احکام په اصولو کې
الإحكام في أصول الأحكام
خپرندوی
المكتب الإسلامي
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
١٤٠٢ هـ
د خپرونکي ځای
(دمشق - بيروت)
ژانرونه
اصول فقه
وَأَيْضًا فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مَنْهِيٌّ عَنِ الزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَاصِي.
وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ بَعْضُ الْمَعَاصِي نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي الْمَعْصِيَةَ، فَكَانَ مَعْصُومًا عَنْهَا ضَرُورَةَ تَعَلُّقِ عِلْمِ اللَّهِ بِأَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا.
وَأَمَّا خَبَرُ مُعَاذٍ فَإِنَّمَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الْإِجْمَاعُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﵇، فَلَمْ يَكُنْ مُؤَخَّرًا لِبَيَانِهِ مَعَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ.
وَقَوْلُهُ ﵇: " «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ» " (١) لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْقَى مَنْ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِقَوْلِهِ بَلْ غَايَتُهُ أَنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ هُمُ الْأَقَلُّونَ.
وَقَوْلُهُ: " «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا» " (٢)، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَعَ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ وَإِنْ كَانَ خِطَابًا مَعَ الْكُلِّ فَجَوَابُهُ مَا سَبَقَ فِي آيَاتِ الْمَنَاهِي لِلْأُمَّةِ.
وَقَوْلُهُ: " «حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا» " (٣) الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ غَايَتُهُ الدَّلَالَةُ عَلَى جَوَازِ انْقِرَاضِ الْعُلَمَاءِ، وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ امْتِنَاعَ وُجُودِ الْإِجْمَاعِ مَعَ انْقِرَاضِ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي اجْتِمَاعِ مَنْ كَانَ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْجَوَابُ عَنْ بَاقِي الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى خُلُوِّ آخِرِ الزَّمَانِ مِنَ الْعُلَمَاءِ.
كَيْفَ وَأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مُعَارَضٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ خُلُوِّ عَصْرٍ مِنَ الْأَعْصَارِ عَمَّنْ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﵇: " «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَحَتَّى يَظْهَرَ الدَّجَّالُ» ".
وَأَيْضًا مَا رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: " «وَاشَوْقَاهُ إِلَى إِخْوَانِي، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا إِخْوَانَكَ، فَقَالَ: أَنْتُمْ أَصْحَابِي، إِخْوَانِي قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي يَهْرَبُونَ بِدِينِهِمْ مِنْ شَاهِقٍ إِلَى شَاهِقٍ وَيَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ» ".
وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْمَعْقُولِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ، فَقَدْ سَبَقَ جَوَابُهُ.
(١) رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. (٢) جُزْءٌ مِنْ خُطْبَةِ النَّبِيِّ ﷺ أَيَّامَ مِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. (٣) جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَوَّلُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُهُ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ.
1 / 210