کفایه په علم روایت کې
الكفاية في علم الرواية
خپرندوی
جمعية دائرة المعارف العثمانية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۳۵۷ ه.ق
د خپرونکي ځای
حيدر آباد
ژانرونه
د حدیث علوم
لِأَنَّنَا مَتَى اسْتَفْسَرْنَا الْجَارِحَ لِغَيْرِهِ فَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْنَا لِسُوءِ الظَّنِّ وَالِاتِّهَامِ لَهُ بِالْجَهْلِ بِمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَجْرُوحُ مَجْرُوحًا، وَذَلِكَ يَنْقُضُ جُمْلَةَ مَا بَنَيْنَا عَلَيْهِ أَمْرَهُ، مِنَ الرِّضَا بِهِ، وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ كَشْفُ مَا بِهِ صَارَ مَجْرُوحًا، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ آرَاءُ النَّاسِ فِيمَا بِهِ يَصِيرُ الْمَجْرُوحُ مَجْرُوحًا، كَمَا لَا يَجِبُ كَشْفُ ذَلِكَ فِي الْعُقُودِ وَالْحُقُوقِ، وَإِنِ اخْتَلَفَ فِي كَثِيرٍ مِنْهَا وَالطَّرِيقُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ. فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْجَارِحُ عَامِّيًّا، وَجَبَ لَا مَحَالَةَ اسْتِفْسَارُهُ. وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ إِنَّمَا أَوْجَبَ الْكَشْفَ عَنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ إِنْسَانًا جَرَحَ رَجُلًا فَسُئِلَ عَمَّا جَرَحَهُ بِهِ، فَقَالَ: رَأَيْتُهُ يَبُولُ قَائِمًا، فَقِيلَ لَهُ: وَمَا فِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ جَرْحَهُ؟ فَقَالَ: لِأَنَّهُ يَقَعُ الرَّشَشُ عَلَيْهِ وَعَلَى ثَوْبِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي، فَقِيلَ لَهُ: رَأَيْتَهُ صَلَّي كَذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَا، فَهَذَا وَنَحْوُهُ جَرْحٌ بِالتَّأْوِيلِ، وَالْعَالِمُ لَا يَجْرَحُ أَحَدًا بِهَذَا وَأَمْثَالِهِ، فَوَجَبَ بِذَلِكَ مَا قُلْنَاهُ. سَمِعْتُ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ طَاهِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ الطَّبَرِيَّ يَقُولُ: لَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ إِلَّا مُفَسَّرًا، وَلَيْسَ قَوْلُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ: فُلَانٌ ضَعِيفٌ، وَفُلَانٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ، مِمَّا يُوجِبُ جَرْحَهُ وَرَدَّ خَبَرِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَفْسُقُ بِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ سَبَبِهِ، لَيُنْظَرَ هَلْ هُوَ فِسْقٌ أَمْ لَا؟ وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا: إِذَا شَهِدَ رَجُلَانِ بِأَنَّ هَذَا الْمَاءَ نَجِسٌ، لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا حَتَّى يُبَيِّنَا سَبَبَ النَّجَاسَةِ، فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَنْجُسُ بِهِ الْمَاءُ، وَفِي نَجَاسَةِ الْوَاقِعِ فِيهِ، قَالَ الْخَطِيبُ: وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ عِنْدَنَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَئِمَّةُ مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ وَنُقَّادِهِ، مِثْلِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ النَّيْسَابُورِيِّ وَغَيْرِهِمَا، فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ قَدِ احْتَجَّ بِجَمَاعَةٍ سَبَقَ مِنْ غَيْرِهِ الطَّعْنُ فِيهِمْ وَالْجَرْحُ لَهُمْ كَعِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي التَّابِعِينَ، وَكَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَعَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ فِي الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهَكَذَا فَعَلَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فَإِنَّهُ احْتَجَّ بِسُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ وَجَمَاعَةٍ غَيْرِهِ اشْتُهِرَ عَمَّنْ يَنْظُرُ فِي حَالِ الرُّوَاةِ الطَّعْنُ عَلَيْهِمْ،
1 / 108