Al-Kalimat al-Hisan fi Bayan Uluw al-Rahman
الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن
ژانرونه
وليسَ المرادُ بذلكَ: أنَّ السَّمَاءَ تَحْصُرُ الرَّبَّ وتحويهِ، كما تحوي الشَّمسَ والقمرَ وغيرَهُما، فإنَّ هذا لا يقولهُ مسلمٌ، ولا يعتقدهُ عاقلٌ - فقدْ قالَ ﷾: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾ [البقرة: ٢٥٥]، والسَّماواتُ في الكرسيِّ كحَلْقَةٍ مُلقاةٍ في أرضِ فَلاةٍ، والكرسيُّ في العرشِ كحَلْقَةٍ مُلقاةٍ في أرضِ فَلاةٍ، والرَّبُّ سبحانهُ فوقَ سمواتهِ، على عرشهِ، بائنٌ منْ خلقهِ، ليسَ في مخلوقاتهِ شيءٌ منْ ذاتهِ، ولا في ذاتهِ شيءٌ منْ مخلوقاتهِ - بلْ معنى ذلكَ: أنَّه فوقَ السَّماواتِ، وعليهَا، بائنٌ مِنَ المخلوقاتِ، كمَا أخبرَ في كتابهِ عنْ نفسهِ أنَّهُ: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [السجدة: ٤] وقالَ: ﴿يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾ [آل عمران: ٥٥]. وقالَ تعالى: ﴿تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ [المعارج: ٤]. وقالَ: ﴿بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ﴾ [النساء: ١٥٨]. وأمثالُ ذلكَ في الكتابِ والسنَّةِ (١).
٥ - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ﵄ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ. ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» (٢).
فإنَّ المرادَ بقولهِ: «يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»، هو اللهُ ﷾ وهوَ أرحمُ الرَّاحمينَ لقولهِ ﷺ: «مَنْ لاَ يَرْحَمِ النَّاسَ لاَ يَرحمهُ اللهُ ﷿» (٣).
_________
(١) مجموع الفتاوى (٤/ ٢٧١ - ٢٧٢).
(٢) رواه الترمذي (١٩٢٤)، وصححه الألباني ﵀ في «صحيح سنن الترمذي» (١٥٦٩).
(٣) أخرجه البخاري (٧٣٧٦)، ومسلم (٢٣١٩).
1 / 26