al-Muḥarrir fī ʿUlūm al-Qurʾān
المحرر في علوم القرآن
خپرندوی
مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
ژانرونه
عندهم قد غلب على مجيء جبريل ﵇ بالوحي دون سواه من أنواع الوحي، لذا لا حاجة إلى الاستفسار عن سبب تركه ﷺ لأنواع الوحي الأخرى، والله أعلم.
مسألة: هل وقع الوحي بالقرآن بغير الطريق المشهور؟
عن أنس ﵁ قال: «بينا رسول الله ﷺ ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسمًا، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟
قال: أنزلت علي آنفا سورة فقرأ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ *فَصَلِّ لِرَّبِكَ وَانْحَرْ *إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾ [الكوثر: ١ - ٣]» (١).
هل يدل حديث أنس ﵁ على أن سورة الكوثر نزلت منامًا، وليس في الحال المشهورة للوحي؟
إنه لو كان هذا وقع، فإنه لا شيء يخلُّ بقرآنية سورة الكوثر؛ لأنَّ رؤيا الأنبياء وحي، والنبي ﷺ تنام عيناه ولا ينام قلبه، وقد رأى في منامه من الوحي الشيء الكثير.
لكن حمل عبارة أنس ﵁: «أغفى إغفاءة» على الحالة التي كانت تعتري الرسول ﷺ أثناء الوحي أولى؛ لأن كون الرسول ﷺ في المسجد، وبين أظهرهم يُبعِد أن يقع منه نومٌ، فتلك مخالفة للمعتاد من حاله مع أصحابه، أما وقوع الوحي، وهو بينهم، فهذا كثيرٌ جدًّا، والله أعلم.
كما يُلاحظ أنَّ عباراتهم عن هذه الحالة تختلف من صحابي إلى آخر، فقد ورد عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه ﵁ حكاية هذه الحال، حيث ذكر: أن رجلا أتى النبي ﷺ وهو بالجعرانة وعليه جبة وعليه أثر الخلوق أو قال صفرة فقال كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ فأنزل الله على النبي ﷺ فستر بثوب ووددت أني قد رأيت النبي ﷺ وقد أنزل عليه الوحي فقال عمر: تعال أيسرك أن تنظر إلى النبي ﷺ وقد أنزل عليه
(١) أخرجه مسلم برقم (٤٠٠).
1 / 66