111

Al-Sahib and Caliph Abu Bakr Al-Siddiq

الصاحب والخليفة أبو بكر الصديق

ژانرونه

الرد على شبهة أن علي بن أبي طالب لم يكن راضيًا ببيعة أبي بكر فأخر البيعة وهنا شبهة أخرى للتأكيد على أحقية علي بن أبي طالب ﵁ وأرضاه بالخلافة: قالوا: إنه لم يكن راضيًا على اختيار أبي بكر الصديق ﵁، ولذلك لم يبايعه لمدة ستة شهور كاملة. فنقول: أولًا: هل غضب علي بن أبي طالب ﵁ حقًا، وإن كان غضب فلماذا غضب؟! الحقيقة أن هناك رواية صحيحة في صحيح مسلم تذكر أن علي بن أبي طالب ﵁ وأرضاه لم يبايع إلا بعد وفاة السيدة فاطمة ﵂ بعد ستة شهور من وفاة الرسول ﷺ، وستة شهور من مبايعة أبي بكر الصديق ﵁ وأرضاه. ومع ذلك فقد روى ابن حبان وغيره بسند صحيح موصولًا إلى أبي سعيد الخدري ﵁: أن عليًا بايع أبا بكر الصديق ﵁ في اليوم الثاني للخلافة. فما تفسير ذلك؟! وكيف نجمع بين الروايتين؟! التفسير الذي يرجحه ابن كثير ﵀: أن علي بن أبي طالب ﵁ قد بايع مرتين: المرة الأولى وفي اليوم الثاني من وفاة رسول الله ﷺ، والمرة الثانية بعد وفاة السيدة فاطمة ﵂، وذلك بعد ستة شهور من المبايعة الأولى للصديق ﵁. أما المبايعة الأولى فهي التي جاءت في رواية الحاكم والبيهقي وابن سعد وابن حبان بسند صحيح كما ذكرنا عن أبي سعيد الخدري ﵁ وفيها: أن أبا بكر الصديق ﵁ صعد المنبر في اليوم الثاني، وهو اليوم الذي كان يوم بيعة الجمهور، فنظر ﵁ في وجوه القوم فلم ير الزبير بن العوام ﵁، فدعا بـ الزبير فجاء، وكان الزبير في ذلك الوقت في بيت الرسول ﷺ يجهزه للدفن، فقال أبو بكر له: ابن عمة رسول الله ﷺ وحواريه، أردت أن تشق عصا المسلمين؟! يعني: أن سيدنا أبا بكر يلوم سيدنا الزبير أنه لم يأت ويبايع سيدنا أبا بكر الصديق كما بايع عامة المسلمين، فقال الزبير بن العوام: لا تثريب -أي: لا لوم- يا خليفة رسول الله ﷺ! فقام فبايعه، ثم نظر أبو بكر في وجوه القوم، فلم ير عليًا فدعا به فجاء، فقال له: ابن عم رسول الله ﷺ وختنه على ابنته، أردت أن تشق عصا المسلمين؟! ختنه يعني: زوج ابنته. فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله ﷺ! فبايعه. ففي هذه الرواية التصريح بالمبايعة، فتخلف الزبير وعلي ﵁ عن الحضور في يوم السقيفة وفي اليوم الثاني لأنهما كانا مشغولين بتجهيز رسول الله ﷺ للدفن، ولما استراب أبو بكر ﵁ لغيابهما، أرسل إليهما يلومهما، فجاءا يعتذران ويبايعان. روى الطبري بأسانيده عن حبيب بن ثابت ﵀: أن عليًا كان في بيته، فأتى إليه الخبر عن جلوس أبي بكر للبيعة، فخرج في قميص ما عليه إزار ولا رداء عجلًا كراهية أن يبطئ عنه حتى بايعه، ثم جلس إليه، وبعث فأحضر ثوبه وتجلله، ولزم مجلسه. فلماذا كان سيدنا علي بن أبي طالب والزبير بن العوام يشعران بشيء من الغضب أو عدم الرضا بخصوص ما تم في سقيفة بني ساعدة؟ الجواب لم يكن ذلك لعدم اقتناعهما بـ أبي بكر الصديق أبدًا، ولكن لأنهما أخرا عن المشورة، وهما -كما يعلم الجميع- على درجات عالية من الفضل والسبق والرأي. روى الحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن عوف ﵁: أن علي بن أبي طالب والزبير بن العوام قالا: ما غضبنا إلا لأنا أخرنا عن المشورة. فهذا تصريح عن سبب الغضب. قالا: وإنا نرى أبا بكر أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار، وإنا لنعرف شرفه وخبره، ولقد أمره رسول الله ﷺ بالصلاة بالناس وهو حي. إذًا: كانت هذه هي المبايعة الأولى. وهناك أمر آخر كان مع هذه المبايعة الأولى، كان هناك حدث آخر صاحب هذه المبايعة، وهو طلب السيدة فاطمة ﵂ ميراث رسول الله ﷺ، فلما جاء علي بن أبي طالب يطلب ميراث السيدة فاطمة من أبيها ﷺ، رفض أبو بكر الصديق ﵁ وقال لها حديث رسول الله ﷺ: (لا نورث، ما تركناه صدقة)، فوجدت عليه السيد

11 / 6