بتحملها، إلّا إذا تكفل بها، واختاره ابن حجر ﵀.
والأظهر -والله أعلم-: القول الثاني، وأن تبليغ السَّلام سُنَّة في الأصل، إلا أن يستأْمِنه المُسَلِّم، فيقول له: «أمانة معك، أن توصل السَّلام لفلان»، أو نحوها من العبارات التي تُقيَّد بكونها أمانة، وتحمَّلها المبلِّغ، وقَبِل بتوصيلها.
وبعض العلماء ومنهم ابن حجر -رحم الله الجميع- قالوا: بسُنِّيَّة الرَّد على من حمل السَّلام، أيضًا مع الرد على مَنْ سلَّم، فيكون لحامل السَّلام أيضًا نصيبًا من السَّلام، فالأفضل لمن نُقل له سلامًا، أن يقول لحامل السلام: عليك وعليه السَّلام ورحمة الله وبركاته، ونحو ذلك.
واستدلّ ابن حجر ﵀ بدليلين:
أحدهما: حديث رجل من الصَّحابة عند أحمد، وأبي داود، وحسَّنه الألباني، وفيه: أنَّ رجلًا أوصل سلام أبيه للنَّبي ﷺ، فقال النَّبيُّ ﷺ للرجل: «عَلَيْكَ، وَعَلَى أَبِيكَ السَّلَامُ» (^١).
والآخر: حديث أنس ﵁ عند النَّسَائي، وفيه: قول خديجة ﵂ لمَّا بلَّغها عن جبريل سلام الله تعالى عليها، قالت للنَّبيِّ ﷺ: «وعليك، وعلى جبريل السلام» (^٢).
قال ابن حجر ﵀ في شرحه لحديث عائشة ﵂ السَّابق: «قال النَّووي: في هذا الحديث مشروعية إرسال السَّلام، ويجب على الرسول تبليغه لأنه أمانة، وتُعُقِّب بأنه بالوديعة أشبه، والتحقيق أنَّ الرسول إن التزمه أشبه الأمانة، وإلا فوديعة، والودائع إذا لم تُقبل لم يلزمه شيء، قال: وفيه إذا أتاه شخص بسلام من شخص، أو في ورقة وجب الرَّد
(^١) رواه أحمد برقم (٢٣١٠٤)، وأبو داود برقم (٥٢٣١).
(^٢) رواه النَّسائي في السُّنن الكبرى برقم (٨٣٥٩).