The Brilliant Stars: Merits of the Diligent Ibn Taymiyyah

Mar'i al-Karmi d. 1033 AH
6

The Brilliant Stars: Merits of the Diligent Ibn Taymiyyah

الكواكب الدرية في مناقب المجتهد ابن تيمية

پوهندوی

نجم عبد الرحمن خلف

خپرندوی

دار الغرب الإسلامي

د چاپ کال

۱۴۰۶ ه.ق

حمل السيف والقلم، وجمع في شخصيَّته الفذّة بين العلم والجهاد.

أقول : إنَّ هذا الكتاب بما اشتمل عليه من سيرة هذه الشخصيّة التقية القوية المعطاة يصلح أن يكون درساً معبراً ومؤثراً للجيل المسلم المعاصر؛ لينهض من جديد فيرفع الذل والهوان والهزيمة.

وتشاء قدرة الله أن يولد هذا المصلح في فترة عظمت فيها الآفات والأزمات، وكثرت فيها الخلافات والانقسامات، فهناك أزمة في الروح، وأزمة في الفكر، وآفات اجتماعية، وانحرافات سياسية، وعلل نفسية. وكأن الحال يحكي صورة مقاربة لواقعنا اليوم.

وُلِدَ ابن تيمية في هذه الظروف المضطربة، عام (٦٦١هـ) بدمشق، ولم يمضِ على تدمير بغداد - بلد الخلافة - سوى خمس سنوات على يد التتار، ودخولهم بعد ذلك حلب ودمشق، ورأى شيخ الإسلام آثار الخراب والدَّمار في هذه البلاد، وسمع عن الأهوال والمجازر والفظائع التي ارتكبها التتار في بلاد الإسلام. ورأى بنفسه وهو في بلده ((حرَّان)) - وكان صبياً لم يتجاوز السابعة من العمر - كيف انطلق والدُهُ به وبإخوته تحت جنح الظلام، عندما داهمهم خطر التتار. فسارت عائلته بالليل، ومعهم كتب العلم محمولة على عجلة لعدم وجود الدَّواب، وامتحنت العائلة بوقوف العجلة في الطريق، حتى كاد العدوُ يَلْحَقُهم. فابتهلوا إلى الله سبحانه، واستغاثوا به، فَنجَوا وَسَلِموا، وقدموا دمشق في أثناء سنة (٦٦٧هـ).

نشأ ابن تيمية بدمشق أتمَّ النشأة وأزكاها، وأنبته الله نباتاً حسناً، فحفظ القرآن، وأقبل على الفقه، واشتغل بحفظ الحديث وسماعه، مع ملازمته مجالس الذكر، وقرأ دواوين الإِسلام الكبار من كتب السُّنة. كلُّ ذلك وهو ابن بضع عشرة سنة، ولكنه في نفس الوقت لم يُنْسَ ما صنعه التتار بالمسلمين، ولم يُغفل عوامل الضعف والهوان التي نخرت بالأمة الإسلامية حتى أضحت قصعة مباحة للأعداء، يعبثون بها. فجنَّد نفسه بكلِّ طاقاتها ليعيد لأمته ثقتها بربها ودينها. فمضى يجاهد في سبيل الله بقلبه ولسانه ويده، لا يخاف

6