الدليل الحادي عشر: ما رواه الدارمي بسنده عن [جابر بن] (^١) عبد الله، عن النبي ﷺ قال: "مفتاح الجنة الصلاة" (^٢) وهذا يدل على أن من لم يكن من أهل الصلاة لم تفتح له الجنة، وهي تفتح لكل مسلم فليس تاركها مسلما، ولا تناقض بين هذا وبين الحديث الآخر وهو قوله: "مفتاح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله" (^٣). فإن الشهادة أصل المفتاح، والصلاة وبقية الأركان أسنانه التي لا يحصل الفتح إلا بها، إذ دخول الجنة موقوف على المفتاح وأسنانه، وقال البخاري: وقيل لوهب بن منبه أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله؟ قال: بلى، ولكن ليس مفتاح إلا وله أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك.
الدليل الثاني عشر: ما رواه محجن بن الأدرع الأسلمي: "أنه كان في مجلس مع النبي ﷺ، فأُذّن بالصلاة فقام النبي ﷺ ثم رجع، ومحجن في مجلسه، فقال له: ما منعك أن تصلي ألست برجل مسلم؟ قال: بلى ولكني صليت في أهلي، فقال له: إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت" (^١) رواه الإمام أحمد، والنسائي.
فجعل الفارق بين المسلم والكافر الصلاة، وأنت تجد تحت ألفاظ الحديث أنك لو كنت مسلما لصليت، وهذا كما تقول: مالك لا تتكلم ألست بناطق؟ وما لك لا تتحرك ألست بحي؟ ولو كان الإسلام يثبت مع عدم الصلاة لما قال لمن رآه لا يصلي ألست برجل مسلم؟
فصل
قال محمد تقي الدين: إن بعض علماء أهل السنة تأوّلوا ما جاء في الأحاديث من كفر تارك الصلاة بأنه من باب كفر دون كفر، كقول النبي ﷺ، "من أتى امرأة في دبرها فقد كفر"، فهذا الكفر لا يخرجه من الملة عند أهل السنة، لكن ماذا يصنع هؤلاء بقول النبي ﷺ "فقد برئت منه ذمة الله" (^١)، وبقوله ﵊ "فقد خرج من الملة" (^٢)، وسيأتي إجماع الصحابة.