122

Al-Hadith wal-Muhaddithun

الحديث والمحدثون

د ایډیشن شمېره

الأولى ١٣٧٨ هـ

د چاپ کال

١٩٥٨ م مطبعة مصر شركة مساهمة مصرية

ژانرونه

ثانيا: روى أحمد، والبيهقي في المدخل والعقيلي من طرق مختلفة أن أبا هريرة قال: ما كان أحد أعلم بحديث رسول الله ﷺ مني، إلا عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب استأذن رسول الله ﷺ، أن يكتب بيده ما سمع منه فأذن له. فاستئذان عبد الله بن عمرو من النبي في كتابة الحديث، يدل على أن الكتابة كانت منهيا عنها في أول الأمر، وقد أذن رسول الله ﷺ له بالكتابة لما استأذنه، ولا خصوصية لعبد الله بن عمرو على غيره. وعليه فيمكن أن يقال: أن رسول الله ﷺ، لم يلتحق بالرفيق الأعلى، إلا وكتابة الحديث مأذون فيها١.
كتابة الحديث بعد زمن النبي ﷺ:
توفي رسول الله ﷺ، ولم تدون السنة كما دون القرآن الكريم للحكمة، التي أشرنا إليها فيما سبق. فلما كان عهد الخلفاء الراشدين -وقد رأيت أمرهم بتقليل الرواية، مخافة أن يشغل الناس بالحديث، ويتركوا القرآن وأكثرهم لا يزال حديث عهد به، ولما يتم له جمعه في صدره- كذلك لم يريدوا أن يدونوا الحديث في الصحف، كراهة أن يتخذها الناس مصاحف، يضاهون بها صحف القرآن العزيز، فيشتبه على بعضهم القرآن بالأحاديث، وربما اشتغلوا بها عن تلاوته ودرسه. لهذا نرى عمر بن الخطاب ﵁، يجمع أصحاب رسول الله ﷺ، ليستشيرهم في كتابة السنن، فيشيرون عليه بكتابتها، ثم يحجم عمر عن كتابتها، مخافة أن يتخذها الناس مصاحف كالقرآن، فيلتبس الأمر على عامتهم، ومن يأتي بعدهم فيقعوا فيما وقع فيه أهل

١ بل هذا هو المتعين قال في الفتح "١-١٨٢": إن السلف اختلفوا في ذلك عملا وتركا، وإن كان الأمر استقر والإجماع انعقد على جواز كتابة العلم، بل على استحبابه بل على وجوبه على من خشي النسيان، ممن يتعين عليه تبليغ العلم. ا. هـ.

1 / 125