ومن المذاهب الفقهية، الحنفية، وأحد قولي الشافعي، وأحدى الروايتين عن أحمد، أن طلاقه واقع (٥٦) وفي رواية عنه لا يقع وبه قال طائفة من علماء السلف، وهو مذهب عثمان رضي الله عنه.
وحجة الجمهور هي قوله ﷺ كل طلاق يقع إلا طلاق المعتوه وهذا تعدى بنفسه، أي فليس معتوهاً ولا يدخل في الاستثناء ولأن الصحابة جعلوه كالصاحي في كثير من الأحكام فحدوه بالقذف، وقطعوه بالسرقة ويقتل اذا قتل ولأنه تعدى بسكره(٥٧).
الترجيح :
أرى أن طلاق السكران واقع لما مرّ من أدلة الجمهور ولأنه تعدى بنفسه على عقله وتكون مؤآخذته زجراً له على فعله وجزاء أً وفاقاً على ما اقترفت يداه، والله أعلم.
الشرط الثالث الاختيار فهل يصحح كلام المكره ويعمل أو يعد سر لاغياً فيهمل؟ مذهب جمهور الفقهاء، ان الاكراه سالب للاختيار، وبه يرتفع التكليف و؛ آخذة لقوله تعالى ﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾(٥٨).
ولقوله ﷺ ((إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))(٥٩).
ولذلك فلا يترتب على كلام المكره - بالفتح ـ أثر شرعي حتى الكفر نفسه غير مؤآخذ به اذا كان الاكراه بشروطه وشروط الاكراه هي:
١- أن يكون المكره - بالكسر - قاهراً له ولا يقدر على دفعه.
٢- أن يغلب على ظنه أن الذي يخافه من جهته يقع به.
(٥٥) هو عبد الرحمن بن يحمد، الشامي، أبو عمر الأوزاعي، والأوزاعي اسم مكان في دمشق وقيل إنما قيل الأوزاعي لأنه من أوزاع القبائل، وإليه فتوى الفقه لأهل الشام لفضله فيهم، وكثرة روايته، قال ابن عينيه - كان إمام أهل زمانه ولد سنة ٨٨ ومات ببيروت سنة ١٥٨، تهذيب التهذيب ٢٣٨/٦.
(٥٦) انظر الهداية ج ١ ص ٢٣٠، والمغني لابن قدامة ج ٧/١١٤ و/١١٥
(٥٧) تحفة المحتاج والحواشي عليها ج ٨/٤ والمراجع السابقة نفس الجزء والصفحات.
(٥٨) النحل (١٠٦).
(٥٩) الحديث رواه ابن ماجة بلفظ أن الله تجاوز من أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. طلاق ١٠/٠ باب/١٦ حديث رقم/٢٠٤٣.