The Sickness and the Cure
الداء والدواء
خپرندوی
دار المعرفة
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
المغرب
ژانرونه
تصوف
فَفَازَ الْمُتَّقُونَ الْمُحْسِنُونَ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَحَصَلُوا عَلَى الْحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ فِي الدَّارَيْنِ، فَإِنَّ طِيبَ النَّفْسِ، وَسُرُورَ الْقَلْبِ، وَفَرَحَهُ وَلَذَّتَهُ وَابْتِهَاجَهُ وَطُمَأْنِينَتَهُ وَانْشِرَاحَهُ وَنُورَهُ وَسَعَتَهُ وَعَافِيَتَهُ مِنْ تَرْكِ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، وَالشُّبُهَاتِ الْبَاطِلَةِ - هُوَ النَّعِيمُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلَا نِسْبَةَ لِنَعِيمِ الْبَدَنِ إِلَيْهِ.
فَقَدْ كَانَ يَقُولُ بَعْضُ مَنْ ذَاقَ هَذِهِ اللَّذَّةَ: لَوْ عَلِمَ الْمُلُوكُ وَأَبْنَاءُ الْمُلُوكِ مَا نَحْنُ فِيهِ لَجَالَدُونَا عَلَيْهِ بِالسُّيُوفِ.
وَقَالَ آخَرُ: إِنَّهُ لَيَمُرُّ بِالْقَلْبِ أَوْقَاتٌ أَقُولُ فِيهَا: إِنْ كَانَ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي مِثْلِ هَذَا، إِنَّهُمْ لَفِي عَيْشٍ طَيِّبٍ.
وَقَالَ آخَرُ: إِنَّ فِي الدُّنْيَا جَنَّةً هِيَ فِي الدُّنْيَا كَالْجَنَّةِ فِي الْآخِرَةِ، فَمَنْ دَخَلَهَا دَخَلَ تِلْكَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا لَمْ يَدْخُلْ جَنَّةَ الْآخِرَةِ، وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى هَذِهِ الْجَنَّةِ بِقَوْلِهِ: «إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا، قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: حِلَقُ الذِّكْرِ» وَقَالَ: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» .
نَعِيمُ الْأَبْرَارِ وَجَحِيمُ الْفُجَّارِ وَلَا تَظُنَّ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ - وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾ [سُورَةُ الِانْفِطَارِ: ١٣ - ١٤] مُخْتَصٌّ بِيَوْمِ الْمَعَادِ فَقَطْ، بَلْ هَؤُلَاءِ فِي نَعِيمٍ فِي دُورِهِمُ الثَّلَاثَةِ، وَهَؤُلَاءِ فِي جَحِيمٍ فِي دُورِهِمُ الثَّلَاثَةِ، وَأَيُّ لَذَّةٍ وَنَعِيمٍ فِي الدُّنْيَا أَطْيَبُ مِنْ بِرِّ الْقَلْبِ، وَسَلَامَةِ الصَّدْرِ، وَمَعْرِفَةِ الرَّبِّ ﵎ وَمَحَبَّتِهِ، وَالْعَمَلِ عَلَى مُوَافَقَتِهِ؟ وَهَلِ الْعَيْشُ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا عَيْشُ الْقَلْبِ السَّلِيمِ؟ وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ ﷾ عَلَى خَلِيلِهِ ﵇ بِسَلَامَةِ قَلْبِهِ، فَقَالَ: ﴿وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ - إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [سُورَةُ الصَّافَّاتِ: ٨٣ - ٨٤] .
وَقَالَ حَاكِيًا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ - إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: ٨٨ - ٨٩] .
وَالْقَلْبُ السَّلِيمُ هُوَ الَّذِي سَلِمَ مِنَ الشِّرْكِ وَالْغِلِّ وَالْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَالشُّحِّ وَالْكِبْرِ وَحُبِّ الدُّنْيَا وَالرِّيَاسَةِ، فَسَلِمَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ تُبْعِدُهُ عَنِ اللَّهِ، وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ شُبْهَةٍ تُعَارِضُ خَبَرَهُ، وَمِنْ
1 / 121