23
فقوله: (إنّا)، و(نحن)، تقال لمن له شركاء، ولمن له أعوان يحتاج إليهم، والله تعالى منزه عن هذا وهذا، كما قال: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ﴾ [سبأ: ٢٢] (^١)، وقال: ﴿الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (١١١) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي﴾ [الإسراء: ١١١] (^٢)، فالمعنى الذي يراد به هذا في حق المخلوق لا يجوز أن يكون نظيره ثابتًا لله، فهذا صار متشابهًا (^٣). وأما التشابه النسبي الإضافي فهو ما يشتبه على بعض الناس دون بعض، ومثل هذا يمكن أن يجري في بعض الآيات المحكمات بحيث تشتبه على بعض الناس وإن كانت في ذاتها غير متشابهة. ويمكن أن يدل على وجود هذا التشابه النسبي قوله ﷺ: " الحلال بين والحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس" (^٤). فمفهوم هذا الحديث أن بعض الناس يميز هذه الأمور ويعرفها وليست مما لا يعلمه إلا الله (^٥). وهذا الاشتباه النسبي يعود إلى عدة أسباب، فتارة يكون لغرابة اللفظ، وتارة لاشتباه المعنى بغيره، وتارة لشبهة في نفس الإنسان تمنعه من معرفة الحق، وتارة لعدم التدبر التام، وتارة لغير ذلك من الأسباب (^٦). ومن أمثلة ذلك ما يشتبه على بعض الناس ما وعدوا به في الآخرة بما يشهدونه في الدنيا فيظنون أنه مثله، وأما العلماء فيعلمون أنه ليس مثله وإن كان مشبهًا له من بعض الوجوه (^٧).

(^١) سورة سبأ: ٢٢. (^٢) سورة الإسراء: ١١١. (^٣) انظر: تفسير سورة الإخلاص ١٧/ ٣٧٧، ٣٧٨. (^٤) رواه مسلم: كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، رقم ٢٩٩٦. (^٥) انظر: الفرقان بين الحق والباطل ١٣/ ١٤٤، تفسير سورة الإخلاص ١٧/ ٣٨٠ - ٣٨٦، نقض التأسيس ٢/ ٢٠١٩ - ٢٢١، نسخة ليدن، الرسالة التدمرية ٣/ ٦٦ ضمن مجموع الفتاوى. (^٦) انظر: تفسير سورة الإخلاص ١٧/ ٤٠٠ ضمن مجموع الفتاوى. (^٧) انظر: الرسالة التدمرية ٣/ ٦٢ ضمن مجموع الفتاوى.

1 / 23