الحسن، والدقة في التعبير، والسلامة من الأخطاء، وبحسن التوثيق وأمانته، وبكثرة المصادر والمراجع مطبوعها ومخطوطها، وبانسجام الآراء وتدرُّجها وكشفها للمجهول، وبراعة الخطة الموضوعة، وحسن السير عليها عند الإنجاز، ابتداءً من المقدمة وانتهاءً بالخاتمة التي صيغتْ فيها النتائجُ والمقترحاتُ على أحسن ما يكون الصَّوْغ، شهدتُ بما علمتُ، ودعَّمتُ ما قلتُ ببعض صفحات الرسالة ونصوصها.

إنها رسالةُ مميزةُ تنبئك عن المستوى الذي بلغه صاحبها من العلم بأسرار الشريعة، ومن حُسن الفهم لنصوص الأقدمين، ومن براعة التقويم لها ولأعمال الباحثين المعاصرين فيما يتصل بموضوع رسالته... يحسُّ قارئُها بأنها مشتملةٌ على إضافاتٍ مهمةٍ في فنِّ القواعد، ومتسمةٌ بحسن تنظيم للمسائل، ودالةٍ على ما يتمثَّع به الباحث من شخصيةٍ علميةٍ قويةٍ جعلتْ حضورَه واضحاً فيما اتخذه من مواقف وأبداه من آراء، وقام به من ترجيح واختيارٍ، مع النقد المبرّر والاستدلال المقنع.

ويجد قراء الرسالة من الطلبة والباحثين فيها إشاراتٍ متعدِّدةً إلى مواطن جديرةٍ بالبحث، قمينةٍ بأن تتناولها أقلامهم، متيحة لهم وضع لبناتٍ أخرى في صرح البحث الفقهي، وفي مجال القواعد بالخصوص، فصاحبنا عادل يذكر ما كان له من تقدم ومن نتائج جديدةٍ في هذا البحث بثقةٍ واعتدادٍ وشيءٍ من الاعتزاز المشوب بالتواضع، كما يشير إلى تمهيده لغيره من الباحثين، وإلى ما فتحه من أبواب المسائل المحتاجة إلى مزيد البيان والتفصيل والتحليل والدراسة.

وهكذا شأن البحث العلمي: لبناتٌ تضافُ وجهودٌ تتضافرُ، وتراكمٌ في المجال المعرفي، ونتائجُ مضافةٌ في حلقاتِ متواصلةٍ يقدِّرها أهل الاختصاص حقَّ قدرها، ويبني عليها اللاحقون بعد أن أرساها السابقون.