Al-Qisas Al-Qurani - Yasser Burhami
القصص القرآني - ياسر برهامي
ژانرونه
الوعيد الشديد لمن آذى المؤمنين
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾ [البروج:١٠].
انظر إلى حقيقة الأمر، فإن الكفرة أرادوا إحراق المؤمنين، فجعل الله ﷿ لهم عذاب الحريق، وأرادوا أن يدخلوا المؤمنين النار فأدخلهم الله ﷿ نار جهنم، ولكنه استثنى ﷾ فقال: «ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا»، قال الحسن: انظروا إلى هذا الكرم قتلوا أولياءه، ثم هو يدعوهم إلى التوبة! فلا تنزلن الناس شيئًا من جنة أو نار، فأنت عبد تعبد الله في الشدة والرخاء، في العسر واليسر، في المنشط والمكره، وتعبد الله على أي حال، فلا تقل: عدوي لابد أن ينتقم الله منه، ومن آذاني فلابد أن يصيبه الله بأنواع الأذى، بل الأمر كما قال الله تعالى: ﴿وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ [إبراهيم:٢٧]، إذا أراد أن يهدي عبدًا هداه، ألم يقل النبي ﷺ: (يوم شج في وجهه وكسرت رباعيته: (كيف يفلح قوم شجوا نبيهم)؛ فأنزل الله ﷿: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [آل عمران:١٢٨])، وتاب الله ﷿ على بعض من لعنهم الرسول ﷺ، فكان يلعنهم في الصلاة ويقول: اللهم العن فلانًا وفلانًا وفلانًا، ومنهم صفوان بن أمية وعكرمة وغير واحد، وكانوا ممن تاب الله ﷿ عليهم، فالأمر لله ﷾.
والذي يعذب المؤمنين والمؤمنات بأي درجة من درجات الفتنة؛ ليمنعه من طاعة وعبودية الله ﷿، ولم يتب إلى الله ﷿ قبل موته، فإنه متوعد بعذاب جهنم وعذاب الحريق؛ لينال أشد أنواع العذاب، وأما المؤمنون فكما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ﴾ [البروج:١١].
إذًا: النجاح قد تحقق للطائفة المؤمنة مع أنها قتلت وأبيدت، ومع ذلك فقد فازت الفوز العظيم، الفوز الكبير، النجاح الأكبر الأتم، وهذا هو الهدف عباد الله! لذلك نقول: لنراجع أهدافنا، وماذا نريد؟ فنحن نريد الجنة ونريد مرضاة الله من خلال تحقيق العبودية له، بل حقيقة الأمر أن تحقيق العبودية مقصود لذاته، بمعنى: أن فيها الراحة والنعيم في هذه الأرض قبل أن يصل الإنسان إلى الجنة، وفي الجنة إنما يتنعم بقربه من إلهه ومولاه، فضلًا عن أنواع النعيم الحسي الذي في الجنة، فأعظم نعيم لأهل الجنة هو أنهم مقربون إلى الله ﷿، وأنهم يسلم عليهم ربهم ويكلمهم وينظر إليهم وينظرون إليه، لذلك نقول: هذا هو الهدف، فنحن نريد أن يرضى عنا ربنا ﷾ أيًا ما كانت النتائج، وأيًا ما تحقق منها، وأيًا ما لم يتحقق، وبأي طريقة مضت حياتنا، فالمهم أن نرضي الله ﷾، وأن نعبد الله ﷿، ولذلك سوف نسير على هذا الطريق مهما رأينا من عقبات وعثرات ومعوقات، ومهما رأينا من أعداء تتكالب، بشرط أن نثبت ولا نقبل التنازل، ولا نقبل أن نجعل القرآن عضين نقبل بعضه ونترك بعضه، فهناك أشياء لا مانع من قبولها وأشياء لا تقبل، وديننا نأخذه كله، وكتابنا نؤمن به كله، وأما أعداء الله كاليهود الذين آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض فليس لنا فيهم الأسوة، وإنما أسوتنا فيمن آمن بالكتاب كله، وهؤلاء لا يريدون أن يؤمنوا بالله ﷾ ولا بما أنزل، فنحن لا يمكن أن نكون متابعين لهم.
1 / 7