Al-Sahib and Caliph Abu Bakr Al-Siddiq
الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق
ژانرونه
شبهة الطعن في أبي بكر الصديق بسبب ميراث الرسول ﷺ
هناك قضية أخرى غير هذه الشبهة أثير حولها كلام كثير من كثير من طوائف الشيعة، وأيضًا من المستشرقين، هذه القضية هي قضية ميراث الرسول ﷺ.
القضية لها علاقة وثيقة بقصة استخلاف أبي بكر الصديق ﵁ وأرضاه، فالقضية من أول أعماله ﵁ وأرضاه في الخلافة، ونتج عنها بعض المواقف التي أساء المستشرقون وأحبابهم فهمها، واستغلوها في الطعن في عظماء الصحابة.
الرسول ﷺ ترك أرضًا كانت له بالمدينة وفدك وهي قرية خارج المدينة المنورة، وما بقي من خمس خيبر، وبعد وفاته ﷺ ذهب العباس وعلي ﵄ يطلبان نصيب العباس ونصيب فاطمة بنت رسول الله ﷺ من إرث رسول الله ﷺ، فقال الصديق ﵁ لهما كما جاء في صحيح البخاري: إن رسول الله ﷺ قال: (لا نورث، ما تركنا صدقة، ثم قال الصديق ﵁ وأرضاه: إنما يأكل آل محمد ﷺ في هذا المال، وإني والله! لا أغير شيئًا من صدقة رسول الله ﷺ عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله ﷺ، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله ﷺ.
وقال أيضًا في رواية أخرى للبخاري: لست تاركًا شيئًا كان رسول الله ﷺ يعمل به إلا عملت به.
ثم قال كلمة جميلة، قال: فإني أخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ.
إنها كلمة جميلة جدًا من الصديق ﵁ وأرضاه، كلمة رائعة تلخص فلسفة الصديق ﵁ وأرضاه في حياته.
اللهم! ارزقنا فهمًا كهذا الفهم، وعملًا كهذا العمل، وإخلاصًا كهذا الإخلاص.
إذًا: أبو بكر الصديق عرف عليًا والعباس ﵁ بحكم هام وهو أن الأنبياء لا يورثون درهمًا ولا دينارًا، وما تركوه فهو صدقة، أي: في بيت مال المسلمين، وقد شاء الله ﷿ ذلك الأمر، حتى لا يكون ذلك شبهة لمن يقدح في نبوتهم بأنهم طلبوا الدنيا وورثوها لورثتهم، ولذلك فحياة الأنبياء صلوات الله عليهم وتسليماته كانت زهدًا وورعًا وبعدًا عن الدنيا، وكذلك يكون الحال أيضًا لورثتهم.
ولكن هل كان هذا الحكم خافيًا على علي بن أبي طالب ﵁؟ أبدًا لم يكن خافيًا عليه هذا الحكم، بل لم يكن خافيًا أيضًا على العباس ﵁، ولم يكن خافيًا عن كثير من الصحابة.
فقد روي نفس الحديث من طريق أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف والعباس والسيدة عائشة وأبي هريرة، كل هؤلاء نقلوا نفس الحديث بنفس الألفاظ.
فما هو تفسير طلب علي والعباس ﵄ الإرث؟ وما تفسير سؤال السيدة فاطمة ﵂ نصيبها من أبيها ﷺ؟ ولما رفض أبو بكر الصديق إعطاء العباس وعلي ﵄ من الإرث تشهد علي بن أبي طالب ﵁ وحمد الله ثم قال: إنا نعرف يا أبا بكر! فضيلتك، ثم ذكر علي قرابته من رسول الله ﷺ وحقهم، أي: أنه ما زال يطلب الإرث لزوجته، فقال أبو بكر ﵁: والذي نفسي بيده! لقرابة رسول الله ﷺ أحب إلي من أن أصل من قرابتي.
أي: أنه لا يقطع قرابة رسول الله ﷺ، ولكنه يقضي بما يراه صوابًا، فما تفسير تكرار الطلب من علي ﵁ مع علمه بالحكم؟! ولما رفض أبو بكر الأمر وجدت السيدة فاطمة ﵂، أي: حزنت وغضبت في نفسها، كما جاء في رواية البخاري، وهجرت الصديق ﵁ فلم تكلمه حتى مرضها الأخير التي ماتت فيه بعد ستة شهور كاملة من وفاة رسول الله ﷺ، فما تفسير غضبها وهجرانها لـ أبي بكر الصديق ﵁ وأرضاه؟! وطبعًا المستشرقون والمستغربون والشيعة وجدوا في هذا الموقف مادة ثرية للطعن في كل الصحابة، فمنهم من اتهم أبا بكر الصديق ﵁ وأرضاه بالظلم؛ لأنه حرم السيدة فاطمة من نصيبها في الإرث.
ومنهم من اتهم السيدة فاطمة وعلي والعباس بحب الدنيا والسعي وراءها، وبمخالفة الشرع بطلب شيء نهى عنه رسول الله ﷺ.
ومنهم من ا
11 / 8