءِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَيَقُولُ: "لا إِلَهَ إِلَّا الله، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ" (١).
وهذا يدلّك على شدَّة كان يعالجها النَّبيُّ ﷺ، فإذا كان هذا حاله ﷺ؛ فاللَّهُمَّ أعنَّا على مَا بَين أَيْدِينَا، أَعِنَّا عَلَى سَكَرَات المَوْت يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ!
وخير زاد نواجه به الشَّدَائِد أن نحفظ حدود الله تعالى، قال النَّبيُّ ﷺ ... لابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ يَوْمًا: "يَا غُلامُ، أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِنَّ؟ فَقُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ،
(١) البخاري "صحيح البخاري" (ج ٦/ص ١٣/رقم ٤٤٤٩) كِتَابُ المَغَازِي.
1 / 131