Al-Mu'tamad min Qadim Qawl al-Shafi'i 'ala al-Jadid
المعتمد من قديم قول الشافعي على الجديد
خپرندوی
دار عالم الكتب
د چاپ کال
۱۴۱۷ ه.ق
د خپرونکي ځای
الرياض
ژانرونه
قبل زمان الشافعي فريقين، أصحاب رأي وأصحاب حديث، أما أصحاب الحديث فكانوا حافظين لأخبار رسول الله ﷺ إلا أنهم كانوا عاجزين عن النظر والجدل، وكلما أورد عليهم أحد من أصحاب الرأي سؤالاً أو إشكالاً أسقط في أيديهم عاجزين متحيرين، وأما أصحاب الرأي فكانوا أصحاب النظر والجدل إلا أنهم كانوا عاجزين عن الآثار والسُنن، وأما الشافعي رضي الله عنه فكان عارفاً بسنة رسول الله ﷺ محيطاً بقوانينها، وكان عارفاً بآداب النظر والجدل قوياً فيه، وكان فصيح الكلام قادراً على قهر الخصوم بالحجة الظاهرة، وأخذاً في نصرة أحاديث رسول الله ﷺ، وكل من أورد عليه سؤالاً أو إشكالاً أجاب عنه بأجوبة شافية كافية، فانقطع بسببه استيلاء أهل الرأي على أصحاب الحديث.
لقد أصبحت مكة بحلول الشافعي فيها إضافة إلى من فيها من أجلة العلماء كسفيان بن عيينة أصبحت مقصداً لأهل المشرق والمغرب والشام واليمن يقصدونها كما يقصدون الكعبة والمشاعر لأداء مناسك الحج والعمرة.
روى محمد بن الفضل الفراء قال: سمعت أبي يقول: "حججت مع أحمد بن حنبل، فنزلت في مكان واحد فخرج باكراً وخرجت بعده، فدرت المسجد فلم أره في مجلس ابن عيينة ولا غيره حتى وجدته جالساً مع أعرابي، فقلت: يا أبا عبد الله، تركت ابن عيينة وجئت إلى هذا؟! فقال لي: أسكت، إنك إن فاتك حديث بعلو، وجدته بنزول، وإن فاتك عقل هذا أخاف ألا تجده، ما رأيت أحداً أفقه في كتاب الله من هذا الفتى، قلت: من هذا؟ قال:
30