102

الإمام البقاعي ومنهاجه في تأويل بلاغة القرآن

الإمام البقاعي ومنهاجه في تأويل بلاغة القرآن

ژانرونه

لقي كتاب البقاعيّ " تنبيه الغبي" معارضة من بعض أهل العلم كتلميذه "السيوطي" (ت:٩١١هـ) فألَّف كتابا عارضه به عنوانه: " تنبيه الغبي يتبرئة ابن عربي" وقد حققه " محمد إبراهيم سليم " سنة خمس عشرة وأربع مئة والف (١٤١٥) والسيوطي لم يُبَيِّنْ وجهَ الحقِّ في مقالات ابن عربي التي نقضها البقاعي وكان جديرا به أن ينقض مقالات البقاعي، ويبين لنا المعنى الصحيح من كلام ابن عربي والدليل على صحة ما يقول، ولكن السيوطي اكتفى بذكر العلماء المؤيدين ابن عربي، وكانَّ القول يُسْتَدَلُّ على أنَّه الحقُّ يمن قاله ومن أيَّده لا بما حَواه الكلام من الحق، وهذا من العجز عن وجود ما يؤيد الكلام من نفسه مما يدل على أنّ الكلام نفسه ليس فيه ما يقطع بأحقيته ليس أحد يكون كلامه دليلا على شيء غير كلام الله ﷾ ثُمّ كلام نبيه ﷺ، فإذا ما قيل: قال الله ﷻ، أو قال رسوله ﷺ، وتوثقت نسبة الكلام إليه، فقد قام الدليل قياما قاهرًا على من كان بهما مؤمنًا، وإلا فنحن بحاجةٍ إلى أن نقيم الدليل لمن لم يؤمن بهما من الكلام نفسه لا من مقام القائل، ومن ثَمَّ سمعنا الحقَّ ﷾ يدعو إلى تدبر كلامه والنظر فيه ليقف المرء على أنَّه كلام الله ﷿: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا﴾ (النساء:٨٢) (١)

(١)؟ ١ – قوله (لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) الضمير في (فيه) لما كان من عند غير الله ﷾ أما ما كان من عنده ﷻ فليس فيه اختلاف أصلا، وقوله (كثيرا) وصف لما يكون من الاختلاف في غير القرآن، أما القرآن فليس فيه اختلاف أصلا حتى يوصف بقليل أو كثير. يقول "أبو جعفر الطبري" في تأويل الآية: (يعنِي جلَّ ثناؤه بقوله (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) أفلا يتدبر المُبَيِّتُونَ غير الذي تقول لهم يا محمد كتاب الله، ﷾ فيعلموا حجة الله ﷾ عليهم في طاعتِكَ واتّباع أمرك، وأنَّ الذِي أَتَيْتَهم به منَ التّنْزِيلِ من عند ربهم ﷻ؛ لاتساق معانيه وائتلافِ أحكامه وتأييدِ بعضِهِ بعضًا بالتصديق، وشهادة بعضِه لبعضٍ بالتَّحقيق، فإنَّ ذلك لو كانَ من عند غير الله ﷿ لاختلفت أحكامه وتناقضت معانيه وأبان بعضه عن فساد بعض) (٤ / ٢٠٠)

1 / 102