Al-Mudabbaj wa Riwayat al-Aqran
المدبج ورواية الأقران
خپرندوی
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
د ایډیشن شمېره
العدد ١١٦ _السنة ٣٤ _١٤٢٢هـ
ژانرونه
المدبج ورواية الأقران
إعداد
د. موفق بن عبد الله بن عبد القادر
الأستاذ المشارك في كلية الدعوة في جامعة أم القرى
مقدمة
الحمدُ للَّهِ ربِّ العالمين، والعاقبةُ للمتَّقين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على خاتمِ المُرسلينَ سيِّدِنا مُحَمَّدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
أما بعد، فإنَّ مناهج رواية الحديث النَّبويّ الشَّريف قد لقيت عنايةً فائقةً مِنَ المُحَدِّثينَ قَلَّ أن نَجِدَ لها مثيلًا في بقيَّةِ العلومِ، ولَمَّا كان الإسنادُ هو الطَّريق إلى الحديثِ، فقد اهتمَّ به المُحدِّثون.
قال الحاكم النَّيسابوريُّ: لولا الإسنادُ، وطلب هذهِ الطَّائفة لهُ، وكثرة مواظبتهم على حفظهِ، لدرسَ منار الإسلامِ، ولتمكنَ أهلُ الإلحادِ والبِدَعِ فيهِ، بوضعِ الأحاديث، وقلب الأسانيدِ، فإنَّ الأخبارَ إذا تَعَرَّت عن وجودِ الأسانيدِ فيها كانت بتراء١.
قال عبدُاللَّهِ بنُ المُبارك: الإسنادُ مِنَ الدِّينِ، ولولا الإسناد لَقَالَ مَن شاءَ ما شَاء٢.
هذا وقد ظهرت القاعدة المشهورة: إنَّ هذا العلم دينٌ، فانظروا عَمَّن تأخذونَ دينكم٣.
إنَّ العنايَةَ الفائقة بالأسانيد في الرِّوايةِ أضحت خَصيصة مِن خصائص هذهِ الأمَّة، حتَّى قال محمدُ بنُ حاتِم بنِ المُظَفَّرِ: إنَّ اللَّهَ أكرمَ الأمَّة وشَرَّفها وفَضَّلها
_________
١ معرفة علوم الحديث: ٦.
٢ مقدمة صحيح مسلم: ١/١٥، الجرح والتعديل: ١/١٦، معرفة علوم الحديث: ٦.
٣ مقدمة صحيح مسلم: ١/١٤، الجرح والتعديل: ١/١٥، المحدِّث الفاصل: ٤١١.
1 / 11
بالإسنادِ، وليسَ لأحدٍ مِنَ الأُممِ كُلِّها قديمهم وحديثهم إسنادٌ، وإنَّما هي صُحفٌ في أيديهم١.
وقال ابنُ أبي حاتمٍ الرَّازيُّ: لم يكن في أُمَّةٍ مِنَ الأُممِ منذ خلقَ اللَّهُ آدمَ أمناء يحفظونَ أثار الرُّسل إلاَّ في هذهِ الأُمَّةِ٢.
وقال ابنُ حزمٍ: نقلُ الثِّقَة، عن الثِّقةِ يبلغ به النَّبيّ ﷺ مع الاتصالِ، خصَّ به اللَّهُ المُسلمينَ دون سائر الملل، وأمَّا مع الإرسالِ والاتصال، والإعضال، فيوجد في كثيرٍ من اليهود، لكن لا يقربونَ فيه من موسى قريبًا من محمدٍ ﷺ، بل يقفونَ بحيثُ يكون بينهم وبينَ موسى أكثر مِن ثلاثينَ عصرًا، وإنَّما يبلغون إلى شمعونَ، ونحوه.
وأمَّا النَّصارى فليس عندهم مِن صفة هذا النَّقل إلاَّ تحريم الطَّلاق فقط، وأمَّا النَّقل بالطُّرقِ المشتملة على كذَّاب، أو مجهول العين فكثير في نقل اليهود والنَّصارى.
وأمَّا أقوال الصَّحابة والتَّابعينَ، فلا يمكن اليهود أن يبلغوا إلى صاحب نبيٍّ أصلًا، ولا إلى تابعٍ لهُ، ولا يمكن النَّصارى أن يصلوا إلى أعلى مِن شمعون وبولص٣.
إنَّ رواية المُحَدِّثين للأخبار لم تكن روايةً عشوائية، وإنَّما كانت تندرج تحت ضوابط وقوانينَ تتسم بالموضوعية، فقد وضعوا شروطًا لمعرفة مَن تُقبل
_________
١ شرف أصحاب الحديث: ٤٠،٤٣.
٢ فتح المغيث: ٣/٤، تدريب الراوي: ٢/١٥٩.
٣ الفصل في الملل والأهواء والنحل: ٢/٨٢-٨٥، وينظر بالتفصيل ماكتبه هذا الإمام لأهميته.
1 / 12
روايتُهُ، وما يتعلَّق بهِ مِن جرحٍ وتعديل١، كما سَنُّوا قواعدَ في معرفة كيفية سَماع الحديث وتحمُّلِهِ وصفةِ ضبطهِ٢.
ومن الوسائل التي اتَّبعها المُحَدِّثون في أنواع الرِّوايةِ، والتي تُعَدُّ من وسائل توثيقِ النُّصوصِ وضبطها، ابتكارهم لأنماطٍ مختلفة من أنماط الرِّواية، والتي تدلُّ على الدِّقَّةِ في التَّصنيف في بعض أنواعِ التَّحمُّلِ مثل: رواية الأكابرعن الأصاغِر، ورواية التَّابعين عن بعضهم، ومَن روى عن أبيهِ عن جدِّهِ، والرواة من الإخوة والأخوات، والمُدَبَّج، ورواية الأقرانِ، والأسانيد القائمةعلى أساس المدن، كالأسانيد الحِجازيَّة، أو المكيَّة، أو المَدنيَّة، أو البصريَّة، أو الكوفيَّة، أو الشَّاميَّة، واختلاف الروايات للكتاب الواحد، وفنّ المستخرجات، وعلم الأثبات ومعاجم الشُّيوخ والمشيخات.. وغير ذلك من التَّصنيفات المختلفة، والتي يستشفُ منها الباحث المُدقق أنَّ المُحَدِّثينَ قد قطعوا شوطًا بعيدًا في علم الرواية، وأنَّ بحوثهم قد أعطت الباحث الواعي، والدَّارس المتمكنَ والموضوعيّ القدرة على التَّحركِ، ووضعت بينَ يديهِ الوسائل التي تعينهُ على التَّثبتِ مِن صحَّةِ الأسانيدِ، وتدقيق الرِّواياتِ، وتميزت بحوثهم المختلفة بالابتكار والإبداع والتي استطاعوا بها أن ينشروا السُّنَّة ويحافظوا عليها بنجاحٍ منقطع النَّظير، وأنَّ السَّواد الأعظم من المُحدِّثين كان يُدركُ أنَّ علم الرِّواية لم يكن طحنًا في الماءِ، وإنَّما هو عِلْمٌ مُنَسَّقٌ، قائمٌ على قواعدَ مفصَّلةٍ وعميقةٍ.
_________
١ ينظر: علوم الحديث لابن الصلاح: ٩٤-١١٢.
٢ ينظر: علوم الحديث لابن الصلاح: ١١٤-١٥٩.
1 / 13
وبحثنا هذا هو حلقةٌ مِن سلسلةِ بحوث مماثلة كتبتها وتناولت علم الرِّواية وأثرهُ في توثيق النُّصوصِ وضبطها١، وقد تناول جانبًا من جوانبَ علم الرِّوايةِ والذي قد صَنَّفَ فيه العُلماءُ الكبارُ مُصَنَّفات لم نقف عليها في وقتنا الحاضر، وبقيت منهُ أبحاثٌ توزعتها كتب علم أصول الحديثِ المُختلفة، أو بعض الشُّروح الحديثية، وهذا النَّوع هو المُدَبَّجُ، ورواية الأقران.
إنَّ الدِّراسة الموضوعيَّة لهذا النَّوع من أنواعِ علوم الحديثِ، تظهر لنا أنَّ هذا النَّوعَ مِنَ المُصَنَّفاتِ هدفهُ إزالة النِّقاب عن الخطأ والوهم الذي قد يتطرَّقُ إلى الإسناد.
وإذا كان ابنُ عباسٍ ﵁ قد حذَّرَ من قَبولِ جرح الأقران بعضهم لبعضٍ، وقال: استمعوا علم العُلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعضٍ، فوالذي نفسي بيدهِ لهم أشدّ تغايرًا من التّيوسِ في زروبتها٢.
وقال الذَّهبيُّ: وكلامُ الأقرانِ بعضهم في بعضٍ لا يُعبأ به لا سيما إذا لاحَ أنَّهُ لعداوةٍ، أو لحسدٍ، ما ينجو منه إلاَّ مَن عصم اللَّهُ، وما علمتُ أنَّ عصرًا مِنَ الأعصارِ سلمَ أهلهُ من ذلكَ سوى الأنبياء والصِّدِّيقينَ٣.
_________
١ وهذهِ البُحوث هي:
أ- علم الأثبات ومعاجم الشُّيُوخِ والمَشْيَخَات، طبع بمعهد البحوث بجامعة أمّ القرى.
ب- المُسْتَخْرَجات نشأتُها وتطورها. بحث نشر بمجلة جامعة أم القرى.
ج- اختلاف الرِّوايات وأثره في توثيق النُّصوص وضبطها. بحث نشر بمجلة الدرعية.
د- البيان والتَّعريف بسرقة الحديث النَّبويِّ الشَّريف، بحث تحت الطبع.
٢ جامع بيان العلم وفضله: ٢/١٥٨.
٣ ميزان الاعتدال: ١/١١١.
1 / 14
فإنَّ روايةَ الأقران بعضهم عن بعضٍ فيه شهادة بعضهم لبعضٍ على صِحَّةِ المرويات، وإشارةٌ صادقةٌ على تجاوز الكثير منهم للعوامل النَّفسيَّةِ التي تختلجُ في صدور الأقرانِ، والتي حَذَّرَ منها العُلماء.
ونظرًا لأهميَّةِ رواية الأقران بعضهم عن بعضٍ في توثيق النُّصوصِ وضبطها، فقد حرص الإمامُ الجِهبذُ أبو عبدِاللَّهِ محمدُ بنُ إسماعيلَ البُخاريُّ على هذا النَّمط مِن الأسانيدِ في كتابه (الجامع الصَّحيح)، وكذا اشتملت كتب السُّنَّةِ الأخرى على ذِكرِ هذا النَّوع من المروياتِ، وأدرجتها ضمن مروياتها المُختلفةِ.
إنَّ دراسة مرويات الأقران بعضهم عن بعضٍ ستقودنا إلى معرفةِ تواريخ ولادةِ ووفيات الرُّواة، كما أنَّها ستقدِّمُ لنا نتائج جليلة عن علم طبقات الرُّواة، وتجمع لنا دلائل عن البلدان ورواتها، سيما إذا اجتمعَ في الرِّواية الواحدةِ أهل بلدٍ في نَسقٍ كما سيأتي بيان ذلكَ مِن خلالِ بحثنا هذا.
إنَّ الكتابة عن بعضِ الجُزئياتِ في علم مصطلح الحديثِ، والتي لم نقف فيها على مُصَنَّفٍ مستقلٍّ لإمامٍ ناقدٍ، تعني ميلاد عهدٍ جديدٍ لهذا العلمِ، الذي ينتمي إلى طرازٍ مُعيَّنٍ في التَّأليفِ يتَّصِفُ بالإيجازِ والبُعدِ عن الإسهابِ في موضوعاتهِ.
وبحثنا هذا حاولَ أن يُقدِّمَ تحليلًا عميقًا لهذا النَّوع مِنَ أنواعِ مصطلحِ الحديث، وذلكَ مِن خلالِ ما ذكرته كتب مصطلح الحديث مِنَ الأمثلة، مع بيان مارواهُ الإمامُ البُخاريّ رحمهُ اللَّهُ تعالى في (صحيحه) مِن رواية الأقرانِ، والتي قام الحافظ ابن حجرٍ رحمه اللَّهُ تعالى بذِكْرِها، وبيان بعض لطائفها، وبالتالي الخروج بنتائج جديدةٍ عن رواية الأقران، وأهميتهِ، ومحاولة تنظيم هذهِ المادة في
1 / 15
صورةٍ تُلقي الضَّوء على جانبٍ من جوانبِ علم الرِّواية عندَ المُحَدِّثينَ، وأثره في توثيق النٌّصوصِ وضبطها.
ولقد حرصتُ في عرضي للمادة أن لا أقسِّم البحث إلى أبوابٍ وفصولٍ، وذلكَ خشية أن يطولَ البحث، وتتشعب جوانبه، كما أنَّي لم أتوسع في تخريج النُّصوصِ، والآثار، نظرًا لأنَّ شروط نشر البحوث مرهونة برقمٍ محدد من الصَّفحات.
واللَّهَ الكريم أسأل التَّوفيقَ والسَّداد، ومنهُ استمدُ العونَ، وعليه التُّكلان، وهو حسبي ونعمَ الوكيل، وصلَّى اللَّهُ على سيدِنا مُحَمَّدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
1 / 16
المدبج
تعريفة
...
أولًا: تعريف المُدبَّج:
أ- المدبَّج لُغَةً: اسم مفعول من التَّدْبِيْج، بمعنى التَّزيين.
والمُدَبَّجُ: المُزَيَّن، ودِيبَاجَةُ الوجهِ وَدِيباجُهُ: حُسن بشرتهِ، وكأنَّ المُدَبَّج سُمِّيَ بذلكَ لتساوي الرَّاوي والمَرْوِي عنهُ، كما يتساوى الخدَّانِ.
ورجلٌ مُدَبَّجٌ: قبيحُ الوجهِ والهامة والخِلقةِ١.
ب- المُدبَّجُ اصطلاحًا: أنْ يَرْوي القَرينان كُلُّ واحدٍ منهما عن صاحبه٢.
شرحُ التَّعريفِ:
قال الإمامُ العراقيُّ: ما المناسبة المُقتضية لتسمية هذا النَّوع بالمُدَبَّجِ وَمن أيٍّ شيءٍ اشتقاقه،؟
لم أرَ مَن تَعَرَّضَ لذلكَ، إلاَّ أنَّ الظَّاهرَ أنَّهُ سُمِّيّ بهِ لِحُسنهِ، لأنَّهُ لُغةً: المُزَيَّنُ، قال صاحبُ (المُحكم): الدَّبْجُ: النَّقشُ والتَّزيينُ، فارسيٌّ مُعرَّبٌ.
قال: ودِيباجةُ الوجهِ حُسنُ بشرتهِ، ومنهُ تسمية ابنُ مسعودٍ ﵁ الحَواميم ديباج القرءان.
والرِّواية كذلكَ إنَّما تقعُ لنُكتةٍ يعدلُ فيها عن العُلوِّ إلى المُساواة، أو النُّزول لأجل ذلك فحصل للإسنادِ بذلكَ تحسينٌ وتزيين.
_________
١ انظر: المحكم لابن سيدة٧/٢٤٤،الصحاح١/٣١٢ (دبج)،التقييد والإيضاح٢٩٠-٢٩١، علوم الحديث لابن الصلاح٢٧٨.
٢ علوم الحديث لابن الصلاح٢٧٨، فتح المغيث: ٣/١٦٠، تدريب الراوي: ٢/٢٤٧، التبصرة والتذكرة مع فتح الباقي: ٣/٦٧- ٦٨.
1 / 17
قال: ويحتملُ أنهُ سمُّيَ بذلكَ لنزولِ الإسنادِ، فإنَّهما إن كانا قرينينِ نزل كل منهما درجة، وإن كان من رواية الأكابر عن الأصاغر نزل درجتين، وقد روينا عن يحيى بن مَعينٍ قال: الإسنادُ النَّازلُ قُرحة في الوجهِ.
وروينا عن عليِّ ابن المَدينيِّ، وأبي عَمْروٍ المُسْتَمْليِّ قالا: النُّزولُ شؤم. فعلى هذا لا يكونُ المُدَبَّجُ مدحًا لهُ ويكونُ ذلكَ من قولِهِم: رجلٌ مُدَبَّجٌ، قبيحُ الوجهِ والهامةِ، حكاهُ صاحبُ (المُحكم) .
قال العراقيُّ: وفيهِ بُعدٌ، والظَّاهرُ إنَّما هو مدحٌ لهذا النَّوع.
قال: ويحتمل أن يُقالَ: إنَّ القرينين الواقعينِ في المُدَبَّجِ في طبقةٍ واحدةٍ بمنزلةٍ واحدةٍ، فشبها بالخدَّينِ، فإنَّ الخدَّينِ يقالُ لهما: الدِّيباجتان، كما قاله صاحبُ (المحكم) و(الصّحاح) .
قال: وهذا المعنى يتَّجهُ على ما قاله الحاكم، وابنُ الصَّلاحِ: أنَّ المُدَبَّجَ مُختصٌ بالقرينينِ.
قال السَّخاويُّ: وبذلك سَمَّاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أخذًا مِن دِيباجَتي الوجه، وهما متحدان لتساويهما وتقابلهما١.
قال الحاكم النَّيْسَابوريُّ: رواية الأقران مِنَ التَّابعينَ وأتباع التَّابعينَ وَمَن بعدهم مِن علماء المسلمينَ، ورواية بعضهم عن بعضٍ، وهذا النَّوع منه غير
_________
١ التقييد والإيضاح: ٢٩١-٢٩٢. وينظر: المحكم لابن سيده: ٧/٢٤٤، الصحاح: ١/٣١٢، لسان العرب: ٢/٢٦٢ (دبج)، تاج العروس: ٢/٣٧ (دبج) "المُدَبَّج: كمعظم: هو المُزين به، أي زُيِّنت أطرافه بالدِّيباج.."، فتح المغيث: ٣/١٦٠، نزهة النظر: ٦٠، تدريب الراوي: ٢/٢٤٧.
1 / 18
رواية الأكابر عن الأصاغر. وإنَّما القرينان إذا تقاربَ سِنُّهما وإسنادهما وهو على ثلاثة أجناسٍ:
فالجنس الأول منه الذي سَمَّاهُ بعض مشايخنا المُدَبَّج، وهو أن يروي قرينٌ عن قرينهِ، ثُمَّ يروي ذلك القَرين عنه، فهو المُدَبَّج.
امثلة المدبج ... مثاله في الصَّحابة: أخرج الحاكم بسندهِ: عن أبي هُريرة، عن عائشةَ ﵂ قال: فقدتُ النَّبِيَّ ﷺ ذات ليلةٍ مِنَ الفِراشِ، فجعلتُ أطلبهُ بيدي فوقَعت يدي على باطن قدميه وهما مَنصوبتان، فسمعتهُ يقولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ برحمتكَ مِن سَخَطِكَ، وأعوذُ بِمُعافَاتِكَ مِن عقوبَتِكَ، وأعوذُ بِكَ مِنْك لا أُحْصي ثناءً عليك أنت كما أَثْنَيْتَ على نَفْسِكَ". قال أبو عبْدِ اللَّهِ: وقد روت عائشةُ عن أبي هُريرةَ وسألتهُ عن حديثهِ. وأخرج الحاكم بسنده: عن علقمةَ أنَّ عائشَةَ قالت لأبي هُريرةَ: أنت حَدَّثت عن رسولِ اللَّهِ ﷺ: أنَّ امرأةً عُذِّبت في هِرَّةٍ؟ فقال: سمعتُ رسولَ اللَّهِ ﷺ يقولُ ذلك الحديث١. مثال آخر: قال الحاكم: عن جابر عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: "يدخُلُ الجَنَّةَ مَن بايعَ تحتَ الشَّجَرَة إلاَّ صاحِب الجمل الأحمر". قال أبو عبدِ اللَّهِ: وقد رويَ عن عبدِ اللَّهِ بنِ عبَّاسٍ، عن جابرٍ. _________ ١ معرفة علوم الحديث: ٢١٥-٢١٦.
امثلة المدبج ... مثاله في الصَّحابة: أخرج الحاكم بسندهِ: عن أبي هُريرة، عن عائشةَ ﵂ قال: فقدتُ النَّبِيَّ ﷺ ذات ليلةٍ مِنَ الفِراشِ، فجعلتُ أطلبهُ بيدي فوقَعت يدي على باطن قدميه وهما مَنصوبتان، فسمعتهُ يقولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ برحمتكَ مِن سَخَطِكَ، وأعوذُ بِمُعافَاتِكَ مِن عقوبَتِكَ، وأعوذُ بِكَ مِنْك لا أُحْصي ثناءً عليك أنت كما أَثْنَيْتَ على نَفْسِكَ". قال أبو عبْدِ اللَّهِ: وقد روت عائشةُ عن أبي هُريرةَ وسألتهُ عن حديثهِ. وأخرج الحاكم بسنده: عن علقمةَ أنَّ عائشَةَ قالت لأبي هُريرةَ: أنت حَدَّثت عن رسولِ اللَّهِ ﷺ: أنَّ امرأةً عُذِّبت في هِرَّةٍ؟ فقال: سمعتُ رسولَ اللَّهِ ﷺ يقولُ ذلك الحديث١. مثال آخر: قال الحاكم: عن جابر عن ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: "يدخُلُ الجَنَّةَ مَن بايعَ تحتَ الشَّجَرَة إلاَّ صاحِب الجمل الأحمر". قال أبو عبدِ اللَّهِ: وقد رويَ عن عبدِ اللَّهِ بنِ عبَّاسٍ، عن جابرٍ. _________ ١ معرفة علوم الحديث: ٢١٥-٢١٦.
1 / 19
وأخرج الحاكم بسنده: عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: حَدَّثني جابرُ بنُ عبدِاللَّهِ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قرأَ: ﴿وإذَا سَأَلَكَ عِبادي عَنِّي فإنِّي قريبٌ أُجيبُ دَعوةَ الدَّاعِ إذا دَعان﴾ الآية. قال ﷺ: "اللَّهُم أمرتَ بالدُّعاءِ وتكفَّلتَ بالإجابةِ، لبيكَ لبيكَ لا شريكَ لكَ لبيكَ إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لكَ والمُلْكْ، لا شَريكَ لَكْ" ١.
قال أبو عبدِا للَّهِ: ومثالُ ذلكَ في التَّابعين.
وأخرج بسنده عن: الزُّهريِّ، قال: أخبرني عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ بن مروان أنَّ إبراهيمَ بنَ عَبْدِ اللَّه بن قَارظ الزُّهريَّ أخبرهُ أنَّهُ وجدَ أبا هُريرَةَ يتوضَّاُ على ظهرِ المسجِدِ، فقال أبو هريرةَ: إنَّما أتوضأ مِن أثوار أَقِط أكلتها لأنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: "توضؤا مِمَّ مَسَّت النَّارُ".
قال أبو عبدِاللَّهِ: وقد روى عمرُ بنُ عبدِالعزيز، عن الزُّهريِّ.
وأخرج بسنده عن: عمرَ بنِ عبدِالعزيز، عن الزُّهريِّ، عن سالم، عن أبيهِ قال: دعا رسولُ اللَّهِ ﷺ يوَمَ النَّاس للبيعَةِ فجاءَ أبو سِنان بن مُحصِنٍ فقال: يارسول اللَّهِ، أبايعكَ على ما في نَفْسِكَ؟ قال:"وما في نَفْسِي؟ " قال: أضربُ بسيفي بينَ يَديكَ حتَّى يُظْهِرَكَ اللَّهُ، أو أُقتل. قال: فبايعهُ وبايع النَّاس على بيعَةِ أبي سِنان٢.
قال أبو عبدِاللَّهِ: ومثالهُ في أتباع التَّابعين.
_________
١ معرفة علوم الحديث: ٢١٦.
٢ معرفة علوم الحديث: ٢١٧.
1 / 20
وأخرج بسندهِ، عن: الأوزاعيّ عن مالك بنِ أنسٍ، عن أبي نُعيمٍ وهب ابن كيسان، عن عمرَ بنِ أبي سَلَمَةَ، قال: قال لي رسولُ اللَّهِ ﷺ: "ادن بُنيّ، فسمِّ اللَّهَ وكُل بيمينكَ، وكُل مِمَّا يلكَ".
قال أبو عبدِاللَّهِ: وقد روى مالكُ بنُ أنسٍ، عن الأوزاعِيِّ.
وأخرج بسندهِ عن: مالك بن أنسٍ قال: حدَّثني الأَوْزَاعِيُّ، عن الزُّهريُّ، عن عُرْوَةَ، عن عائشَةَ أنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قال: "إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفقَ في الأمْرِ كُلِّهِ" ١.
قال أبو عبدِاللَّهِ: ومثالهُ في أتباع الأتباع.
وأخرج بسنده، عن: الإمام أحمد بنِ حَنْبَل قال: حدَّثني عبدُالرَّزاقِ، قال: ثنا عمرُ بنُ حَوْشَبٍ، قال: حدَّثني إسماعيلُ بنُ أُمَيَّةَ، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ، قال: كان لهم غُلامٌ يُقال لهُ طَهمان، أو ذَكوان، قال: فأعتق جدُّهُ نصفهُ، قال: فجاء العبدُ إلى النَّبِيِّ ﷺ فأخبرهُ، فقال النَّبِيُّ ﷺ: "يُعتق في عُنقك، ويُرقّ في رِقِّكَ"، فكان يخدم سيدهُ حتَّى مات.
قال أبو عبدِاللَّهِ: وقد حَدَّثَ عبدُالرَّزاق، عن أحمدَ بنِ حَنْبَل.
وأخرج بسنده عن: عبدُالرَّزاق، قال: حدَّثني أحمدُ بنُ حَنْبَل، عن الوليدِ ابنِ مُسلِمٍ، عن زيد بنِ واقدٍ، قال: سمِعْتُ نافِعًا مولى ابن عمر يقولُ: كان ابنُ عمرَ إذا رأى مُصَلِّيًا لا يرفعُ يديهِ في الصَّلاةِ حصبهُ وأمرهُ أن يرفع يديه٢.
_________
١ معرفة علوم الحديث: ٢١٧-٢١٨.
٢ معرفة علوم الحديث: ٢١٨.
1 / 21
قال أبو عبدِاللَّهِ: ومِثال ذلكَ في الطَّبقةِ الخامسة: حدَّثنا أبو عبدِاللَّهِ محمدُ بنُ يعقوبَ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ محمدِ بن يحيى، قال: حدَّثنا أبي، قال: ثنا سعيدُ بنُ واصلٍ، قال ثنا شُعبةُ، عن عبدِاللَّهِ بنِ صُبيحٍ، عن محمدِ ابنِ سيرينَ، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ، قال: "هذا خالي فمن شَاء منكم فليُخرج خالهُ" يعني أبا طلحةَ زوج أمّ سُلَيمٍ في الكرمِ قال هذا.
قال أبو عبدِاللَّهِ: وقد حدَّثَ محمدُ بنُ يحيى، عن ابنه يحيى بن محمدٍ بأحاديثَ.
حدَّثنا أبو عبدِاللَّه محمدُ بنُ يعقوبَ، قال: ثنا أبو عمرو المُسْتَمليُّ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى، قال: حدَّثني ابني أبو زكريا، قالَ: ثنا عبدُالرَّحمن بنُ المبارك العَيشيُّ، قال: حدَّثنا قريشُ بنُ حَيَّانَ، عن بكر بنِ وائلٍ، عن الزُّهريِّ، عن أبي عبدِاللَّهِ الأغَر، عن أبي هريرةَ، قال: لا تُكلموهم إذا أقبلوا، ولا تسبُّوهم إذا أدبروا، يعني السُّعاة١.
قال أبو عبدِاللَّهِ: ومثال ذلك في الطَّبقة السَّادسة: أخبرنا أبو بكرٍ محمدُ ابنُ داودَ بنِ سُليمانَ الزَّاهدُ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ محمدِ بنِ سعيدٍ الكوفِيُّ، قال: حدَّثنا يعقوبُ بنُ يوسُفَ الضَّبِيُّ، قال: ثنا أبو جُنادةَ، عن عُبيدِاللَّهِ بنِ الحَسَنِ، عن ابنِ سيرينَ، عن أبي هريرةَ، قال: قال ﷺ: "إحدى صَلاتي العِشَاء"، فذكَرَ الحديث.
قال أبو عبدِاللَّهِ: وقد روى أبو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ، عن شَيخِنا أبي بكرِ بن داودَ.
_________
١ معرفة لحديث: ٢١٨-٢١٩.
1 / 22
حَدَّثني أبو ذَرّ بن المنذِرِ المُفيدُ بالكوفةِ، قال: حدَّثنا أبو العبَّاسِ بنُ سعيدٍ، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ محمدُ بنُ داودَ النَّيْسَابُوريُّ، قال: حدَّثنا يحيى بنُ أحمدَ بنِ زيادٍ، قال: حدَّثنا خالدُ بنُ الهَيَّاجِ، عن أبيهِ، عن مِسْعَرٍ، عن وَبرةَ، عن ابنِ عمرَ: أنَّ النَّبيَّ ﷺ صلَّى في البيتِ.
قال أبو عبدِاللَّهِ: هذا الذي ذكرتُهُ الجنس الأوَّلُ، مِنَ الأقرانِ، وهو الذي سمَّاهُ بعض مشايخنا المُدَبَّج١.
ومن أمثلة المُدَبَّجِ: في الصَّحابةِ: أبو هريرة، وعائشة، روى كلٌ منهما عن الآخر.
وفي التَّابعين: الزُّهريّ، عن أبي الزُّبير، وأبو الزُّبيرعن الزُّهرِيِّ، والزُّهريّ عن عمر بن عبد العزيز، وعمر بن عبد العزيز عن الزُّهريِّ.
وفي أتباعهم: مالك، عن الأوزاعيّ، والأوزاعيُّ عن مالكٍ.
وفي أتباع التَّابعينَ: أحمد، عن ابن المدينيّ، وابن المدينيّ عن أحمد، مع نزاع في كونهما قرينينِ.
قال السَّخاويّ: وفي المُتأخرينَ: المِزِّيّ٢، والبِرْزاليّ٣، وشيخنا٤، والتَّقيّ
_________
١ معرفة علوم الحديث: ٢١٩.
٢ هو جمالُ الدِّين، أبو الحجَّاج يوسف بنُ عبد الرَّحمن بن يوسف القُضاعيُّ، ثُمَّ الكلبيُّ، الشَّافعيُّ، المِزِّيُّ (ت٤٤٢؟) ترجمته ومصادرها في: مقدمة كتاب: تهذيب الكمال: ١/٩-٣٦. تذكرة الحفاظ: ٤/١٤٩٨، طبقات الحفاظ: ٥١٧.
٣ هو علمُ الدِّين، أبو محمدٍ، القاسمُ بنُ محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف البِرْزَاليُّ، الدِّمشقيُّ (ت ٧٣٩هـ)، ترجمته ومصادرها في مقدمة مشيخة الإمام بدر الدين ابن جماعة: ١/٢٧-٢٨، تذكرة الحفاظ: ٤/١٥٠١، طبقات الحفاظ: ٥٢٢.
٤ هو شهابُ الدِّين، أبو الفضل، أحمدُ بن عليّ بن محمد، المعروف بابن حجر العسقلانيّ، المصريُّ، الشَّافعيُّ (ت٨٥٢هـ)، ترجمته ومصادرها في: ذيل تذكرة الحفاظ الحفاظ: ٣٨٠، الضوء اللامع: ٢/٢٦، طبقات الحفاظ: ٥٣٧.
1 / 23
الفَاسيّ١ كذلك٢.
_________
١ هو تقيُّ الدِّين، أبو عبد الله، وأبو الطيب، محمدُ بن أحمد بن عليٍّ الحسينيُّ، الفاسيُّ، المكيُّ المالكيُّ (ت٨٣٢هـ)، ترجمته ومصادرها في: العقد الثمين: ١/٣٣١، ذيل تذكرة الحفاظ: ٣٧٧، الضوء اللامع: ٧/٣٨، طبقات الحفاظ: ٥٤٤.
٢ انظر: علوم الحديث لابن الصلاح: ٢٧٨، فتح المغيث: ٣/١٦١.
رواية الأقران تعريفة ... ثانيًا: روايةُ الأقران: تعريفُ الأَقران: أ- لغة: الأقْرَانُ جمعُ قَرِين، بمعنى المُصَاحِب٣. والاقْتِرَانُ: كالازْدِواج في كونهِ اجتماعَ شَيْئَيْنِ أو أشياءَ في مَعْنًى مِنَ المَعاني٤. والقَرْنُ: أهلُ كلّ زمان، وهو مِقْدار التَّوسُّط في أعمار أهل كلّ زمانٍ، مأخوذٌ مِنَ الاقترانِ، وكأنَّهُ المِقْدَار الذي يَقْتَرِنُ فيهِ أهل ذلكَ الزَّمان في أعمارهم وأحوالهم٥. ب- اصطلاحًا: هم المُتقاربونَ في السِّنِّ، والإسنادِ٦. _________ ٣ القاموس المحيط: ٤/٢٦٠ (قرن) . ٤ المفردات للراغب الأصفهانيّ: ٤١٠ (قرن) . ٥ النهاية في غريب الحديث والأثر: ٤/٥١. ٦ علوم الحديث لابن الصلاح: ٢٧٨، تدريب الراوي: ٢/٢٤٦.
رواية الأقران تعريفة ... ثانيًا: روايةُ الأقران: تعريفُ الأَقران: أ- لغة: الأقْرَانُ جمعُ قَرِين، بمعنى المُصَاحِب٣. والاقْتِرَانُ: كالازْدِواج في كونهِ اجتماعَ شَيْئَيْنِ أو أشياءَ في مَعْنًى مِنَ المَعاني٤. والقَرْنُ: أهلُ كلّ زمان، وهو مِقْدار التَّوسُّط في أعمار أهل كلّ زمانٍ، مأخوذٌ مِنَ الاقترانِ، وكأنَّهُ المِقْدَار الذي يَقْتَرِنُ فيهِ أهل ذلكَ الزَّمان في أعمارهم وأحوالهم٥. ب- اصطلاحًا: هم المُتقاربونَ في السِّنِّ، والإسنادِ٦. _________ ٣ القاموس المحيط: ٤/٢٦٠ (قرن) . ٤ المفردات للراغب الأصفهانيّ: ٤١٠ (قرن) . ٥ النهاية في غريب الحديث والأثر: ٤/٥١. ٦ علوم الحديث لابن الصلاح: ٢٧٨، تدريب الراوي: ٢/٢٤٦.
1 / 24
شَرْحُ التَّعريف:
إذَا تماثلَ، أو تقاربَ الرُّواة في الأعمارِ والإسنادِ، أي في الأخذِ عن الشُّيوخِ، حصلت المُقارنة، وإن تفاوتوا في الأعمارِ١.
وقال الحافظُ ابنُ حجرٍ: فإن تشاركَ الرَّاوي وَمَن روى عنهُ في أمرٍ مِنَ الأمورِ المُتعلِّقةِ بالرِّوايةِ مثل: السِّن، واللّقي، وهو الأخذُ عن المشايخِ، فهو النَّوع الذي يُقالُ لهُ: رواية الأقرانِ، لأنَّهُ حينئذٍ يكونُ راويًا عن قرينه٢.
_________
١ انظر: معرفة علوم الحديث للحاكم النَّيسابوري: ٢١٥، علوم الحديث لابن الصَّلاح:٢٧٨، فتح المغيث: ٣/١٦٠، تدريب الراوي: ٢/٢٤٦-٢٤٧.
٢ نزهة النظر: ٥٩، فتح المغيث: ٣/١٦٠.
من أمثلة رواية الأقران: ومثالهُ: ما أخرجه الحاكم بسنده من طريق: المُعْتَمِر بن سُليمانَ، عن أبيه، عن مِسْعَر، عن أبي بكر بنِ حفص، عن عبدِاللَّهِ بنِ الحَسَنِ، عن عبدِاللَّهِ بنِ جَعفرٍ، قال في شأن هؤلاءِ الكلمات: "لا إلهَ إلاَّ اللَّه الحَليمُ الكريمُ، سبحان اللَّه ربّ العرش العظيم، الحمدُ للَّهِ رَبِّ العالمين، اللَّهم اغفر لي، اللَّهم ارحمني، اللَّهم تجاوز عنِّي، اللَّهم اعف عنِّي فإنَّكَ عفوٌّ غفور"، قال عبدُاللَّهِ بنُ جعفرٍ: أخبرني عمِّي أنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ علَّمهُ هؤلاء الكلمات. قال أبو عبدِاللَّه: مِسْعَرُ وسُليمان التَّيْمِيّ قرينان إلاَّ أنِّي لا أحفظ لِمِسْعَر عنهُ رواية٣. _________ ٣ معرفة علوم الحديث: ٢١٩-٢٢٠.
من أمثلة رواية الأقران: ومثالهُ: ما أخرجه الحاكم بسنده من طريق: المُعْتَمِر بن سُليمانَ، عن أبيه، عن مِسْعَر، عن أبي بكر بنِ حفص، عن عبدِاللَّهِ بنِ الحَسَنِ، عن عبدِاللَّهِ بنِ جَعفرٍ، قال في شأن هؤلاءِ الكلمات: "لا إلهَ إلاَّ اللَّه الحَليمُ الكريمُ، سبحان اللَّه ربّ العرش العظيم، الحمدُ للَّهِ رَبِّ العالمين، اللَّهم اغفر لي، اللَّهم ارحمني، اللَّهم تجاوز عنِّي، اللَّهم اعف عنِّي فإنَّكَ عفوٌّ غفور"، قال عبدُاللَّهِ بنُ جعفرٍ: أخبرني عمِّي أنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ علَّمهُ هؤلاء الكلمات. قال أبو عبدِاللَّه: مِسْعَرُ وسُليمان التَّيْمِيّ قرينان إلاَّ أنِّي لا أحفظ لِمِسْعَر عنهُ رواية٣. _________ ٣ معرفة علوم الحديث: ٢١٩-٢٢٠.
1 / 25
وأخرج الحاكمُ بسندهِ، عن: زائدة، عن زهير، عن أبي إسحاقَ، عن عمرو بنِ ميمون، عن عبدِاللَّهِ: أنَّ النَّبيَّ ﷺ كانَ إذَا دَعا دَعا ثلاثًا.
قال أبو عبدِاللَّهِ: زائدة بن قُدامةَ، وزهير بن مُعاويةَ قرينان، إلاَّ أنِّي لا أحفظ لزهير عنهُ رواية١.
وأخرج الحاكم بسندهِ، عن: ابنِ الهاد، عن إبراهيمَ بن سَعْدٍ، عن أبيهِ، عن أبي أُسامةَ، عن عائشةَ، عن النَّبِيِّ ﷺ قال: "قد كانَ يكونُ في الأُممِ مُحَدَّثونَ، فإنْ يَكُنْ في أُمَّتي أحدٌ فعمر بن الخَطَّابِ".
قال أبو عبد اللَّهِ: يزيد بن عبدِاللَّه بن أُسامةَ بن الهاد، وإن كانَ أسند وأقدم مِن إبراهيمَ بن سعدٍ فإنَّهما في أكثر الأسانيد قرينان، ولا أحفظ لإبراهيمَ ابنِ سَعْدٍ عنهُ رواية٢.
وأخرجِ الحاكمُ بسنده عن: سُليمان بن طَرْخَانَ، عن رَقَبَةَ بنِ مَصْقَلَةَ، عن أبي إسحاقَ، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: ذَكر رسولُ اللَّهِ ﷺ الغُلام الذي قتلهُ الخُضر، فقال: "طُبعَ كافرًا".
قال أبو عَبْدِاللَّهِ: سليمان بن طَرْخانَ، ورقبة بن مَصْقَلَةَ قرينان، ولا أحفظُ لرقبةَ عنهُ رواية، فقد جعلتُ هذهِ الأحاديثَ مثالًا لمعرفة الأقرانِ، وأنَّه غير رواية الأكابر عن الأصاغر٣.
_________
١ معرفة علوم الحديث: ٢٢٠.
٢ معرفة علوم الحديث: ٢٢٠.
٣ معرفة علوم الحديث: ٢٢٠.
1 / 26
قال السَّخاويُّ: روى كلّ من الثَّوريِّ، ومالك بن مِغْوَلٍ، عن مِسْعَرٍ، وهم أقران، والأعمشِ، عن التَّيْمِيِّ، وهما قَرينان، والزَّين رضوان، عن الرَّشيديِّ، وهما قرينان من شيوخنا.
وقد يجتمعُ جماعةٌ مِنَ الأقرانِ في سلسلةٍ كروايةِ أحمد، عن أبي خيثمة زهير ابن حربٍ، عن ابن مَعينٍ، عن عليِّ بن المَدينيِّ، عن عُبيدِاللَّهِ بنِ مُعاذٍ، لحديثِ أبي بكر بن حفصٍ، عن أبي سلمةَ، عن عائشةَ: "كانَ أزواجُ النَّبيِّ ﷺ يأخُذْنَ مِن شُعُورِهِنَّ حَتَّى تكونَ كالوفرة"١، فالخمسة كما قال الخطيبُ: أقرانٌ.
ورواية ابن المُسيّبِ، عن ابنِ عُمرَ، عن عُمَرَ، عن عُثمانَ، عن أبي بكرٍ الحديثِ "ما نجاة هذا الأمر"، ففيه أربعةٌ مِنَ الصَّحابة في نسقٍ٢.
وكذا اجتمعَ أربعةٌ مِنَ الصَّحابةِ في عدَّة أحاديثَ بعضها في (الصَّحيحين)، وغيرهِما، وأفردَ فيهِ كلٌّ مِن عبدِالغني بن سعيدٍ المِصْرِيِّ، وأبي الحجَّاجِ يوسُفَ ابنِ خليلٍ الدِّمشقيِّ، فيما سمعناهُ (جزءًا)، بل اجتمعَ منهم خمسةٌ في حديثِ "الموتُ كَفَّارةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ"، وذلكَ مِن روايةِ: عَمرو بن العاص، عن عُثمان،
_________
١ انظر: صحيح مسلم: ١/٢٦٥ (٣٢٠)، فتح المغيث: ٣/١٦١، تدريب الراوي: ٢/٢٤٩.
٢ أخرجه: ابن سعد في الطبقات:٢/٣١٢،من طريق الواقدي، وابنُ عَديٍّ في الكامل:٥/١٧١٧ وأخرجه أحمد في المسند: ١/٩، ومن طريقه النسائي في عمل اليوم والليلة (٨٨٥)، وأخرجه المروزيُّ، وأبو يعلى: ١/٢٠-٢٢، والبيهقيُّ في شعب الإيمان: ١/٢٦١-٢٦٢، وانظر: العلل للدارقطني: ١/١٧١-١٧٥.
1 / 27
عن عُمر بن الخَطَّابِ، عن أبي بكرٍ الصِّديقِ، عن بلالٍ١، وهو غريبٌ لاجتماع الخلفاء الثلاثة فيه، ويدخلُ في النَّوع قبلهُ ودون هذين العددينِ مِمَّا أكثر فيه اجتمع فيه ثلاثةٌ مِن الصَّحابة، كمُعاوية بنِ أبي سُفيانَ، عن مالكِ بنِ يخامر، على القولِ بصُحبتهِ، عن مُعاذٍ، وكمُعاوية بنِ خَديجٍ، عن مُعاويةَ بنِ أبي سُفيانَ، عن أختِهِ أمِّ حبيبةَ.
ثُمَّ مِمَّا أكثرَ مِمَّا يدخلُ في هذا النَّوعِ، ومِمَّا لا يدخلُ كابنِ عُمَرَ، عن كُلٍّ مِن أبيهِ، وأختِهِ حفصةَ.
وأمَّا رواية الليث، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن سعدِ بنِ إبراهيمَ، عن نافعِ ابنِ جُبيرِ بنِ مُطْعِمٍ، عن عُرْوَةَ بنِ المُغيرَة بنِ شُعبةَ، عن أبيهِ لحديثِ "اتَّبعتُ النَّبِيَّ ﷺ بإداوة"٢، ورواية محمد بن عَجْلانَ، عن محمد بن يحيى بن حبانَ، عن عبدِاللَّهِ ابن مُحَيْريزٍ، عن الصُّنابِحِيِّ، عن عُبادةَ بن الصَّامتِ ففيهِما أربعةٌ مِنَ التَّابعينَ في نسقٍ، ودونَ هذا العدد مِمَّا أمثلتهُ أكثر ما اجتمعَ فيه ثلاثةٌ منهم: كالزُّهْرِيِّ، وعبدِالمَلكِ بنِ أبي بكرِ بنِ الحارثِ بنِ هشامٍ، عن خارجةَ بنِ زيدِ بنِ ثابتٍ الأنصاريِّ، عن أبيهِ ﵁.
وكذا الزُّهريّ، عن عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ إبراهيمَ بنِ قَارِظٍ، عن أبي هُريرَةَ، ﵁، ثُمَّ ما اشتملَ على اثنين فأكثر، ماوجد منهم
_________
١ الحديثُ مختلف في صحته، وعدَّهُ البعض مِن الموضوعات، انظر: حاشية مسند الشهاب: ١/١٣٢-١٣٥، وحاشية المقاصد الحسنة: ٦٨٠-٦٨١، (تحقيق محمد عثمان)، وضعيف الجامع الصغير: ٦/١٢.
٢ صحيح البخاري: ١/٣٠٦-٣٠٧، ومسلم: ١/٢٢٨.
1 / 28
حسبما أشرتُ إليهِ في المُرْسَلِ في نَسَقٍ، إمَّا ستة، أو سبعة، وفي أشباه ماذكرتُهُ طول، وللخطيبِ (رواية التَّابعينَ بعضهم عن بعضٍ)، وهو معَ رواية الصَّحابة بعضهم عن بعضٍ الَّذي علمت إفراد نوعٍ منهُ بالتَّأليفِ أيضًا مِمَّا لم يذكرهُ ابنُ الصَّلاحِ وأتباعه، ولكن قد استدركهما بعضُ المُتأخرينَ عليهِ١
_________
١ فتح المغيث: ٣/١٦١-١٦٢.
الصلة بين رواية الأقران والمدبج مدخل ... الصِّلة بين رواية الأقران، والمُدَبَّج، ورواية الأكابر عن الأصاغِر، وبعض أنواع مصطلح الحديث: قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: فإن تشارك الرَّاوي وَمَن معهُ في أمر مِنَ الأمورِ المُتعلقةِ بالرِّواية، مثل: السِّن، واللَّقي، وهو الأخذُ عن المشايخ فهو النَّوع الذي يُقال لهُ: رواية الأقران، لأنَّهُ حينئذٍ يكونُ راويًا عن قرينه، وإذا روى كلّ منهما، أي القرينينِ عن الآخرِ، فهو المُدَبَّج، وهو أخصّ مِنَ الأوَّل، فكُلّ مُدَبَّج أقرانٌ، وليس كُلّ أقران مُدَبَّجًا ... وإذا روى الشَّيخُ عن تلميذهِ صدق أنَّ كلًا منهما يروي عن الآخرِ، فهل يُسَمَّى مُدَبَّجًا؟ فيه بحثٌ، والظَّاهرُ: لا، لأنَّهُ مِن روايةِ الأكابرِ عن الأصاغِرِ، والتَّدْبيج مأخوذٌ مِن ديباجَتي الوجه، فيقتضي أن يكونَ ذلكَ مُستويًا من الجانبين فلا يجيء فيه هذا. وإن روى الرَّاوي عَمَّن هو دونهُ، في السِّنِّ، أو في اللُّقيِّ، أو في المقدارِ، فهذا النَّوعُ هو رواية الأكابر عن الأصاغر٢. _________ ٢ نزهة النَّظر: ٦٠-٦١.
الصلة بين رواية الأقران والمدبج مدخل ... الصِّلة بين رواية الأقران، والمُدَبَّج، ورواية الأكابر عن الأصاغِر، وبعض أنواع مصطلح الحديث: قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: فإن تشارك الرَّاوي وَمَن معهُ في أمر مِنَ الأمورِ المُتعلقةِ بالرِّواية، مثل: السِّن، واللَّقي، وهو الأخذُ عن المشايخ فهو النَّوع الذي يُقال لهُ: رواية الأقران، لأنَّهُ حينئذٍ يكونُ راويًا عن قرينه، وإذا روى كلّ منهما، أي القرينينِ عن الآخرِ، فهو المُدَبَّج، وهو أخصّ مِنَ الأوَّل، فكُلّ مُدَبَّج أقرانٌ، وليس كُلّ أقران مُدَبَّجًا ... وإذا روى الشَّيخُ عن تلميذهِ صدق أنَّ كلًا منهما يروي عن الآخرِ، فهل يُسَمَّى مُدَبَّجًا؟ فيه بحثٌ، والظَّاهرُ: لا، لأنَّهُ مِن روايةِ الأكابرِ عن الأصاغِرِ، والتَّدْبيج مأخوذٌ مِن ديباجَتي الوجه، فيقتضي أن يكونَ ذلكَ مُستويًا من الجانبين فلا يجيء فيه هذا. وإن روى الرَّاوي عَمَّن هو دونهُ، في السِّنِّ، أو في اللُّقيِّ، أو في المقدارِ، فهذا النَّوعُ هو رواية الأكابر عن الأصاغر٢. _________ ٢ نزهة النَّظر: ٦٠-٦١.
1 / 29
مِن العلوم التي لها صلة بالمُدَبَّج ورواية الأقران:
إنَّ معرفة المُدَبَّج ورواية الأقران تتطلَّب مِنَ المُحَدِّثِ أن يكون على اطِّلاعٍ واسعٍ بعدد مِن أنواع علوم الحديث، والتي تعتبر معرفتها مِن وسائل معرفة المُدَبَّج ورواية الأقران، وَمِن هذهِ الأنواع:
١- معرفة طبقات العلماء: والطَّبَقَةُ في اللُّغة: هم القومُ المُتَشَابِهونَ١. والطبقة في الاصطلاح: الطَّبقةُ قومٌ تقاربوا في السِّنِّ والإسنادِ، أو في الإسنادِ فقط بأن يكون شيوخ هذا هم شيوخ الآخر، أو يُقاربوا شيوخه٢. قال ابنُ الصَّلاح: والباحث النَّاظرُ في هذا الفنّ يحتاجُ إلى معرفة المواليد، والوفيات، وَمَن أخذوا عنهُ، وَمَن أخذ عنهم، ونحو ذلك٣. ومن فوائده: ١- الأمنُ مِن تداخل المتشابهينَ في اسم، أو كنية، او نحو ذلك. _________ ١ علوم الحديث لابن الصَّلاح: ٣٥٧، تدريب الراوي: ٢/٣٨١. والطَّبَقَةُ الأُمَّةُ بعد الأُمَّةِ. وقال ابنُ سيده: الطَّبَقُ الجماعَةُ مِنَ النَّاسِ يعدلونَ جماعة. وطبقة: طائفة، ومضى طَبَقٌ بعد طَبَقٍ: عالمٌ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ عالمٍ. انظر: تهذيب اللغة: ٩/٩،١١، مادة (طبق)، الصحاح: ٤/١٥١١،١٥١٢، أساس البلاغة: ٢٨٣،٢٨٤، لسان العرب: ١٠/٢٠٩، ٢١٠، ٢١١. ٢ انظر: فتح المغيث: ٣/٣٥١، تدريب الراوي: ٢/٣٨١. ٣ علوم الحديث: ٣٥٨. فتح المغيث: ٣/٣٥١.
١- معرفة طبقات العلماء: والطَّبَقَةُ في اللُّغة: هم القومُ المُتَشَابِهونَ١. والطبقة في الاصطلاح: الطَّبقةُ قومٌ تقاربوا في السِّنِّ والإسنادِ، أو في الإسنادِ فقط بأن يكون شيوخ هذا هم شيوخ الآخر، أو يُقاربوا شيوخه٢. قال ابنُ الصَّلاح: والباحث النَّاظرُ في هذا الفنّ يحتاجُ إلى معرفة المواليد، والوفيات، وَمَن أخذوا عنهُ، وَمَن أخذ عنهم، ونحو ذلك٣. ومن فوائده: ١- الأمنُ مِن تداخل المتشابهينَ في اسم، أو كنية، او نحو ذلك. _________ ١ علوم الحديث لابن الصَّلاح: ٣٥٧، تدريب الراوي: ٢/٣٨١. والطَّبَقَةُ الأُمَّةُ بعد الأُمَّةِ. وقال ابنُ سيده: الطَّبَقُ الجماعَةُ مِنَ النَّاسِ يعدلونَ جماعة. وطبقة: طائفة، ومضى طَبَقٌ بعد طَبَقٍ: عالمٌ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ عالمٍ. انظر: تهذيب اللغة: ٩/٩،١١، مادة (طبق)، الصحاح: ٤/١٥١١،١٥١٢، أساس البلاغة: ٢٨٣،٢٨٤، لسان العرب: ١٠/٢٠٩، ٢١٠، ٢١١. ٢ انظر: فتح المغيث: ٣/٣٥١، تدريب الراوي: ٢/٣٨١. ٣ علوم الحديث: ٣٥٨. فتح المغيث: ٣/٣٥١.
1 / 30