188

Al-Manṣūrī fī al-Ṭibb

المنصوري في الطب

ژانرونه

طبیعیاتو

من سافر في حر شديد فينبغي له أن لا يكون ممتلئا من الطعام ولا مخمورا ولا شاربا من الشراب وقته ذلك. ولا ينبغي أيضا أن يكون خاليا خاويا من الطعام أو الشراب البتة اللهم إلا أن يكون متخما. والأجود إذا كان متخما أن لا يسير البتة بل يسكن ويطيل النوم حتى يخفف. وإذا لم يكن متخما بل يشتهي الطعام ولو أدنى شهوة فليأكل أكلا معتدلا إلى القلة ما هو من أغذية باردة مطفئة مسكنة للعطش كالقريص والهلام وماء الحصرم والخل والزيت ونحوها من البوارد. وإن كان لا يشتهي الطعام البتة أو وجد فضل حرارة وعطش فليشرب شربة خفيفة من السويق بالسكر والماء البارد، ثم لا يسير ساعة يفرغ من ذلك بل يتوقف قليلا، وخاصة إن شرب من الماء فضلا، لأنه إن تحرك على المكان تخضخض الطعام في معدته وأنفخه وساء هضمه. فإن لم يجد من ذلك بد فليسر قليلا قليلا ولا يعنف في الحركة مدة ما. وليقي أعضاءه كلها والرأس خاصة من الشمس لا سيما إن كان يطول به السير. ومضرة السير الطويل في الحر الشديد على الخلاء والخواء من الغذاء في الأبدان المنهوكة أضر، وبالأبدان العبلة أقل ضررا. بل إن من الأبدان العبلة ما ينتفع بذلك. وقد قلنا إننا لا نقصد في كتابنا هذا إلى مثل هذا التفصيل والتحديد إذ كان يحتاج فيه إلى وغول وإغراق في الصناعة بل إلى الأمر الأعم الأكثر. وللعادة أيضا في ذلك حظ عظيم. وذلك لأن الأبدان المعتادة للحر والبرد والتعب والجوع وسائر العادات أقوى وأصبر عليها، وهي فيها أقل نكاية منها في التي لم تعتد ذلك. حتى إذا قطع الإنسان سيره فليسترح هنيهة ثم يغتسل بالماء العذب الفاتر ثم يأكل من الفاكهة والأغذية المبردة المرطبة. وينام في موضع ريح ويجتنب الباه. فإن وجد صداعا فليعالج بالماء ورد والدهن ورد والخل خمر. ويزيد في الاغتسال بالماء ويجعل ميل أغذيته إلى البرودة والرطوبة أكثر وينشق دهن البنفسج أو دهن حب القرع أو دهن الخلاف. فإن لم يحدث حادث مكروه، مضى على تدبيره. هذا وإن حدثت حمى فليمسك عن السير حتى يصلح ما حدث. وإن لم يمكن فليكن سيره أسكن وتوقيه للشمس واحتراسه منه أشد وأبلغ. وليأخذ قبل سيره من الأشياء المقوية المطفئة كسويق الشعير بالسكر والماء البارد، أو لعاب بزر قطونا والجلاب وماء الشعير، ويغتذي عند نزوله بالأغذية المبردة والفواكه وبالألبان إن لم يكن حدثت حمى بعد. أما إن كانت قد حدثت فلا يقربن اللبن الحليب ولا الزبد ولا اللبأ ولا من الماست إلا من الحامض منه. وأما الرائب والمصل فإنهما غير ضاران في هذه الحال. وإن استمرت به الحمى فالكلام في علاجه خارج عن غرض كتابنا ويحتاج إلى طبيب يشرف عليه ويدبره على ما سنذكره من علاج الحميات والذي سيكون بقدر ما يليق بكتابنا هذا في موضعه إن شاء الله.

مخ ۲۸۲