Al-Majmūʿ al-Mufīd al-Mumtāz min Kutub al-ʿAllāmah Ibn Baz
المجموع المفيد الممتاز من كتب العلامة ابن باز
خپرندوی
دار طيبة الخضراء للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
د خپرونکي ځای
مكة المكرمة
ژانرونه
والآيات في هذا المعنى كثيرة، وسبق ذكر الآيات الدالة، على أن النزاع بين الرسل وبين الأمم، إنما هو في إخلاص العبادة لله وحده، كقوله سبحانه: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل: ٣٦] وما جاء في معناها من الآيات وبين سبحانه في مواضع كثيرة من كتابه الكريم شأن الشفاعة، فقال تعالى في سورة البقرة: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] وقال في سورة النجم: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ [النجم: ٢٦] وقال في سورة الأنبياء في وصف الملائكة: ﴿وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٨]. وأخبر ﷿ أنه لا يرضى من عباده الكفر، وإنما يرضى منهم الشكر، والشكر هو توحيده والعمل بطاعته، فقال تعالى في سورة الزمر: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ [الزمر: ٧] وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة ﵁ أنه قال: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال «من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه» أو قال «من نفسه».
وفي الصحيح عن أنس ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: «لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا» والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وجميع ما ذكرنا من الآيات والأحاديث كله يدل على أن العبادة حق الله وحده، وأنه لا يجوز صرف شيء منها لغير الله، لا للأنبياء ولا لغيرهم، وأن الشفاعة ملك لله ﷿، كما قال سبحانه: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٤٤] الآية، ولا يستحقها أحد إلا بعد إذنه للشافع، ورضاه عن المشفوع فيه، وهو سبحانه لا يرضى إلا التوحيد كما سبق.
وأما المشركون فلا حظ لهم في الشفاعة، كما قال تعالي: ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ [المدثر: ٤٨] وقال تعالى: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ [غافر: ١٨] والظلم عند الإطلاق هو الشرك كما قال تعالى: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: ٢٥٤] وقال تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣].
1 / 39