الكوكب المنير في شرح الألفية بالتشطير
الكوكب المنير في شرح الألفية بالتشطير
پوهندوی
حمزة مصطفى أبو توهة
خپرندوی
أروقة للطباعة والنشر
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م
ژانرونه
الكوكب المنير
في
شرح الألفية بالتشطير
تصنيف خاتمة المحققين ونادرة المدققين
العلامة الأوحد والفهامة الأمجد
الوحيد الألمعي والفريد اللوذعي
عبد الجليل بن أبي المواهب الحنبلي البعلي المواهبي
ت ١١١٩ هـ
ومعه:
شفاء الغليل
في
ترجمة الشيخ عبد الجليل
دراسة وتحقيق
حمزة مصطفى حسن أبو توهة
1 / 1
مقدمة
حاز علم النحو نصيبًا وافرًا من المنظومات العلمية، منها ما كان يجمع جُلّ أبواب النحو، مثل ألفية ابن معط، وألفية ابن مالك، وألفية الآثاري، وألفية السيوطي، ومن قبلها ملحة الإعراب، ومنها ما كان يختص بمسائل مفردة، مثل القصيدة المجرادية، ونظم المرادي للجمل، ونظم الزواوي لقواعد الإعراب، والمنظومة الميمية لحازم القرطاجني.
ولعل أول منظومة في النحو -كما يقال- هي منظومة الخليل بن أحمد الفراهيدي، وقد شكك الدكتور العلامة الطناحي في هذه النسبة للخليل بن أحمد، ورجح أن يكون أول عهد بالمنظومات ما بعد القرن الرابع (^١).
وأشهر هذه المنظومات ملحة الإعراب للحريري، وألفية ابن معط، والوافية لابن الحاجب، وألفية ابن مالك، وألفية السيوطي المسماة بالفريدة، وألفية ابن مالك هي الأشهر على الإطلاق، حيث إنه إذا أُطلق لفظ الألفية فهو منصرف إليها من غير لبس.
ولمّا كانت العربية من أجل العلوم، والمصنفات فيها أكثر من أن تعد وتحصى، تميزت من هذه التصنيفات بعضها، وشاع ذكرها، وتُصدي لشرحها، ومن أجَلّ هذه المصنفات (ألفية ابن مالك)، ولها ما يزيد على مئة وثلاثين شرحًا، ما بين مطبوع ومخطوط ومفقود، وقد أعرب أبياتها بعض العلماء، ووضع لها آخرون حواشيَ
_________
(^١) انظر: الفصول الخمسون ٢٩.
1 / 5
وتقريراتٍ وتقييداتٍ وتعليقاتٍ، وحوّلها بعضهم إلى نثر، وغير ذلك من ألوان العناية والاهتمام بهذا الكتاب المبارك (^١).
ويمكن القول إن أول شرح للألفية كان شرح ابن الناظم (^٢)، ثم تلاه شروحات مَن بعده، وتصدى للألفية جهابذة العلماء كأبي حيان والمرادي والشاطبي والمكودي وابن عقيل وابن هشام.
لكن هذه الشروح كلها كانت على هيئة واحدة وهي الشرح المنثور، إلا أن التراث حفظ لنا شرحًا بديعًا عظيمًا، غريبًا في بابه، لم يُنسج على منواله، وهو شرح الإمام بدر الدين الغزي المسمى "البهجة الوفية بحجة الخلاصة الألفية"، وهو شرح منظوم في عشرة آلاف بيت ونيف وخمسين بيتًا، وقد حققته من قبلُ وطُبع مع صناعة دراسة وافية شافية لهذا السفر المبارك.
ويندرج تحت هذا النوع البديع كتاب (الكوكب المنير) الذي نحن بصدد تحقيقه، وهو شرح بالتشطير على ألفية ابن مالك، والتشطير أن يعمد الناظم إلى البيت فيضع لصدره عجزًا من عنده، ويضع لعجزه صدرًا من عنده، فيصبح البيت بيتين، ومثال ذلك قول ابن مالك:
قال محمد هو ابن مالك ... أحمد ربي الله خير مالك
فقد جاء الإمام عبد الجليل وشطّر هذا البيت قائلًا:
قال محمد هو ابن مالك ... العالم الأندلسي من سالكي ...
رأي الإمام الشافعي الناسك ... أحمد ربي الله خير مالك
واللهَ أسأل التوفيق والسداد في القول والعمل، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين.
حمزة مصطفى حسن أبو توهة
مدينة غزة
٢٨\ ٣\٢٠١٩
_________
(^١) انظر: كشف الظنون ١\ ١٥٢.
(^٢) انظر: نشأة النحو ٢٣١ والوسيط في تاريخ النحو العربي ٢٠٦.
1 / 6
ترجمة المصنف (^١)
اسمه ومولده
عبد الجليل بن الشيخ عبد الباقي محمد أبي المواهب بن عبد الباقي بن عبد الباقي بن عبد القادر بن عبد الباقي بن إبراهيم بن عمر بن محمد الحنبلي البعلي الدمشقي الشَّهير بالمَواهِبيِّ.
اتفقت مصادر ترجمته على إيراد اسمه واسم والده ومنها من ذكر جده، وقد نقل الغزي في النعت الأكمل من ثبت جد المؤلف أنه عبد الباقي تقي الدين الحنبلي ابن الشيخ عبد الباقي ابن خطيب المسلمين الشيخ عبد القادر زين الدين ابن مفتي الموحدين عبد الباقي علامة المتبحرين ابن الشيخ إبراهيم بن عمر بن محمد الشهير أولًا بابن البدر والآن بابن فقيه فصة الأزهري الطلب الدمشقي المنشأ والوفاة.
ولد الإمام عبد الجليل بدمشق في سادس شعبان سنة تسع وسبعين بعد الألف، ونشأ بها في كنف والده واشتغل بطلب العلم فيها، ولكن أصله من بعلبك ونسبته إليها.
_________
(^١) انظر ترجمة المصنف في: غذاء الألباب ٢\ ٥٥٤ وسلك الدرر ٢\ ٢٣٤ والنعت الأكمل ٢٦١ والسحب الوابلة ٢\ ٤٥١ ومختصر طبقات الحنابلة ١٢٨ والأعلام ٣\ ٢٧٦ وتسهيل السابلة ٣\ ١٥٨٧.
1 / 7
أخلاقه
كان وقورًا ساكنًا كثير البر بوالده، وشوهد مرارًا إذا كان في درسه ومر عليه والده يقوم من الدرس ويأخذ مداس والده منه ويمشي خلفه بأدب وسكينة ويلازم حضور دروس والده بالجامع الأموي بين العشاءين وكان والده يحبه كثيرًا ويحترمه ويدعو له لِما كان عليه من البر والديانة والصيانة وملازمة الطاعات وكف اللسان عن اللغو والانقطاع عن الناس.
* * *
علمه وعبارات العلماء فيه
برع في المعقولات لا سيما النحو والصرف والمعاني والبيان وجلس للتدريس بالجامع الأموي وعكف عليه الطلبة للاستفادة وكان عجبًا في تقرير العبارة يؤديها بفصاحة وبيان.
قال عنه السفاريني: "خاتمة المحققين ونادرة المدققين العلامة الأوحد والفهامة الأمجد الوحيد الألمعي والفريد اللوذعي المحقق عبد الجليل بن أبي المواهب .. ".
وقال عنه صاحب سلك الدرر: " الشيخ العالم المحقق المدقق الفهامة الإمام الفاضل".
* * *
شيوخه
اشتغل بطلب العلم على والده وعلى غيره ولازم الشيخ إبراهيم الفتال ومفتي دمشق الشيخ إسماعيل الحايك والشيخ عبد القادر بن عبد الهادي فأخذ عنهم الأصلين والنحو والصرف والمعاني والبيان والعلامة الشيخ عبد الرحيم
1 / 8
الكابلي نزيل دمشق وأخذ الفقه والحديث ومصطلحه عن والده وقرأ على الشيخ عثمان القطان وأجازه المحقق الرباني الشيخ إبراهيم الكوراني نزيل المدينة المنورة والعلامة السيد محمد البرزنجي الكوراني نزيلها أيضًا.
* * *
مؤلفاته
يكاد يجمع من ترجم للمؤلف أن له من التآليف نظم شافية ابن الحاجب في الصرف، وشرحها شرحًا حافًا، وله تشطير بديع على ألفية ابن مالك في النحو، وهو ما نحن نعمل عليه الآن، وله أرجوزة في العروض، وغير ذلك من الرسائل.
وجاء في حاشية السحب الوابلة من عمل المحققَين:
"ورأيت للمذكور -يعنيان به المؤلف- نظمًا للشّافية لابن الحاجب (ت ٦٤٦ هـ)، وشرحًا على هذا النظم اسمه (الموارد العذبة الصّافية ...)، أوّل هذا النّظم:
حَمْدًا لِأَهْلِ الحَمْدِ فَيَّاضِ النِّعَمْ ... مَا دَامَ مِقْدَارُ العُلُومِ فِي العِظَمْ ...
وَدَامَ صَرْفُ القَلْبِ نَحْوَهَا لِمَنْ ... وَفَّقَهُ مَوْلَاهُ عَنْ ذِي الفِطَنْ ...
فَأَنْفَقُوا رَيْعَانَ عُمْرِهِمْ عَلَى ... إِبْرَازِ مَكْنُونَاتِهَا إِلَى الجَلَا
ثم قال:
وَإِنَّ أُسَّ ذِي العُلُومِ كُلِّهَا ... صِنَاعَةُ التَّصْرِيفِ فَهْيَ أَصْلُهَا ...
وَإِنَّ مَا أَلَّفَهُ ابْنُ الحَاجِبِ ... فِيهِ وَفِي خَطٍّ أَحَقُّ مَا اجْتُبِي ...
وَهْوَ المُسَمَّى شُهْرَةً بِـ (الشَّافِيَهْ) ... جَزَاهُ عَنْهُ بِالجِنَانِ العَافِيَهْ
وجاء في أول الشّرح: "الحمدُ للهِ الذي عزَّ اسمُه، وتمَّتْ كَلِمُه، وعمَّتْ البريةَ آلاؤهُ ونعمُه، ... ". وغير ذلك مما يطول شرحه وذكره.
* * *
1 / 9
شعره
قال في سلك الدرر إن المؤلف كان ينظم الشعر الباهر، ولعل أقدم من نسب إليه هذا الإمام السفاريني في غذاء الألباب حيث قال:
"وقال خاتمة المحققين ونادرة المدققين العلامة الأوحد والفهامة الأمجد الوحيد الألمعي والفريد اللوذعي المحقق عبد الجليل بن أبي المواهب ....، مشطِّرًا للأبيات المنسوبة لسيدنا جعفر الصادق ﵁ وعن آبائه الأطهرين، وهي:
(عَتَبْتُ عَلَى الدُّنْيَا وَقُلْتُ إلَى مَتَى) ... تُسِيئِينَ صُنْعًا مَعْ ذَوِي الشَّرَفِ الجَلِي ...
أَفَاقِدَةُ الْإِنْصَافِ حَتَّى عَلَيْهِمُ ... (تَجُودِينَ (^١) بِالهَمِّ الذِي لَيْسَ يَنْجَلِي) ...
(فَكُلُّ شَرِيفٍ مِنْ سُلَالَةِ هَاشِمٍ) ... بِسَيِّئٍ حَظٍّ فِي مَذَاهِبِهِ ابْتُلِي ...
وَمَعْ كَوْنِهِ فِي غَايَةِ العِزِّ وَالعُلَا ... (يَكُونُ عَلَيْهِ الرِّزْقُ غَيْرَ مُسَهَّلِ) ...
(فَقَالَتْ نَعَمْ يَا بْنَ الْبَتُولِ لِأَنَّنِي) ... خَسِيسَةُ قَدْرٍ عَنْ عُلَاكُمْ بِمَعْزِلِ ...
وَأَمَّا إسَاءَاتِي فَذَلِكَ أَنَّنِي ... (حَقَدْتُ عَلَيْكُمْ حِينَ طَلَّقَنِي عَلِي)
ومن شعره أبيات شطّر فيها أبياتًا منسوبة إلى ابن عباس ﵄:
(أَحِبُّوا الخَيْلَ وَاصْطَبِرُوا عَلَيْهَا) ... فَإِنَّ بِهَا المَسَرَّةَ وَالكَمَالَا ...
وَرَاعُوا حَقَّهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ ... (فَإِنَّ العِزَّ فِيهَا وَالجَمَالَا) ...
(إِذَا مَا الخَيْلُ ضَيَّعَهَا أُنَاسٌ) ... أَنَلْنَاهَا التَرَفُّهَ وَالدَّلَالَا ...
فَخَيْرٌ فِي نَوَاصِيهَا اقْتَضَي أَنْ ... (حَفِظْنَاهَا فَأَشْبَهَتِ العِيَالَا) ...
(نُقَاسِمُهَا المَعِيشَةَ كُلَّ يَوْمٍ) ... وَلَا نَخْشَى لِنِعْمَتِنَا زَوَالَا ...
_________
(^١) في سلك الدرر (تجورين).
1 / 10
وَنُلْبِسُهَا المَحَاسِنَ مِنْ حُلِيٍّ ... (وَنَكْسُوهَا البَرَاقِعَ وَالجِلَالَا)
ومن شعره تذييله على قول الشاعر:
إِذَا مَلِكٌ لَمْ يَكُنْ ذَا هِبَهْ ... فَدَعْهُ فَدَوْلَتُهُ ذَاهِبَهْ
حيث قال مذيلًا:
فَجُدْ لِلفَقِيرِ بِمَا يَبْتَغِي ... وَأَفْضَلَ مَالِكَ كُنْ وَاهِبَهْ ...
وَلَا تُلْفَ (^١) دَهْرَكَ مُسْتَوْهِبَا ... فَخَيْرُ اليَدَيْنِ يَدٌ وَاهِبَهْ ...
وَفِي اللهِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ غِنَى ... فَكُنْ رَاغِبًا فِيهِ أَوْ رَاهِبَهْ ...
وَنَلْ طَيِّبَ العَيْشِ وَانْعَمْ بِهِ ... وَلَا تَكُ أَشْعَثَ كَالرَّاهِبَهْ ...
وَعُمْرُكَ رَأْسُ جَمِيعِ الذِي ... مَلَكْتَ فَبِالخَيْرِ كُنْ نَاهِبَهْ (^٢) ...
وَحَاذِرْ مَعاصِي الإِلَهِ التِي ... تَكُونُ لِأَجْرِ الفَتَى نَاهِبَهْ ...
وَمِنْ مَالِ رَبِّكَ أَنْفِقْ فَمَا ... تَمَلَّكْتَ عَارِيَةٌ لَا هِبَهْ ...
وَدُمْ فِي عُلَاهُ لِتَرْقَى (^٣) العُلَا ... وَتَنْجُوَ مِنْ نَارِهِ اللَّاهِبَهْ
ومن شعره قوله:
يَا وَاجِدًا مِنْ بَدِيعِ الحُسْنِ أَجْمَلَهُ ... مَا لَيُّ جِيدِكَ عَنِّي كُنْتُ آمِلَهُ ...
أَلَيْسَ يَحْرُمُ لَيُّ الوَاجِدِينَ كَمَا ... نَصَّ الإِلَهُ عَلَى هَذَا وَأَنْزَلَهُ
ومنه قوله:
أَيُّهَا المُكْتَسِي رِدَاءَ جَمَالٍ ... فَوْقَهُ بُرْنُسُ المَحَاسِنِ زَانَه ...
_________
(^١) في مختصر طبقات الحنابلة (ولا تلق).
(^٢) في سلك الدرر (ناهيه).
(^٣) في مختصر طبقات الحنابلة (لنرقى).
1 / 11
مَنْ يَنْعَمْ بِنَظْرَةٍ مِنْكَ يَوْمًا ... أُذْهَبْتَ عَنْهُ دَائِمًا أَحْزَانَه ...
وَسَلَا أَهْلَهُ وَكُلَّ حَبِيبٍ ... كَانَ يَهْوَى كَمَا سَلَا أَوْطَانَه
ومن شعره:
سَلِّمْ للهِ الأَمْرَ وَلَا ... تَيْأَسْ أَبَدًا مِنْ رَحْمَتِهِ ...
جَهِلَتْ نَفْسٌ عَرَفَتْهُ وَمَا ... رَضِيَتْ بِنُفُوذِ إِرَادَتِهِ ...
عَجِلًا يَأْتِيكَ الرُّوحُ إِذَا ... سَلَّمْتَ لَهُ وَلِحِكْمَتِهِ ...
للهِ الأَمْرُ فَلَا تَضْرَعْ ... لِلخَلْقِ وَخَفْ مِنْ نِقْمَتِهِ ...
أَوَ مَا المَوْلَى مَلِكٌ أَحَدٌ ... ذَلَّ الأَمْلَاكُ لِعِزَّتِهِ ...
لِلحَالِ وَإِنْ ضَاقَتْ فَرَجٌ ... يَأْتِي المَهْمُومَ بِنُصْرَتِهِ ...
لِيَبِينَ بِذَلِكَ قُدْرَةُ مَنْ ... تَجْرِي الأَشْيَاءُ بِقُدْرَتِهِ (^١) ...
هَوِّنْ مَا ضَاقَ عَلَيْكَ وَلَا ... تَيْأَسْ أَبَدًا مِنْ رَحْمَتِهِ ...
بَيْنَا الإِنْسَانُ يُرَى قَلِقًا ... مِمَّا يَخْشَى مِنْ فَاقَتِهِ ...
عَادَ التَّوْسِيعُ عَلَيْهِ بِمَا ... يَجْرِي المَكْرُوهُ بِسُرْعَتِهِ ...
دَعْ مَا يَدْعُوكَ إِلَى الدُّنْيَا ... مِنْ حُبِّ المَالِ وَفِتْنَتِهِ ...
فَعَسَى المَوْلَى يَؤْتِيكَ غِنًى ... وَيُزِيلُ الفَقْرَ بِنِعْمَتِهِ ...
سَلْهُ مَا شِئْتَ فَإِنَّ جَمِيـ ... ـعَ الخَيْرِ لَهُ فِي قَبْضَتِهِ ...
وَبِهِ يَرْجُوهُ أَخُو الضَّرَّا ... وَالكَرْبِ لِدَفْعِ مَضَرَّتِهِ ...
يَا نَفْسُ ثِقِي بِاللهِ عَسَى ... تَحْظَيْ بِرِضَاهُ وَجَنَّتِهِ ...
سَعِدَتْ نَفْسٌ أَبَدًا رَضِيَتْ ... بِقَضَا المَوْلَى وَمَشِيئَتِهِ ...
_________
(^١) هذا البيت لم ينقله صاحب النعت الأكمل، وفي سلك الدرر (لبين) بدل (ليبين) والتصحيح اجتهاد المحقق.
1 / 12
رِفْقًا يَا رَبُّ بِمَنْ يَرْجُو ... مِنْكَ التَّفْرِيجَ لِكُرْبَتِهِ ...
اِرْحَمْهُ وَجُدْ بِالعَفْوِ فَأَنْـ ... ـتَ هُوَ الغَفَّارُ لِزَلَّتِهِ ...
بِمحمد المُخْتَارِ وَبِالـ ... ـآلِ الأَطْهَارِ وَشِيعَتِهِ
من شعره قوله في فوارة ماء:
اُنْظُرْ إِلَى فَوَّارِ مَاءٍ حَكَى ... رَأْسَ عَجُوزٍ أَبْيَضَ اللَّمَّتَيْنِ (^١) ...
مُنْتَشِرَ الشَّعْرِ يُرَى دَائِمَا ... مُضْطَرِبًا يَمِيلُ لِلجَانِبَيْنِ ...
كَأَنَّهَا ثَمْلَى مِنَ الخَمْرِ أَوْ ... رَعْشَاوَةٌ أَوْ تَلْطِمُ الوَجْنَتَيْنِ
وقوله أيضًا:
اُنْظُرْ إِلَى فَوَّارَةٍ قَدْ حَكَتْ ... جَارِيَةً قَوَامُهَا كَالغُصَيْنِ ...
أَرْخَتْ عَلَى أَعْطَافِهَا حِلْيَةً ... بَدِيعَةً مَثْلَ خُيُوطِ اللُّجَيْنِ
* * *
وفاته
قال تلميذه الإمام السفاريني: " الْمُنْتَقِلُ إلَى سَعَةِ رَحْمَةِ الْوَاهِبِ، لَيْلَةَ الْأَحَدِ فِي الثُّلُثِ الْأَخِيرِ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُمَادَى الثَّانِيَةِ فِي سَنَةِ تِسْعَةَ عَشَرَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ".
ودفن بتربتهم شرقي مزار الشيخ بكار بمرج الدحداح وتأسف عليه الغالب من الناس لا سيما والده فصبر واحتسب ورثاه الشيخ سعدي العمري بقوله مؤرخًا وفاته:
أَلَا تَبًّا لِيَوْمِكَ مِنْ ذَمِيمِ ... أَيَا فَرْدَ الفَضَائِلِ وَالفُهُومِ ...
أَبَحْتَ لَنَا بِهِ أَسَفًا وَحُزْنَا ... يُزِيلَانِ الحَيَاةَ عَنِ الجُسُومِ ...
وَغَادَرْتَ الزَّمَانَ بِلَا إِمَامِ ... يُرِينَا كَيْفَ فَائِدَةٌ العُلُومِ ...
فَلَوْ تَفْدِي النُفُوسُ فَدَتْكَ مِنَّا ... قُلُوبٌ مِنْ حِمَامِكَ فِي حَمِيمِ ...
_________
(^١) في سلك الدرر (اللمين).
1 / 13
وَلَكِنْ لَا مَرَدَّ لِمَا قَضَاهُ ... عَلَيْنَا اللهُ فِي الأَزَلِ القَدِيمِ ...
وَحِينَ قَضَى إِمَامُ العَصْرِ طُرَّأ ... أَتَى التَّارِيخُ بَيْتًا مِنْ نَظِيمِي: ...
(جَزَاهُ اللهُ عَنْ دُنْيَاهُ مَجْدَا ... وَأَسْكَنَهُ بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ)
هذا ما تيسر ترجمته للشارح من كتب التراجم التي ذكرته، وقد وقعت على ترجمة مستقلة للشارح مخطوطة تقع في ست ورقات ضمن أحد المجاميع ٣٨٧٧\ ١٤٤ محفوظ في المجمع العلمي في دمشق.
ويمكننا تقريبًا أن نحدد تاريخ نسخ هذه الترجمة، فهي ما بين ألف ومئتين وألف ومئتين وخمسين، وهذا مستمد من تواريخ مأخوذة من رسائل هذا المجموع؛ فبعض هذه الرسائل مؤرخ تاريخ نسخها.
والرسالة التي تعتني بترجمة الشارح ترتيبها السادس من مخطوطات هذا المجموع، وهي تقع من الورقة ٤ أ حتى الورقة ٦ ب، وهذه محتويات المجموع بالترتيب:
١ - قرعة الشيخ محيي الدين بن عربي.
٢ - سر المدد والشهود في مدح النبي المحمود (قصيدة في مدح النبي ﷺ.
٣ - بهجة الشيخ عقيل المنبجي.
٤ - شرح غريب ما في الجامع الصغير وهو مما أملاه عليه مؤلفه السيوطي.
٥ - أوراق من نظم البرعي يليها أبيات منقولة من حاشية الشيخ حسين عبد الشكور.
٦ - شذرة من ترجمة الشيخ عبد الغني النابلسي وغيره من علماء القرن الثاني عشر مع نماذج من أشعارهم، وفيها ترجمة المصنف الإمام عبد الجليل بن أبي المواهب.
٧ - الرسالة المشفية للأمراض المشكلة في علة المراقية غير السوداوية.
٨ - ثبت عبد الرحمن الكزبري الصغير.
1 / 14
٩ - حقيقة الفرق بين الحياة المستمرة والحياة المستقرة وحياة عيش المذبوح.
١٠ - شرح الهدهدي على المقدمة السنوسية في علم التوحيد.
١١ - شهادة عبد ضعيف في التوحيد.
١٢ - فضائل شهر رمضان.
1 / 15
نماذج من المخطوط
صورة الورقة الأولى من المخطوط
1 / 16
صورة الورقة الأخيرة من المخطوط
1 / 17
شفاء الغليل فى ترجمة الشيخ الجليل
شيخُنا عبدُ الجليلِ ابنُ شيخِنا الشيخِ أبي المواهبِ محمد بنِ الشيخِ عبدِ الباقي بنِ عبدِ القادرِ بنِ إبراهيمَ بنِ عمرَ بنِ محمد الحنبليُّ الشهيرُ جدُّه بابنِ البدرِ وابنِ فقيهِ فصّة، ذو الفهمِ السليم، والمنطقِ القويم، القليلُ المثيلِ والنظيرِ بلِ العديم، كانت ينابيعُ المعرفةِ تتفجَّرُ مِن نفثاته، وروائقُ اللطائفِ تُلتقطُ من دراري كلماتِه، ونفائسُ الجواهرِ تُدّخرُ من نثرانِ جواهرِ فؤادِه، وقلائدُ الحِكَمِ تُنظَمُ من قطراتِ مِدادِه، أمّا النحوُ والتصريفُ فهوَ ابنُ مالكٍ وأبو حيّان، وأمّا العروضُ والبلاغةُ فهوَ الخليلُ وشيخُ جُرجان، وأمّا حُسنُ المنطقِ والفصاحةُ فهوَ قُسُّ إيادٍ وسَحبان.
نشأَ في حجرِ أبيه على الأدبِ والصّيانة، وطلبِ العلومِ والدّيانة، لازم دروسَ والدِه الحديثيةَ العامّةَ وغيرَها منَ الفنونِ في صحيحِ البخاريِّ والجامعِ الصغيرِ والكبيرِ للحافظِ السيوطيِّ وغيرِ ذلك، وجَدَّ في الطلبِ والاشتغالِ في عنفوانِ شبابِه، أخذَ النحوَ والبلاغَةَ والأصلَيْنِ عنِ العلامةِ الشيخِ إبراهيم الفتال، وعنِ الفهّامةِ الشيخِ إسماعيل بنِ عليّ الحايك مفتي الحنفية، وعنِ العلامةِ الشيخِ عثمان بنِ محمود القطان، وأجازهُ بما تجوزُ له روايتُهُ وبمؤلفاتِهِ العلامةُ الشيخُ إبراهيم الكوراني نزيلُ المدينةِ المنورة، وكذلك السيدُ محمد بنُ رسول البرزنجيُّ الحسينيّ، ثم لازمَ الإفادةَ والتدريسَ بالجامعِ الأمويِّ في أنواعٍ منَ العلوم.
وله منَ المؤلفاتِ نظمُ الشافيةِ في الصرفِ لابنِ الحاجبِ وشرحُه، وهو
1 / 18
كتابٌ نفيسٌ يتضمّنُ أبحاثًا شريفة، وتدقيقاتٍ لطيفة، وله تشطيرُ ألفيةِ ابنِ مالك، أجادَ فيهِ كلَّ الإجادة، وغيرُ ذلكِ منَ الرسائلِ والفوائدِ المنظومة، وله أرجوزةٌ في العَروض.
ومِن شِعره (^١):
يَا وَاجِدًا مِن بديعِ الحُسنِ أجملَه ... ما ليُّ جِيدِكَ عنّي كنتُ آمِلَهُ ...
أليسَ يحرُمُ ليُّ الواجدينَ كما ... نصَّ الإلهُ على هذا وأنزلَهُ
وله يستدعي بعض أصدقائه:
أحِبَّتنا هل مِن سبيلٍ إلى اللّقا ... وتجديدِ عهدٍ بينَنا لم يكُن يُنسى ...
لِبَثِّ أحاديثِ الصبابةِ والجَوى ... وحُبّ وجدنا في الفؤادِ له غرسَا ...
فكلُّ زمانٍ معْ سِواكم مضيَّعٌ ... وكلُّ نعيمٍ دونكم غايةُ البأْسَا ...
من لطفكم أن يكونَ في ... صبيحةِ هذا اليومِ دُمتُم لنا أُنسَا
وله ملغزًا في (يُمْن):
ما اسمُ شيءٍ عزا النبيّ إليهِ ... رقةَ القلبِ والوفا والديانَهْ ...
وهو وِزانُ طرفةِ الغمضِ فقُلْ ... لمن الله بالمحاسنِ زانَهْ ...
ويُضمّ ابتداؤهُ فهوَ يُمنٌ ... أو تراهُ في القلبِ فهوَ خيانَهْ ...
ثمَّ إن ضُمّ بدؤهُ فهْوَ أمرٌ ... دافع الريب عنْ أهلِ الرّصانَهْ ...
أو تؤخره فهوَ ياءٌ ومنه ... كلّ شيءٍ جني فاوضحْ بيانَهْ ...
ثلثاهُ حلوٌ وأثقلُ شيءٍ ... ما خلا العذل إن يثقلْ وزانَهْ ...
قلبهُ فيهِ راحةٌ وعذابٌ ... حين تشديدٍ ونبذ أمانَهْ
_________
(^١) بعض الأبيات من الشعر فيها كسر واضح، وحاولت قدر المستطاع تصحيح الأبيات، والذي تعذر منها فإني أثبته كما هو في المخطوط.
1 / 19
وله في فوارة ماء:
انظرْ إلى فَوارةٍ قد حكَتْ ... جاريةً قوامُهَا كالغُصَيْنِ ...
أرخَتْ على أعطافِها حليةً ... بديعةً مثلَ خُيوطِ اللُّجَيْنِ
وله ناظمًا لغات (أف):
لِـ (أُفٍّ) لُغاتٌ أربعونَ وأربعٌ ... بتَعدادِها نظمي أتى متكفِّلَا ...
فضَمٌّ وكسْرٌ وانفِتاحٌ لهَمْزِها ... فإِنْ ضُمَّ فالفا منهُ خُفَّ وثقِّلَا ...
وأسكِنْهُ والتحريكُ يُروى مثلَّثًا ... فإنْ شئتَ نوِّنْهُ وإن لمْ تشأْ فلَا ...
وهذا إذا جرَّدْتَها مِن زوائدٍ ... وإن زدتَ ها فثلّث مثقِّلَا ...
وإِنْ مد شد والألف اتلُ محضةً ... أو بينَ بينَ لمن ربها تلَا ...
وشدُّوا معَ التنوينِ أيضًا وتركِهِ ... ولكنْ بفتحِ الفاءِ والكسر اشكُلَا ...
وجاء على كسرٍ (أُفِي) بإمالةٍ ... وإن زدتَ تفخيمًا فلستَ مُجَهَّلَا ...
ومعْ فتحِ همزٍ شدّدِ الفَا مُنَوِّنًا ... وتارِكَ تنوينٍ وضمًّا لهُ احظُلَا ...
وجاء (أفِي) أيضًا ما وفيه ما ... ذكرنَا منَ التفخيمِ ذكر محصّلَا ...
وجاء بها سكتٍ تلي ألفًا فخذ ... جميعَ لغاتٍ فيهِ جاءتكَ كُمَّلَا
وله في لغاتِ (اسم):
وَعَدُّ لغاتِ (الإسمِ) عَشْرٌ وبعدَها ... ثمانيةٌ تأتيكَ نظمًا عَلَى الولَا ...
سَماتٌ سِمٌ وَاسْمٌ وَوَسْمٌ فَزِدْ سِمَهْ ... سَمَاءٌ وَثَلِّثْ مَا تَصَدَّرَ أَوَّلَا
وله في معاني (حَجَا):
وتأتي (حَجا) للظَّنِّ والقَصدِ وَالذِي ... بِها غُلبًا لقدْ جَاد مِقْوَلَا ...
وَكَتْمًا وَحِفْظًا لِلحَدِيثِ إقامةً ... بِأَرْضٍ وَردًّا مِثْلَ رَدِّكَ سَائِلَا ...
وَمَنْعًا وَوَصْفًا لِلبَخِيلِ بِبُخْلِهِ ... فَعَشْرُ مَعَانٍ بِالوُقُوفِ لَهَا انْجَلَا
1 / 20
تُوُفِّيَ -رحمهُ اللهُ تعالى- رابعَ جمادى الثانيةِ سنةَ تسعَ عشرةَ ومئةٍ وألفٍ في حياةِ أبيه، وأسِفَ الناسُ عليهِ كثيرًا لفضلِهِ ودماثةِ أخلاقه، وصبرَ والدُهُ على مصيبتِهِ بفقدِه، ورثاهُ كثيرٌ منَ أدباءِ دمشقَ، منهمُ الفاضلُ الأديبُ الشيخُ محمد سعدي بنُ الشيخِ عبدِ القادرِ بنِ عبدِ الهادي العمري، قال:
ألا تبًّا لِيَوْمِكَ مِنْ ذَمِيمِ ... أَيَا فَرْدَ الفَضَائِلِ وَالفُهُومِ ...
أَبَحْتَ لَنَا بِهِ أَسَفًا وَحُزْنًا ... يَذُودَانِ الحَيَاةَ عَنِ الجُسُومِ ...
وَغَادَرْت الزَّمَانَ بِلَا إِمَامٍ ... يُرِينَا كَيْفَ فَائِدَةُ العُلُومِ ...
فَلَوْ تَفْدِي النُّفُوسُ فَدَتْكَ مِنَّا ... قُلُوبٌ مِنْ حِمَامِكَ فِي جَحِيمِ ...
وَلَكِنْ لَا مَرَدَّ لِمَا قَضَاهُ ... عَلَيْنَا اللهُ فِي الأَزَلِ القَدِيمِ ...
وَحِينَ قَضَى إِمَامُ العَصْرِ طُرًّا ... أَتَى التَّأْرِيخُ بَيْتًا مِنْ نَظِيمِي: ...
جَزَاهُ اللهُ عَنْ دُنْيَاهُ مَجْدًا ... وَأَسْكَنَهُ بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ
ومنهم تلميذُهُ الفاضلُ الكاملُ الشيخُ أحمدُ المنيني -سلّمهُ اللهُ تعالى- قال:
جُدْ بِمَكْنُونِ دَمْعِكَ المَطْلُولِ ... وَابْكِ رَبْعًا عَفَا وَرَسْمٍ طلُولِ ...
فَاسلها طَلّ العُيُونِ عيونًا ... مِنْ نَجِيعٍ يَفِيضُ فَيْضَ السُّيُولِ ...
وَانْدُب المَجْدَ وَالنَّدَى وَزَمَانًا ... قَدْ تَقَضَّى بِطِيبِ عَيْشٍ خَضِيلِ ...
وَتَسَرْبَلْ لِلعَيْنِ ثَوْبَ حِدَادٍ ... مِنْ أَسًى دَائِمٍ وَحُزْنٍ طَوِيلِ ...
فَلَقَدْ غَابَ بَدْرُ مَجْدٍ وَفَضْلٍ ... وَاسْتَسَرَّتْ أَنْوَارُهُ بِالأُفُولِ ...
ذَاكَ عَبْدُ الجَلِيلِ عَلَّامَةُ العَصْـ ... ـرِ إِمَامُ المَعْقُولِ وَالمَنْقُولِ ...
عَلَمُ العِلْمِ وَاحِدُ الفَضْلِ فَرْدُ الـ ... ـوَقْتِ حَبْرُ التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ ...
مُنْ لَهُ انْقَادَ مِنَ العُلُومِ صِعَابٌ ... وَجَلَاهَا بِفَهْمِهِ المَصْقُولِ ...
طَالَمَا قَدْ نَضَى مَوَاضِيَ فِكْرٍ ... فَتَحَتْ كُلَّ مُغْلَقٍ مَقْفُولِ ...
1 / 21
وَلَكَمْ قَلَّدَ المَسَامِعَ عِقْدًا ... مِنْ لَآلِي مَفَادِهِ المَبْذُولِ ...
رِيحُ رَيْبُ المَنُونِ كَمْ تَرَاهُ ... فِي اغْتِيَالِ النُّفُوسِ غَيْرَ كَلِيلِ ...
سَلْهُ إِنْ قَدْ أَصَاخَ عَلَى مَنْ ... رَاحَ يَسْطُو بِسَيْفِهِ المَسْلُولِ ...
هَلْ دَرَى إِذْ رَمَى سِهَامَ المَنَايَا ... إِنْ فِي المَجْدِ وَقْعُ تِلْكَ النُّصُولِ ...
لَيْتَهُ كَانَ إِذْ يَصُولُ وَيَسْطُو ... فَارِقًا بَيْنَ عَالِمٍ وَجَهُولِ ...
يَا إِمَامًا أَوْدَى وَأَوْدَعَ قَلْبِي ... لَاعِجَ الشَّوْقِ وَالغَرَامِ الدَّخِيلِ ...
وَنَعَتْهُ الدُّرُوسُ لَمَّا أُضِيعَتْ ... أَهْلُهَا الطَّالِبُونَ لِلتَّحْصِيلِ ...
لَكَ مِنِّي حُزْنًا حَمَائِمُ نوحٍ ... حَيْثُ لِي مِنْ نَوَاكَ فَقْدُ هَدِيلِ ...
كُنْتُ أَرْجُو بِأَنْ أَعِيشَ عَزِيزًا ... مِنْ ذُرَاكَ السَّامِي بِظِلٍّ ظَلِيلِ ...
قَدْ دَهَتْكَ المَنُونُ إِذْ أَنْتَ وَجْهٌ ... لِلأَمَانِي وَلَسْتَ بِالمَسْلُولِ ...
.. ٠٠٠ ... ... حَيْثُ قَدْ فَارَقُوا لَا عَنْ بَدِيلِ ...
وَتَوَطَّنْتَ فِي ثَرَى خَيْرِ قَبْرٍ ... طَابَ فِيهِ المَثْوَى لِخَيْرِ نَزِيلِ ...
يَا لَهُ مَرْقَدًا تَلُوحُ عَلَيْهِ ... كُلَّ وَقْتٍ بَوَارِقُ التَّنْزِيلِ ...
حَسَدَتْهُ النُّجُومُ مُذْ .. ... لِعَمُودِ الصَّبَاحِ أَيْدِي القَبُولِ ...
وَتَمَنَّتْ لَوْ كَانَ مَثْوَاكَ مِنْهَا ... بَيْنَ هَامِ الجَوْزَاءِ وَالإِكْلِيلِ ...
قَسَمًا بالـ .... مِنْ يَوْم ... ... مَاتَ فِيهِ الرِّجَالُ لِفَقْدِ مَثِيلِ ...
وَعَلَا الأَرْضَ لِلأَنَامِ غَمَامٌ ... أَمْطَرَتْ سُحُبًا بِدَمْعٍ هَطُولِ ...
لَوْ شَقَقْنَا القُلُوبَ ثُمَّ أَسَلْنَا ... أَنْفُسًا فِيهِ بِالبُكَا وَالعَوِيلِ ...
وَاتَّخَذْنَا مِنَ السُّهَادِ عُيُونًا ... وَلَبِسْنَا الحِدَادَ ثَوْبَ نُحُولِ ...
لَمْ يَكُنْ ذَا فِي جَنْبِ خَطْبٍ دَهَانَا ... بِنَوَاهُ إِلَّا أَقَلَّ قَلِيلِ ...
مُذْ قَضَى رَاحِلًا لِجَنَّاتِ عَدْنٍ ... حَلَّ فِيهَا بَالعَفْوِ أَسْنَى حُلُولِ ...
جَاءَ تَأْرِيخُهُ بِبَيْتٍ فَرِيدٍ ... تِلْوَ ذَا البَيْتِ عَادَ لِلمَثِيلِ: ...
1 / 22
آنَسَ اللهُ رُوحَ عَيْنِ المَعَالِي ... الإِمَامُ النَّبِيلُ عَبْدُ الجَلِيلِ ...
وَسَقَى قَبْرَهُ سَحَائِبُ عَفْوٍ ... بِهَتُونٍ مِنَ الرِّضَى مُشْمُولِ ...
مَا تَغَنَّتْ حَمَائِمُ الغُصْن فضلًا ... فِي رِيَاضِ التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ
ومنهُم صاحبُنا الفاضلُ الأديبُ الشيخُ محمد بنُ المرحومِ الشيخِ محمودٍ الكرديِّ:
رُزْءٌ لَهُ أَفْنَيْتُ صَبْرِي الجَمِيلْ ... وَفِي فُؤَادِي ... الخَلِيل الخَلِيلْ ...
لِمَّا قَضَى الحَبْرُ وَبَحْرُ النَّدَى ... وَجَامِعُ الأَفْضَالِ عَبْدُ الجَلِيلْ ...
وَوَاحِدُ الدَّهْرِ بِلَا مِرْيَةٍ ... وَمُفْرَدُ العَصْرِ عَدِيمُ المَثِيلْ ...
وَعَالِمُ الشَّامِ وَنِحْرِيرُهَا ... وَزَهْرُهَا الزَّاهِي النَّبِيهُ النَّبِيلْ ...
وَ...... التَّحْقِيق فِي حلق ... وَصَيَّرَ التَّدْقِيقَ يُبْدِي العَوِيلْ ...
وَأَوْرَثَ القَلْبَ لَظَى فُرْقَةٍ ... يُضَرِّمُ فِي الأَحْشَاءِ مِنْهَا شَعِيلْ ...
وَحَلَّ مِنْ مَوْلَاهُ أَعْلَى العُلَا ... فِي مَقْعَدِ الصِّدْقِ وَظِلٍّ ظَلِيلْ ...
سَأَلْتُ عَنْ مَسْكَنِهِ هَاتِفًا ... فَقَالَ لِي: أَبْشِرْ هُدِيتَ السَّبِيلْ ...
وَقَدَّمَ النَّقْرِي لَنَا تَأْرِيخَهُ ... فَفِي جِنَانِ الخُلْدِ عَبْدُ الجَلِيلْ
وَمنهمُ القاضي الكاملُ الشيخُ محمد الدكدجيُّ، قَال ﵀:
لَمَّا قَضَى عَلَّامَةُ الـ ... ـشَامِ وَمُفْرَدُ الزَّمَنْ ...
وَصَيْدُ أَرْبَابِ العَلَا ... رَبُّ العُلُومِ وَالفِطَنْ ...
رُوحُ الفَضَائِلِ التِي ... مِنْهَا الحَيَاةُ لِلبَدَنْ ...
عَبْدُ الجَلِيلِ الحَبْرُ مَنْ ... أَحْيَا الفُرُوضَ وَالسُّنَنْ ...
وَسَارَ فِي التَّقْوَى عَلَى ... نَهْجِ الكَمَالِ وَالسَّنَنْ ...
عَمَّ الوَرَى بِحَفْتِهِ ... وَأَوْرَثَ النَّاسَ الحَزَنْ ...
1 / 23