Jurisprudential Principles with Brief Explanation
القواعد الفقهية مع الشرح الموجز
خپرندوی
دار الترمذي
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
۱۴۰۹ ه.ق
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
القواعد الفقهية
مع الشرح الموجز
جمع وإعداد
عزت عبيد الدعاس
دار الترمذي
1
كلمة شكر وعرفان
نشكر الأستاذ فرحان طرابلسي لمشاركته
في إخراج هذا الكتاب ومراجعة ملازمه
أثناء الطبع
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى: حمص ١٣٨٥ هـ - ١٩٦٥ م
الطبعة الثانية: دمشق ١٣٩٩ هـ - ١٩٧٩ م
الطبعة الثالثة: دمشق ١٤٠٩ هـ - ١٩٨٩ م
دار الترمذي للطباعة والنشر والتوزيع
حمص جورة الشياح - شارع الربيع بناء / ٤٠ ص. ب ( ١٧٢ )
لبنان - بيروت ص. ب : ١٤/٥١٧٤
2
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
القَوَاعِدُ الفِقْهِيَّة
مَعَ الشَّرْحِ المُوْجَزِ
3
بسم الله الرحمن الرحيم
سُئِلَ النبي ﷺ عن الحُمُر؟
فقال: ما أنزل عليَّ فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذَّة. ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ سورة الزلزلة
استدل النبي ﷺ بعموم (مَنْ) لما لم يذكر له حكم. لأن صدقة الحُمُر ليس لها حكم خاص.
في رسالة لسيدنا عمر بن الخطاب أرسلها للقاضي أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، جاء فيها:
[ اعرف الأمثال والأشباه، ثم قِسِ الأمور عندك، فاعمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى ](١)
(١) الأشباه والنظائر للسيوطي.
4
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثالثة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد : فمنذ مدة نشرت رسالة تضمنت القواعد الفقهية الموجودة في أول مجلة (الأحكام العدلية) مع شرح موجز ونفدت والحمد لله . ونظراً لفقدان الطبعة الأولى والثانية أحببت إعادة طبعها .
واعتمدت في شرح هذه القواعد على :
أ - شرح المرحوم الشيخ محمد طاهر الأتاسي مفتي حمص على هذه القواعد طبع في حمص سنة ١٩٣٠ في مطبعة حمص .
ب - الأدلة الأصلية الأصولية للسيد محمد سعيد الغزي المطبوع سنة ١٩١٩ .
ج - مذكرة أستاذنا الشيخ محمد لطفي الفيومي حفظه الله .
5
د - كتاب المدخل الفقهي العام للشيخ الزرقاء، الجزء الثاني الطبعة السابعة - مطبعة جامعة دمشق سنة ١٩٦٣ م .
هـ- كتب أخرى متعددة كالأشباه والنظائر لابن نجيم والأشباه للسيوطي ومن هذه الكتب وغيرها استقيت هذا الشرح والتعليق.
وأرجو من المولى - عز وجل - الأجر والثواب وأن يعم نفعها كما نفع بأصولها، إنه نعم المولى ونعم النصير. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ربيع الثاني (١٤٠٩)
عزت عبيد الدعاس
بحمص
6
القواعد الفقهية:
١ - معنى القاعدة : في اللغة هي الأساس ، قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ﴾
البقرة ١٢٨
وفي اصطلاح الفقهاء : هي حكم ينطبق على معظم جزئياته كقولهم : ( الأمور بمقاصدها) وتسمى في الاصطلاح القانوني ( المبدأ ) .
والقاعدة : تمتاز بمزيد الإيجاز في صياغتها وعموم معناها ، وسعة استيعابها للفروع الجزئية ، فتصاغ عادة من كلمتين أو بضع كلمات من ألفاظ العموم .
٢ - وهذه القواعد : أحكام أغلبية غير مطردة ، وهي إنما تصور الفكرة الفقهية المبدئية لحل القضايا ، إلا أنه قد يُعدل عن هذه القواعد في بعض المسائل ، لمقتضيات خاصة بتلك المسائل تجعل الحكم الاستثنائي أقرب إلى مقاصد الشريعة في تحقيق العدالة ، وجلب المصالح ودرء المفاسد ودفع الحرج ولهذا كان من الملاحظ أن يتنبه الناظر في هذه القواعد فهي دساتير للتفقه لا نصوص للقضاء .،
7
٣ - مكانة هذه القواعد : ومع مالهذه القواعد من استثناءات، فلها قيمة علمية وموقع كبير في الفقه، ففيها تصوير بارع للمبادىء والمقررات الفقهية العامة، وكشف مسالكها النظرية، وضبط لفروع كثيرة في قواعد معدودة.
قال القرافي في مقدمة كتابه الفروق: وبقدر الإِحاطة بهذه القواعد يعظم قدر الفقيه وتتضح له مناهج الفتوى، ومن أخذ بالفروع الجزئية دون القواعد الكلية تناقضت عليه تلك الفروع واضطربت واحتاج إلى حفظ جزئيات لاتتناهى.
ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات لاندراجها في الكليات وتناسب عنده ماتضارب عند غيره (١. هـ) بتصرف (جـ ٣/١).
٤ - لمحة تاريخية عن القواعد الكلية : هذه القواعد لم توضع جملة واحدة في وقت معين على أيدي أناس معلومين، بل تكونت بالتدرج في عصور ازدهار الفقه ونهضته على أيدي كبار فقهاء المذاهب من أهل الترجيح والتخريج استنباطاً من دلالات النصوص وعلل الأحكام والمقررات العقلية.
8
كما لا يعرف لكل قاعدة صائغ معين إلا ماكان منها نص حديث شريف كقاعدة (١) (لاضرر ولاضرار) ومعظمها قد اكتسب الصياغة الأخيرة عن طريق الصقل والتحوير على كبار الفقهاء بعد استقرار المذاهب الفقهية الكبرى، وانصراف كبار أتباعها إلى تحريرها وترتيب أصولها وأدلتها. ويروى أن الإمام الدباس(٢) - وقد عاش في القرنين الثالث والرابع للهجرة - قد جمع سبع عشرة قاعدة كلية في مذهب أبي حنيفة وقد تلاه الكرخي(٣) المتوفى سنة (٣٤٠) هـ بمجموعة عددها سبع وثلاثون قاعدة إلا أن بعضاً منها ليس بمعنى القاعدة بل من قبيل الأفكار التوجيهية في تعليل
(١) ستأتي في القاعدة الثالثة رقم (١٥)
(٢) هو الإمام أبو طاهر محمد بن محمد الدباس، كان إمام أهل الرأي في العراق، حفظاً وخبيراً بالروايات، ومن أقران الكرخي، وقد ولي القضاء بالشام / الفوائد البهية في تراجم الحنفية للشيخ عبد الحي اللكنوي. ص١٠٩.
(٣) الكرخي: هو الإمام أبو الحسن عبيد الله بن الحسين الكرخي، نسبة إلى كرخ العراق، ولد سنة / ٢٦٠/ هـ وتوفي سنة / ٣٤٠ / هـ وانتهت إليه رئاسة المذهب الحنفي. أ.هـ.
9
المسائل ، ثم جاء الإِمام الدبوسي الحنفي، فوضع كتابه تأسيس النظر، وضمنه طائفة من الضوابط الفقهية الخاصة، بموضوع معين، ومن القواعد الكلية مع التفريع عليها.
ثم جاء إبن نجيم المصري المتوفى سنة (٩٧٠) هـ فجمع خمساً وعشرين قاعدة ثم جاء الفقيه الحنفي الخادمي فجمع أربعا وخمسين ومائة قاعدة إلا أن بعضها متداخل، وبعضها كتوجيهات للمذهب.
ثم جاءت مجلة الأحكام العدلية، تجمع في أولها مجموعة كبيرة من هذه القواعد مختارة بلغت تسعا وتسعين قاعدة في (٩٩) مادةً من المادة الثانية حتى المادة المائة أما المادة الأولى فكانت في تعريف الفقه(١).
وبعد المجلة، وضع مفتي دمشق - محمود حمزة - في كتابه الفرائد البهية في القواعد الفقهية مجموعة كبيرة أوسع
(١) ويعرف الفقه: بأنه العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية. وقد عرفت المجلة الفقه بالمادة الأولى بقولها [الفقه: علم بالمسائل الشرعية العملية].
10
وهو مطبوع في دمشق سنة ١٢٩٨(١) .
وقد نشط علماء المذاهب الأخرى الشافعية والمالكية والحنابلة في هذا الميدان منذ تأسيس هذه المذاهب .
٥ - أشهر الكتب التي اعتنت في التقعيد :
أ - قواعد الكرخي وقد شرحها ابن نجيم النسفي المتوفى سنة ٥٣٧ هـ .
ب - قواعد الأحكام لابن عبد السلام الشافعي المتوفى سنة ٦٦٠ هـ .
ج- الفروق للإمام القرافي المالكي المتوفى سنة ٦٨٤ هـ .
د- القواعد لابن رجب الحنبلي المتوفى سنة ٧٩٥ هـ .
هـ - الأشباه والنظائر للسيوطي المتوفى سنة ٩١١ هـ .
و- الأشباه والنظائر لابن نجيم الحنفي(٢) . ولد
(١) أعيد طبعه في دمشق بدار الفكر ١٩٨٦ .
(٢) خير طبعاته طبعة الحلبي بمصر سنة ١٣٨٧ هـ . بتحقيق عبد العزيز الوكيل . بدأ ابن نجيم كتابه الأشباه والنظائر بالقاعدة الأولى [ لا ثواب إلا بنية ] ص ٦
11
بالقاهرة عام ٩٢٦ وتوفى (٩٧٠) هـ .
ز - الأشباه والنظائر للإِمام السبكي الشافعي .
٦ - ترتيب هذه القواعد إلى أساسية وفرعية :
لقد جاءت هذه القواعد وفيها الكثير من الترادف والتداخل فيما بينها لذا كان من المفيد تصنيفها إلى أساسية وفرعية وقد رتبها الأستاذ الجليل الشيخ الزرقا في كتابه ( المدخل الفقهي العام ) إلى أساسية وفرعية وقد بلغت الأساسية الأربعين قاعدة .
وإليك هذه القواعد :
١ - القاعدة الأولى: [الأمور بمقاصدها ]م/٢ ((أي المادة الثانية من مجلة الأحكام العدلية)).
الشرح : أي إن الحكم الذي يترتب على فعل المكلف ينظر فيه إلى مقصده فعلی حسبه یترتب الحكم تملكاً وعدمه ، ثواباً وعدمه ، عقاباً وعدمه ، مؤاخذة وعدمها ، ضماناً وعدمه ، فمن قتل غيره عمداً بلا مسوغ مشروع فلفعله حكم ، وإن كان خطأ فله حكم آخر ، ومن قال لآخر : خذ
12
هذه الدراهم، فإن نوى التبرع بها كان هبة، وإلا كان قرضاً واجب الإعادة، ومن قال لزوجته: (أنت عليَّ كظهر أمي) ينظر إلى نيته، فإن نوى الظهار، فمظاهر، وإن نوى الكرامة، كانت كرامة وإن نوى الطلاق كان طلاقاً، لأن اللفظ يحتمل كل ذلك.
ومن التقط لقطة بقصد أخذها لنفسه كان غاصباً، ولو التقطها بنية حفظها وتعريفها وردها لصاحبها متى ظهر كان أميناً فلا يضمنها إذا هلكت بلا تعدٍّ عليها، أو تقصير في حفظها... الخ.
فهذه قاعدة جامعة مستنبطة من الحديث المشهور الذي رواه الستة وهو قوله ﷺ: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى... الخ)(١).
وبناء على اعتبار النية، لا تصح العبادة من المجنون لأنه ليس من أهل النية ولا عقوده... الخ.
(١) أخرجه البخاري برقم (١) ومسلم برقم (١٩٠٧) وأبو داود برقم (٢٢٠١) والترمذي برقم (١٦٤٧) وابن ماجه (٤٢٢٧) والنسائي (٧٥).
13
ويتفرع عن هذه القاعدة ، القاعدة التالية .
٢ - [ العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني ] م/ ٣ .
الشرح :
العقود : جمع عقد ، والمراد أن سائر العقود ، العبرة والعمل لمعانيها المقصودة منها ، وتبدل الألفاظ لا يصرفها عن المقاصد التي وضعت لها بالوضع الشرعي .
فلو قال : أعرتك هذه الدار كُلَّ شهرٍ بكذا أو أعطيتك إياها بكذا ، فالأول إجارة ، والثاني بيع ، ويترتب عليها أحكام الإِجارة والبيع .
والهبةُ مثلاً، إذا اشْتُرِطَ فيها العِوَضُ أَخَذَتْ حُكْمَ البيع ، كمن قال لآخر وهبتك هذا الشيء بكذا ، أو بشرط أن تعطيني كذا أخذ هذا العقد حكم البيع فيرد الموهوب بالعيب إذا ظهر به .
والكفالة بشرط عدم المطالبة تكون حوالة . والحوالة بشرط المطالبة تكون كفالة ... الخ .
14
وبيع الوفاء الذي جُوِّز للضرورة عند الحنفية ( وهو البيع بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد المشتري إليه المبيع ) فهذا بيع ولكنه في حكم الرهن لأن ذلك هو مقصود العاقدين في بيع الوفاء . والدليل على أنه في حكم الرهن أن المشتري لا يستطيع أن يبيع ما اشتراه فهو كالمرهون عنده .
٣ - القاعدة الثالثة: [ اليقين لا يزول بالشك ] م/ ٤.
اليقين : الجزم بوقوع الشيء أو عدم وقوعه ، ويليه الظن الغالب وهو ترجيح أحد الطرفين . والشك : هو التردد في وقوع الشيء وعدم وقوعه على السواء .
والمعنى : أن الأمر المُتَيَقَّن بثبوته لا يرتفع إلا بدليل قاطع ، ولا يحكم بزواله بمجرد الشك ، لأن الشك أضعف من اليقين فلا يعارضه .
فمن تيقن الطهارة وشك بالحدث فهو متطهر .
والمفقود : وهو الذي غاب عن بلده ولا يعرف خبره أنه حي أو ميت تجري عليه أحكام الأحياء فيما كان له فلا يورث ولا تَبين إمرأتُه لأِنَّ حياتَه حين تغيبه مُتَيَّقَّنَةٌ وموته قبل المدة المضروبة شرعاً مشكوك ، فيدخل تحت قاعدة ( اليقين
15
لا يزول بالشك .
قال تعالى: ﴿إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾
(يونس ٣٦).
وهذه القاعدة تؤيدها السنة والعقل : أما من السنة فقد ورد في الأحاديث أن المتوضىء إذا شك في إنتقاض وضوئه فهو على وضوئه السابق المتيقن ، وتصح به صلاته حتى يتحقق ما ينقضه ولا عبرة بذلك الشك .
أخرج البخاري وأبو داود ( شُكِيَ إلى النبي ﷺ الرجلُ يجد الشيء في الصلاة حتى يخيل إليه ، فقال : لا ينفتل حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً )(١).
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي ( إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج أم لا ؟ فلا يخرجنَّ من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)(٢).
(١) أخرجه البخاري برقم (١٣٧) ومسلم برقم (٣٦١) والنسائي برقم (١٦٠) وابن ماجه برقم (٥١٣) وأبو داود برقم (١٧٦).
(٢) أخرجه مسلم برقم (٣٦٢) والترمذي برقم (٧٥) وابن ماجه برقم (٥١٦) وأبو داود برقم (١٧٧).
16
ويتفرع عن هذه القاعدة الكثير من الفروع ، منها إذا ثبت عقد بين اثنين ووقع الشك في فسخه ، فالعقد قائم ، وإذا تحقق دين على شخص ثم مات وشككنا في وفائه فالدين باق .
وإذا هلكت الوديعة عند الوديع وشككنا في أنها هلكت بتعديه عليها أو تقصيره أو قضاءً وقدراً ، فهو غير ضامن لأن صفة الأمانة هي المتيقنة عند العقد ، فلا تزول بالشك في حصول التعدي أو التقصير .
مايتفرع عن هذه القاعدة من القواعد :
٤ - أ - [الأصل بقاء ماكان على ماكان ] م/ ٥ .
الشرح : يعني الذي ثبت على حال في الزمان الماضي ثبوتاً أو نفياً ، يبقى على حاله ولا يتغير مالم يوجد دليل يغيره .
وهذا الأصل يسمى ( الاستصحاب ) .
فالمفقود الذي انقطع خبره ولم تُعلم حياتُه ولا موتُه ، فهذا حيّ بحكم الأصل مالم يوجد دليل على موته أو يحكم بموته بعد إكمال تسعين سنة من عمره ، أو بموت أقرانه ، وعلى هذا فليس لورثته اقتسام ماله ، ولا تؤخذ وديعته
17
من مودَعه ولا تتزوج امرأته بآخر إلى غير ذلك من الأحكام .
ولو مات مسلم ، وله امرأة نصرانية فجاءت مسلمة ، بعد موته ، وقالت أسلمت قبل موته وقال الورثة : أسْلمَتْ بعد موته .
فالقول قول الورثة ، عملاً بالاستصحاب إلا أن تُثبت إسلامَها قبل موته بالبَيِّنَة ، ولو ادعى المقترض دفع الدَّين إلى المقرض أو ادعى المستأجر دفع الاجرة إلى المؤجر ، وأنكر المقرض أو البائع أو المؤجر، كان القول لهؤلاء مع اليمين ، أي : إن هذه الديون تعتبر باقية في ذمم الملتزمين بها مالم يثبتوا الدفع لأنها كانت مستحقة عليهم بيقين ، وإنما لهم تحليف أصحابها اليمين على عدم القبض فإذا حلفوا قضي لهم .
ويوافق قاعدة الاستصحاب ماذكره الأصوليون ( أن شرع من قبلنا شرع لنا مالم يرد نص بخلافه ) .
18
٥ - ب - [ ما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على خلافه ] م/ ١٠
الشرح : إن وجود الشيء فيما مضى ، يعتبر باقياً باستصحاب الحال ما لم يوجد ما يغيره ، فلو ادعى أحد ديناً في ذمة ميت وشهد به الشهود يكفي ولا حاجة لأن يبينوا أن هذا الدين باق في ذمته إلى حين وفاته .
وإذا ادعى اثنان عيناً، مالاً أو عقاراً، وأقام كل واحد منهما بينة أنها ملكه ، وقد أرخا تاريخاً ينظر إلى الأسبق تاريخاً ، فمن كان أسبق تاريخاً ترجحت بينته لأنها أظهرت له الملك في وقت لا ينازعه فيه الخصم فيحكم ببقاء الملك له إلى أن يثبت الخصم سبباً مزيلًا ليحكم له .
وهذه القاعدة قريبة من القاعدة السابقة ( الأصل بقاء ما كان على ما كان ) .
٦ - جـ [ الأصل في الأمور العارضة العدم ] م/ ٩
الشرح : المراد بالأمور العارضة ما كان عدمه هو الحالة الأصلية أو الغالبة ، فيكون العدم هو المتيقن ، لأنه هو الحالة الطبيعية ويكون تغيره إلى الوجود عارضاً مشكوكاً فيه .
19
أمثلة : لو اختلف شريكا المضاربة في حصول الربح وعدمه فالقول للمضارب بيمينه ، والبينة على رب المال لاثبات الربح . ( والمضاربة : عقد على الشركة بمال من أحد الجانبين والعمل في الجانب الآخر) .
والمضارِب : من يستحق الربح بعمله وتعبه .
كذا لو اختلف المتبايعان في صحة الدابة المبيعة أو مرضها ، فالقول للبائع في زعم الصحة ، لأن المرض هو العارض ، والسلامة هي الحالة الطبيعية الأصلية .
وكذا لو زعم ورثة عاقد أن مورثهم كان حين التعاقد مجنوناً فاقداً أهلية الأداء فعقده باطل ، وأنكر الخصم ، اعتبر العاقد عاقلاً ، حتى يثبت جنونه لأن الجنون آفة عارضة والفطرة الاصلية الغالبة هي العقل السليم .
٧ - د - [ الأصل براءة الذمة ] / م ٨
الشرح : في الأصل يولد الإِنسان برىء الذمة من وجوب شيء عليه وكونه مشغولَ الذمةِ بحق خلافُ الأصل .
دليل مشروعية هذه القاعدة : هذه القاعدة مأخوذة
20