الاجتهاد في مناط الحكم الشرعي دراسة تأصيلية تطبيقية
الاجتهاد في مناط الحكم الشرعي دراسة تأصيلية تطبيقية
خپرندوی
مركز تكوين للدراسات والأبحاث
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٣٥ هـ - ٢٠١٤ م
ژانرونه
المملكة العربية السعودية
وزارة التعليم العالي
جامعة أم القرى
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
قسم الشريعة - تخصص أصول الفقه
الاجتهاد في المناط عند الأصوليين
وعلاقته بالأدلة الشرعية
وتطبيقاته في فقه النوازل المعاصرة
1 / 1
بحث مقدَّم لنيل درجة الدكتوراه في أصول الفقه
إعداد
بلقاسم بن ذاكر بن محمد الزُّبيدي
إشراف
أ. د. غازي بن مرشد العتيبي
١٤٣٤ هـ - ١٤٣٥ هـ
1 / 2
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 3
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)﴾ [آل عمران: ١٠٢].
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)﴾ [النساء: ١].
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)﴾ [الأحزاب: ٧٠ - ٧١].
أما بعد:
فإن من أعظم أوصاف الشريعة المحمدية أنها شريعةٌ عامة، وهذا الوصف يشمل العموم في خطاب المكلَّفين بها،كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢٨)﴾ [سبأ: ٢٨].
كما يشمل العموم في تناولها لأحكام الواقعات بالنصِّ أو الاجتهاد في كل زمانٍ ومكان، كما قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل: ٨٩].
1 / 5
قال الشافعي ﵀: " "فليستْ تنزلُ بأحدٍ من أهل دين الله نازلةٌ إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها." (١).
وقال الخطابي: "الله تعالى لم يترك شيئًا يجب له حكمٌ إلا وقد جعل فيه بيانًا، ونصب عليه دليلًا ولكن البيان ضربان، بيانٌ جليٌّ يعرفه عامة الناس كافة، وبيانٌ خفيٌّ لا يعرفه إلا الخاصّ من العلماء الذين عُنوا بعلم الأصول فاستدركوا معاني النصوص، وعرفوا طرق القياس والاستنباط، وردِّ الشيء إلى المثل والنظير" (٢).
ولاريب أن العموم في خطاب المكلَّفين وأحكام الواقعات يستلزم الاجتهاد في استنباط المعاني التي أنيطت بها الأحكام في الكتاب والسُّنَّة، ثم الاجتهاد في إدراج الأشخاص المعينة والحوادث المستجدة في كل زمانٍ ومكانٍ تحت تلك المعاني التي أنيطت بها أحكامها.
وذلك لأن " الشريعة لم تنصّ على حكم كلِّ جزئيةٍ على حِدتها، وإنما أتت بأمورٍ كليةٍ وعباراتٍ مطلقةٍ تتناول أعدادًا لا تنحصر" (٣).
وبناءً على ذلك فإن " كل حكمٍ لله أو لرسوله وُجِدت عليه دلالةٌ فيه أو في غيره من أحكام الله أو رسوله بأنه حُكِم به لمعنىً من المعاني، فنزلت نازلةٌ ليس فيها نصُّ حكمٍ: حُكِم فيها حكمُ النازلة المحكومِ فيها، إذا كانت في معناها" (٤).
ويعتبر الاجتهاد في استنباط الأوصاف والمعاني التي أنيطت بها أحكام الشريعة، وتنزيلها على الوقائع والمستجدات المختلفة في كل عصرٍ ومصرٍ من أدقِّ أنواع الاجتهاد في الشريعة.
قال ابن تيمية: " فالكتاب والسُّنة بيَّنا جميعَ الأحكام بالأسماء العامة، لكن يحتاج إدخال الأعيان في ذلك إلى فهمٍ دقيقٍ ونظرٍ ثاقبٍ لإدخال كلِّ
_________
(١) الرسالة: (٢٠).
(٢) معالم السنن مع التهذيب: (٣/ ٥٦).
(٣) الموافقات: (٥/ ١٤).
(٤) الرسالة: (٥١٢).
1 / 6
معينٍ تحت نوع، وإدخال ذلك النوع تحت نوعٍ آخر بيَّنه الرسول ﷺ " (١).
ولما كان الاجتهاد في مناطات الأحكام استنباطًا وتنزيلًا من أدقّ أنواع الاجتهاد في الشريعة لقي هذا الموضوع مزيد اعتناءٍ عندي، ووقع عليه الاختيار دون غيره من الموضوعات.
أسباب اختيار الموضوع:
من أهم الأسباب التي دفعتني لبحث هذا الموضوع -إضافةً إلى ماتقدم- مايأتي:
١ - إن شرف العلم بشرف المعلوم، وشرف البحث بشرف المبحوث، وهذا البحث يتعلق بأهم مباحث أصول الفقه، وهو الاجتهاد في الأوصاف والمعاني التي أنيطت بها الأحكام استنباطًا وتنقيحًا وتنزيلًا على الأشخاص والأحوال والوقائع المستجدَّة في كل عصرٍ ومصر.
٢ - الاجتهاد في المناط يتعلق غالبًا بالنظر في أهم ركنٍ من أركان القياس وهو العِلَّة؛ وذلك لأن الأنواع الثلاثة للاجتهاد في المناط تشترك كلها في أنها تَرِدُ على العِلَّة، إما لتنقيحها إذا كانت العِلَّة منصوصةً واقترنت بها أوصافٌ لاتصلح للعليَّة، أو لتخريجها إذا كانت العِلَّة مستنبطة، أو لتحقيقها في الفرع سواءً ثبتت العِلَّة في حكم الأصل بالنصِّ أو الإجماع أو الاستنباط.
ويعتبر الاجتهاد في العِلَّة من أدقِّ مباحث القياس الأصولي، وأكثرها اشتباهًا، وأشدها التباسًا، وهو أمرٌ يستدعي البحث والتحقيق في المطالب المتعلقة بالاجتهاد فيها.
٣ - الاجتهاد في المناط يشمل جميع الأحكام الشرعية، فلا يخلو حكمٌ شرعيٌّ من الحاجة إلى النظر في تنقيح المناط أو تحقيقه أو تخريجه.
قال الشاطبي: " ولو فُرِض ارتفاع هذا الاجتهاد - أي: تحقيق المناط - لم تنزَّل الأحكام الشرعية على أفعال المكلَّفين إلا في الذهن؛ لأنها مطلقاتٌ
_________
(١) درء تعارض العقل والنقل: (٧/ ٣٤٢ - ٣٤٣).
1 / 7
وعمومات، وما يرجع إلى ذلك منزَّلاتٌ على أفعال مطلقاتٍ كذلك، والأفعال لا تقع في الوجود مطلقة، وإنما تقع معينةً مشخصةً، فلا يكون الحكم واقعًا عليها إلا بعد المعرفة بأن هذا المعين يشمله ذلك المطلق أو ذلك العام " (١).
٤ - الاجتهاد في المناط يتعلق بجميع الأدلة الشرعية، ولا يخلو دليلٌ شرعيٌّ من تعلُّقٍ بأحد أنواعه الثلاثة.
٥ - الاجتهاد في المناط سببٌ من أهم أسباب اختلاف المجتهدين في عامة أبواب الشريعة.
فالناظر في كثيرٍ من المسائل الخلافية بين المجتهدين في القديم والحديث يجد أن من أهم أسباب الاختلاف في تلك المسائل ما يرجع إلى الاختلاف في مناط الحكم،ومعرفة المحكوم فيه على حقيقته، وما يدخل فيه وما لا يدخل،ومكونات الأشياء ومميزاتها،وخصائص الأعيان وأوصافها، وأسباب الأفعال ومآلاتها، ونحو ذلك مما له تأثيرٌ في الحكم حسب نظر المجتهد.
وكما يقول ابن رشد القرطبي: " لربما اتفقوا على مضمون القاعدة الأصولية أو الفقهية إلا أنهم يختلفون في تحققها في الواقعة والنازلة المعروضة " (٢).
٦ - كثرة الوقائع والحوادث التي تختلف أحكامها بحسب اختلاف مناطاتها، وهو ما يستوجب ضبط الاجتهاد في طلب أحكام تلك الوقائع وتحقيق مناطاتها، والإسهام بجهدٍ تأصيليٍّ وتطبيقيٍّ في هذا الموضوع.
ولا شك أن التقصير في هذا النوع من الاجتهاد يفضي إلى تنزيل الأحكام الشرعية على صورٍ متشابهةٍ في الظاهر متباينةٍ في الحقيقة، كما يفضي إلى صرف الحكم الشرعي عن بعض أفراده المنطبقة عليه.
قال الشاطبي: " الشريعة لم تنصّ على حكم كلِّ جزئيةٍ على حِدتها،
_________
(١) الموافقات: (٥/ ١٧).
(٢) بداية المجتهد: (١/ ٤٥٨).
1 / 8
وإنما أتت بأمورٍ كليَّةٍ وعباراتٍ مطلقةٍ تتناول أعدادًا لا تنحصر، ومع ذلك فلكل معينٍ خصوصيةٌ ليست في غيره ولو في نفس التعيين " (١).
بل قد يفضي عدم مراعاة ضوابط الاجتهاد في المناط إلى الابتداع في الدين، والتزيُّد على الشريعة وإدخال ما ليس منها فيها، وقد ذكر الشاطبي أن من خفيات تحريف الكلِم عن مواضعه تحريف الأدلة عن مواضعها،وذلك بأن يرد الدليل على مناطٍ فيصرف عن ذلك المناط إلى أمرٍ آخر موهمًا بأن المناطين واحد (٢).
٧ - لم أعثر حسب اطلاعي على دراسةٍ أصوليةٍ تُعنَى بموضوع الاجتهاد في المناط تخريجًا وتنقيحًا وتحقيقًا، وضوابط ذلك الاجتهاد، ومسالكه، وعلاقته بالأدلة الشرعية، مع التطبيق على فقه النوازل المعاصرة.
لهذه الأسباب وغيرها رغبت في بحث هذا الموضوع تحت عنوان: «الاجتهاد في المناط وعلاقته بالأدلة الشرعية وتطبيقاته في فقه النوازل المعاصرة» استكمالًا لمتطلبات شهادة العالمِية العالية (الدكتوراه) في أصول الفقه.
الدراسات السابقة:
أهم الدراسات السابقة التي لها علاقةٌ مباشرةُ بموضوع البحث ما يأتي:
١ - الاجتهاد بتحقيق المناط وسلطانه في الفقه الإسلامي، للباحث: عبد الرحمن زايدي،رسالة ماجستير بالجامعة الأمريكية المفتوحة بالقاهرة، نوقشت سنة ٢٠٠١ م.
ومما يلحظ على هذه الدراسة:
أولًا: تغليب الأسلوب الثقافي والفكري في لغة البحث على قواعد التأصيل العلمي وتحقيق المسائل والاستدلال لها والتطبيق عليها.
_________
(١) الموافقات: (٥/ ١٤).
(٢) ينظر: الاعتصام: (١/ ٢٤٩).
1 / 9
ثانيًا: التوسع والإطالة في بحث موضوعات ليس لها علاقةٌ مباشرةٌ بموضوع البحث مما جعل ثلثي الكتاب خارج صلب الموضوع.
ومن تلك الموضوعات: تجزؤ الاجتهاد،وشروط المجتهد، والاجتهاد في زمن النبي ﷺ، ومراعاة الخلاف، وتجديد الاجتهاد، ونقض الاجتهاد،والعزائم والرخص وأقسامها وضوابطها، وأقسام المشقة وضوابطها، وتتبع رخص الفقهاء، والكتب المعتمدة في الفتوى، وتطور الإفتاء، والفتاوى الجماعية، وغيرها من الموضوعات التي توسع فيها الباحث ولم يبين وجه علاقتها العلمية أو العملية بموضوع البحث.
ثالثًا: لم تتناول الدراسة كلًا من الموضوعات الآتية:
-مسالك تحقيق المناط، ومنها: الكتاب،والسُّنة،والإجماع، وقول الصحابي، ولغة العرب، والعُرْف، والحِسّ، وقول أهل الخبرة، والبينات الشرعية، والحساب والعدد.
-ضوابط تحقيق المناط، ومنها: التصوُّر الصحيح التام للواقعة،ومراعاة اختلاف الأحوال والأزمنة والأمكنة، واعتبار مآلات الأفعال، ومراعاة اختلاف مقاصد المكلفين، والموازنة بين المصالح والمفاسد.
- العلاقة بين تحقيق المناط والأدلة الشرعية المتفق عليها والمختلف فيها.
رابعًا: اقتصرت الدراسة على بحث الاجتهاد في تحقيق المناط، ولم تتناول الاجتهاد في تخريج المناط، أو الاجتهاد في تنقيح المناط.
٢ - تحقيق المناط وأثره في اختلاف الفقهاء، للباحث: حمادة مصطفى علي القضاة، رسالة ماجستير بالجامعة الأردنية، نوقشت سنة ٢٠٠٠ م.
وهذا البحث يتناول موضوع تحقيق المناط باعتباره سببًا من أسباب اختلاف الفقهاء، مع بيان أثر ذلك في بعض المسائل الفقهية التراثية،وهي: زكاة الحلي، ونكاح التحليل، والتفريق بين الزوجين قضاءً بسبب إعسار الزوج، وإقامة الحدّ على النباش، واشتراك من لايجب عليه القصاص مع من يجب عليه القصاص في القتل.
1 / 10
ولم تتناول الدراسة: مسالك تحقيق المناط، أو العلاقة بين تحقيق المناط والأدلة الشرعية،كما إن الدراسة اقتصرت على بحث الاجتهاد في تحقيق المناط، ولم تتناول الاجتهاد في تخريج المناط،أو الاجتهاد في تنقيح المناط.
٣ - تحقيق المناط دراسة أصولية تطبيقية، للباحث: العربي الإدريسي،بحث منشور في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة،العدد (٧٥) الصادر بتاريخ ١/ ٨/٢٠٠٧ م.
ومما يلحظ على هذا البحث:
أولًا: اقتصر البحث على دراسة الاجتهاد في تحقيق المناط، ولم يتناول الاجتهاد في تخريج المناط، أو الاجتهاد في تنقيح المناط.
ثانيًا: لم يتناول البحث مسالك تحقيق المناط، أو ضوابط تحقيق المناط، أو العلاقة بين تحقيق المناط والأدلة الشرعية.
ثالثًا: خلو البحث من التطبيق على النوازل المعاصرة، واكتفاء الباحث بالتطبيق على بعض المسائل الفقهية التراثية، وهي: زكاة الحلي، ونكاح التحليل، والتفريق بين الزوجين للإعسار بالنفقة، وحكم النبَّاش.
٤ - تحقيق المناط، للباحث: د. صالح العقيل،بحث منشور في مجلة العدل الصادرة عن وزارة العدل بالمملكة العربية السعودية،،العدد (٢٠) شوال ١٤٢٤ هـ، والعدد (٢٦) ربيع الآخر ١٤٢٦ هـ.
ومما يلحظ على هذا البحث:
أولًا: اقتصر البحث على دراسة الاجتهاد في تحقيق المناط،ولم يتناول الاجتهاد في تخريج المناط، أو الاجتهاد في تنقيح المناط.
ثانيًا: لم يتناول البحث كلًا من الموضوعات الآتية:
-ضوابط تحقيق المناط، ومنها: التصوُّر الصحيح التام للواقعة،ومراعاة اختلاف الأحوال والأزمنة والأمكنة، واعتبار مآلات الأفعال، ومراعاة اختلاف مقاصد المكلفين، والموازنة بين المصالح والمفاسد.
1 / 11
-العلاقة بين تحقيق المناط والأدلة الشرعية المتفق عليها والمختلف فيها.
ثالثًا: لم يتضمن البحث دراسةً تطبيقيةً على النوازل المعاصرة، وقد اكتفى بذكر الشواهد دون دراستها.
٥ - تحقيق المناط عند الأصوليين وأثره في اختلاف الفقهاء، للباحث: د. عبدالرحمن إبراهيم الكيلاني، بحث منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية،جامعة الكويت، العدد ٥٨، سنة ١٤٢٥ هـ -٢٠٠٤ م.
ومما يلحظ على هذا البحث:
أولًا: اقتصر البحث على دراسة الاجتهاد في تحقيق المناط، ولم يتناول الاجتهاد في تخريج المناط، أو الاجتهاد في تنقيح المناط.
ثانيًا: لم يتناول البحث بعض مسالك تحقيق المناط،ومنها: الكتاب،والسُّنة، والإجماع، وقول الصحابي، وقول أهل الخبرة، والبينات الشرعية، والحساب والعدد.
ثالثا: لم يتناول البحث ضوابط تحقيق المناط، أو العلاقة بين تحقيق المناط والأدلة الشرعية.
رابعًا: لم يتضمن البحث دراسةً تطبيقيةً على النوازل المعاصرة.
٦ - المناط في أصول الفقه، للباحث: رائد عبدالله نمر بدير، رسالة ماجستير في جامعة النجاح الوطنية في غزة، نوقشت سنة ١٤٢٤ هـ، ثم طبعت سنة ١٤٢٧ هـ، من منشورات دار ابن الجوزي بالقاهرة.
ومما يلحظ على هذا البحث:
أولًا: لم يتناول البحث طرق تنقيح المناط، أو مسالك تخريج المناط، أو مسالك تحقيق المناط.
ثانيًا: لم يتناول البحث ضوابط تحقيق المناط، ومنها: التصوُّر الصحيح التام للواقعة،ومراعاة اختلاف الأحوال والأزمنة والأمكنة، واعتبار مآلات الأفعال، ومراعاة اختلاف مقاصد المكلفين، والموازنة بين المصالح والمفاسد.
1 / 12
ثالثًا: لم يتناول البحث العلاقة بين الاجتهاد في المناط والأدلة الشرعية المتفق عليها والمختلف فيها، واكتفى الباحث بدراسة ما أسماه بالخطط التشريعية التي تفرعت على قاعدة تحقيق المناط الخاص، وهي: الاستحسان،وسد الذرائع، وفتح الذرائع، ومراعاة الخلاف.
رابعًا: لم يتضمن البحث دراسةً تطبيقيةً على النوازل المعاصرة.
جوانب الإضافة في هذا البحث على الدراسات السابقة:
بعد الاطلاع على تلك الدراسات التي لها قَصْب السَّبْق في جوانب عدةٍ من هذا الموضوع فإن الإضافة التي أطمح إلى تحقيقها من خلال هذا البحث تتميمًا لتلك الجهود المشكورة تتلخص في الجوانب الآتية:
-دراسة موضوع الاجتهاد في المناط بأنواعه الثلاثة وهي: (تخريج المناط، وتنقيح المناط، وتحقيق المناط) وبيان مسالكها، وأوجه العلاقة بينها.
-دراسة العلاقة بين الاجتهاد في المناط والأدلة الشرعية المتفق عليها والمختلف فيها.
-ربط الجانب التأصيلي للموضوع بالجانب التطبيقي،وذلك من خلال إفراد بابٍ مستقلٍ يتناول تطبيقات الاجتهاد في المناط على (١٥) مسألةٍ من فقه النوازل والمستجدات الفقهية تشمل: العبادات، والمعاملات، والنكاح وتوابعه، والحدود والجنايات.
ويهدف هذا الباب إلى ربط المستجدات الفقهية بعلم أصول الفقه وقواعده، وهو أمرٌ بالغ الأهمية؛ لأنه يسهم في إحياء وظيفة علم أصول الفقه في واقعنا المعاصر، كما يزيل الغموض عن بعض القواعد والمسائل النظرية التي تبحث في هذا العلم؛ وذلك لأن"معظم الغموض في هذه القواعد منشؤه الاكتفاء بالتراجم والمعاقد، دون التهذيب بالأمثلة" (١).
كما أن الملكة لاتحصل بمعرفة الشيء مجردًا عن تطبيقاته، بل لابد
_________
(١) شفاء الغليل للغزالي: (٢٠٨).
1 / 13
من الارتياض فيه والدربة عليه كما قال الزركشي: " ليس يكفي في حصول الملكة على شيءٍ تعرُّفُه، بل لا بدَّ مع ذلك من الارتياض في مباشرته " (١).
خطة البحث:
يتكون هذا البحث من مقدمة، وتمهيد، وخمسة أبواب، وخاتمة، وفهارس تفصيلية،وبيانها على النحو الآتي:
المقدمة، وتشتمل على: أسباب اختيار الموضوع، والدراسات السابقة التي لها علاقةٌ مباشرةٌ به، وجوانب الإضافة التي أطمح إليها من خلال بحث هذا الموضوع، وخطة البحث، ومنهج البحث، والشكر والتقدير لمشايخي الكرام.
التمهيد: تعريف الاجتهاد في المناط، وبيان أنواعه، وأوجه الجمع والفرق بينها.
ويشتمل على أربعة مباحث:
المبحث الأول: تعريف الاجتهاد لغةً واصطلاحًا.
ويشتمل على ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تعريف الاجتهاد لغةً.
المطلب الثاني: تعريف الاجتهاد اصطلاحًا.
المطلب الثالث: وجه المناسبة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي.
المبحث الثاني: تعريف المناط لغةً واصطلاحًا.
ويشتمل على ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تعريف المناط لغةً.
المطلب الثاني: تعريف المناط اصطلاحًا.
المطلب الثالث: وجه المناسبة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي.
المبحث الثالث: تعريف الاجتهاد في المناط، وبيان أنواعه.
_________
(١) البحر المحيط: (٦/ ٢٢٨).
1 / 14
ويشتمل على مطلبين:
المطلب الأول: تعريف الاجتهاد في المناط.
المطلب الثاني: أنواع الاجتهاد في المناط.
المبحث الرابع: أوجه الجمع والفرق بين أنواع الاجتهاد في المناط.
ويشتمل على مطلبين:
المطلب الأول: أوجه الجمع بين أنواع الاجتهاد في المناط.
المطلب الثاني: أوجه الفرق بين أنواع الاجتهاد في المناط.
الباب الأول: الاجتهاد في تنقيح المناط.
ويشتمل على خمسة فصول:
الفصل الأول: تعريف تنقيح المناط لغةً واصطلاحًا.
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تعريف تنقيح المناط لغةً.
المبحث الثاني: تعريف تنقيح المناط اصطلاحًا.
المبحث الثالث: وجه المناسبة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي.
الفصل الثاني: حكم العمل بتنقيح المناط والأدلة على اعتباره.
ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: حكم العمل بتنقيح المناط.
المبحث الثاني: الأدلة على اعتبار العمل بتنقيح المناط.
الفصل الثالث: العلاقة بين تنقيح المناط وإلغاء الفارق.
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تعريف إلغاء الفارق لغةً واصطلاحًا.
ويشتمل على مطلبين:
المطلب الأول: تعريف إلغاء الفارق لغةً.
المطلب الثاني: تعريف إلغاء الفارق اصطلاحًا.
1 / 15
المبحث الثاني: أقسام إلغاء الفارق.
المبحث الثالث: العلاقة بين تنقيح المناط وإلغاء الفارق.
الفصل الرابع: العلاقة بين تنقيح المناط والسَّبْر والتقسيم.
ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: تعريف السَّبْر والتقسيم لغةً واصطلاحًا.
ويشتمل على مطلبين:
المطلب الأول: تعريف السَّبْر والتقسيم لغةً.
المطلب الثاني: تعريف السَّبْر والتقسيم اصطلاحًا.
المبحث الثاني: العلاقة بين تنقيح المناط والسَّبْر والتقسيم.
الباب الثاني: الاجتهاد في تخريج المناط.
ويشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول: تعريف تخريج المناط لغةً واصطلاحًا.
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تعريف تخريج المناط لغةً.
المبحث الثاني: تعريف تخريج المناط اصطلاحًا.
المبحث الثالث: وجه المناسبة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي.
الفصل الثاني: حكم العمل بتخريج المناط والأدلة على اعتباره.
ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: حكم العمل بتخريج المناط.
المبحث الثاني: الأدلة على اعتبار العمل بتخريج المناط.
الفصل الثالث: مسالك تخريج المناط.
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تخريج المناط بمسلك المناسبة.
ويشتمل على أربعة مطالب:
1 / 16
المطلب الأول: تعريف المناسبة لغةً واصطلاحًا.
المطلب الثاني: أقسام المناسب باعتبار شهادة الشرع له بالملائمة وعدمها.
المطلب الثالث: حُجِّية مسلك المناسبة.
المطلب الرابع: صورة تخريج المناط بمسلك المناسبة.
المبحث الثاني: تخريج المناط بمسلك السَّبْر والتقسيم.
ويشتمل على خمسة مطالب:
المطلب الأول: تعريف السَّبْر والتقسيم لغةً واصطلاحًا.
المطلب الثاني: أقسام السَّبْر والتقسيم.
المطلب الثالث: حجية السَّبْر والتقسيم.
المطلب الرابع: شروط صحة السَّبْر والتقسيم.
المطلب الخامس: صورة تخريج المناط بمسلك السَّبْر والتقسيم.
المبحث الثالث: تخريج المناط بمسلك الدوران.
ويشتمل على ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تعريف الدوران لغةً واصطلاحًا.
المطلب الثاني: حجية مسلك الدوران.
المطلب الثالث: صورة تخريج المناط بمسلك الدوران.
الباب الثالث: الاجتهاد في تحقيق المناط.
ويشتمل على خمسة فصول:
الفصل الأول: تعريف تحقيق المناط لغةً واصطلاحًا.
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تعريف تحقيق المناط لغةً.
المبحث الثاني: تعريف تحقيق المناط اصطلاحًا.
المبحث الثالث: وجه المناسبة بين التعريف اللغوي والاصطلاحي.
1 / 17
الفصل الثاني: أقسام تحقيق المناط.
ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: أقسام تحقيق المناط بالنظر إلى نوع المناط.
المبحث الثاني: أقسام تحقيق المناط بالنظر إلى وضوحه وخفائه.
المبحث الثالث: أقسام تحقيق المناط بالنظر إلى مراتبه.
الفصل الثالث: حكم العمل بتحقيق المناط والأدلة على اعتباره.
ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: حكم العمل بتحقيق المناط.
المبحث الثاني: الأدلة على اعتبار العمل بتحقيق المناط.
الفصل الرابع: ضوابط تحقيق المناط.
ويشتمل على خمسة مباحث:
المبحث الأول: التصوُّر الصحيح التام للواقعة ومعرفة حقيقتها.
المبحث الثاني: مراعاة اختلاف الأحوال والأزمنة والأمكنة.
المبحث الثالث: اعتبار مآلات الأفعال والأقوال الصادرة عن المكلَّفين.
المبحث الرابع: مراعاة اختلاف مقاصد المكلَّفين.
المبحث الخامس: الموازنة بين المصالح والمفاسد المتعارضة.
الفصل الخامس: مسالك تحقيق المناط.
ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: المسالك النقلية.
المبحث الثاني: المسالك الاجتهادية.
الباب الرابع: علاقة الاجتهاد في المناط بالأدلة الشرعية.
ويشتمل على فصلين:
الفصل الأول: علاقة الاجتهاد في المناط بالأدلة المتفق عليها.
ويشتمل على أربعة مباحث:
1 / 18
المبحث الأول: علاقة الاجتهاد في المناط بالكتاب.
المبحث الثاني: علاقة الاجتهاد في المناط بالسُّنَّة.
المبحث الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بالإجماع.
المبحث الرابع: علاقة الاجتهاد في المناط بالقياس.
الفصل الثاني: علاقة الاجتهاد في المناط بالأدلة المختلف فيها.
ويشتمل على ثمانية مباحث:
المبحث الأول: علاقة الاجتهاد في المناط بالاستصحاب.
المبحث الثاني: علاقة الاجتهاد في المناط بشرع مَنْ قبلنا.
المبحث الثالث: علاقة الاجتهاد في المناط بقول الصحابي.
المبحث الرابع: علاقة الاجتهاد في المناط بالاستحسان.
المبحث الخامس: علاقة الاجتهاد في المناط بالمصلحة المرسلة.
المبحث السادس: علاقة الاجتهاد في المناط بسدِّ الذرائع.
المبحث الثامن: علاقة الاجتهاد في المناط بالعُرْف.
الباب الخامس: تطبيقات الاجتهاد في المناط في فقه النوازل المعاصرة.
ويشتمل على خمسة عشر مبحثًا:
المبحث الأول: استخدام مياه الصرف الصحي المُعالَجة في الطهارة.
المبحث الثاني: تحديد أوقات الصلاة في البلدان الواقعة على خطوط العرض العالية.
المبحث الثالث: زكاة أسهم الشركات.
المبحث الرابع: استخدام الحقن العلاجية أثناء الصيام.
المبحث الخامس: الإحرام بالحج أو العمرة للقادمين جوًا بالطائرة.
المبحث السادس: المتاجرة بالهامش في الأسواق المالية.
المبحث السابع: خطاب الضمان البنكي.
المبحث الثامن: التورُّق المصرفي المنظَّم.
1 / 19
المبحث التاسع: تحديد النَّسْل.
المبحث العاشر: إنشاء بنوك الحليب البشري والرضاع منها.
المبحث الحادي عشر: إجراء عمليات التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب.
المبحث الثاني عشر: إسقاط الجنين المشوه خِلْقيًا.
المبحث الثالث عشر: رفع أجهزة الإنعاش عن المتوفى دماغيًا.
المبحث الرابع عشر: زراعة ونقل الأعضاء التناسلية.
المبحث الخامس عشر: زراعة عضوٍ استُؤصِل في حدٍّ أو قصاص.
خاتمة البحث.
فهرس الآيات القرآنية.
فهرس الأحاديث النبوية.
فهرس الآثار.
فهرس الأعلام.
فهرس المصادر والمراجع.
فهرس الموضوعات.
منهج البحث:
أما منهج البحث الذي سلكته فيتلخص في الآتي:
- الرجوع إلى المصادر الأصلية في البحث والنقل عن أصحابها مباشرةً ما أمكن ذلك.
- الالتزام بقواعد البحث العلمي المتعارَف عليها في النقل والعزو والتوثيق والاقتباس ونحو ذلك.
- عزو الآيات القرآنية إلى سورها مع ذكر أرقامها.
- تخريج الأحاديث النبوية من مصادرها الأصلية، فإذا كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما اكتفيت بالعزو إلى ذلك،وإن كان في غيرهما
1 / 20
عزوت الحديث إلى أشهر مصادره الأصلية، ثم نقلت كلام بعض المحققين في بيان درجته.
- وضع ترجمةٍ مختصرةٍ للأعلام الوارد ذكرهم في البحث، وقد استثنيت من ذلك الخلفاء الأربعة ﵃، وأمهات المؤمنين ﵅ وأرضاهن؛ وذلك لشهرتهم التي أطبقت الآفاق.
- توضيح الغريب من الألفاظ الواردة في البحث بما يكشف معناها، ويزيل الغموض عنها.
- الإيجاز في تعريف الاصطلاحات الأصولية التي ليست من صلب البحث، والاكتفاء في تعريفها بمايناسب المقام دون توسعٍ يخرج عن المقصود.
- الاقتصار في الجانب التطبيقي من الدراسة على بعض النوازل والمستجدات الفقهية التي لها علاقةٌ بموضوع البحث، والاستناد في أحكام تلك التطبيقات على قرارات الفتوى في بعض مؤسسات الاجتهاد الجماعي الموثوقة، كالمجامع الفقهية، وهيئة كبار العلماء بالسعودية، واللجنة الدائمة للإفتاء، ولم أتعرض إلى ذكر الخلاف في تلك النوازل، أو أدلة المخالفين ومناقشتها؛ لأن إيراد ذلك إنما يناسب أبحاث الفقه المقارن، أما هذه الدراسة فإنها تهدف إلى إبراز العلاقة بين الجانب النظري والتطبيقي في موضوع البحث، ولا تهدف إلى بحث أصل المسألة وأقوال المجتهدين فيها وأدلتهم كما هو الحال في الأبحاث الفقهية.
- تذييل البحث بفهارس تفصيليةٍ تسهل الاستفادة من الدراسة، وقد شملت الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار، والأعلام،والمصادر والمراجع، وفهرس الموضوعات.
صعوبات البحث:
حينما شرعت في بحث هذا الموضوع اعترضتني بعض صعوباتٍ يسَّر الله تجاوزها وذلَّلها بفضله ورحمته، ومن أهم الصعوبات التي واجهتني في هذا البحث مايأتي:
1 / 21