143

al-Muḥarrir fī ʿUlūm al-Qurʾān

المحرر في علوم القرآن

خپرندوی

مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

ژانرونه

الأمة آنذاك لوجب العمل فيه؛ إذ لا يجوز ترك ما الأمة بحاجة إليه.
وإذا تأملت واقع الأمة آنذاك، وعلِمت أن الأمية هي الغالبة عليها، وأن الكتبة بالنسبة لغيرهم قليل = ظهر لك عدم وجود الحاجة للكتابة في أمة تعتمد على الحفظ في ضبط تواريخها وأيامها وأخبارها، وغير ذلك، هذا فضلًا عما وقع من تيسير الله لحفظه في الصدور.
٢ - أن الكتابة في المصحف تصلح لشيءٍ قد انتهى واستقرَّ، أما الحال بالنسبة للوحي فلم يكن كذلك، إذ قد ينْزل جزء من السورة، ثم ينْزل الجزء الآخر منها فيما بعد، فيُلحق بها، كما أنه قد ينسخ بعض النازل، فلا يقرأ به، فلو كان مجموعًا في كتاب لتعسَّر ذلك الأمر من جهة الإضافة والإزالة، بخلاف الحال التي هو عليها من كتابته متفرقًا، وحفظهم له في صدورهم.
ومما يحسن التنبه له هنا أن الأصل في القرآن المسموع المحفوظ في الصدور لا المكتوب، والمكتوب إنما هو زيادة ضبط للمقروء فحسب، لذا فإن الاعتناء به من جهة تدوينه - ولو مفرقًا - زيادة في الضبط وبقاء المحفوظ في الصدور، وليس أمرًا مستقلًا، لذا لا يُتصوَّر أن يرجع الصحابة في عهده إلى ما دونوه دون الرجوع إليه (ص)، فالمقروء عليه (ص) هو المقدم فيما لو وقع اختلاف، والله أعلم.
ملامح هذا الجمع:
١ - أنه كان مفرَّقًا في عدد من أدوات الكتابة.
٢ - أن القرآن الذي نقرؤه كله كان مكتوبًا في عهد رسول الله ﷺ لم يكن منه شيء غير مكتوب، ثم كُتب بعد ذلك (١).

(١) قد يقول قائل: ما الدليل على ذلك؟
والجواب: الدليل عدم الدليل على كونه ليس كذلك، فأيهما أولى - من جهة العقل، ومن جهة حرص الرسول ﷺ: أن يكون مكتوبًا كله بين يديه، أو أن يكون غير ذلك؟
وأن يكون مراجعًا للمكتوب كما كان يراجع المحفوظ مع جبريل ﵇ فيلغي منه ما لم يُثبته له جبريل في العرضة الأخيرة. =

1 / 152