9

al-Bid‘ah wa Atharha fi Mihnat al-Muslimeen

البدعة وأثرها في محنة المسلمين

ژانرونه

الصحابة آمنوا بكل ما جاء في القرآن والسنة لقد كان الصحابة يثبتون لله الأسماء والصفات كما أثبتها القرآن والسنة، ولذلك نحن نقول: كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة. فهل تريد أن تجمع أجسادًا متراصة دون عقيدة واحدة؟ ماذا يفعلون؟! أنا أرى الذي بجانبي مبتدعًا ضالًا مضلًا، وهو يراني كذلك، ما هو النفع أن تجمعني به؟! يا جماعة! لنكن صرحاء، إن ما حدث في أفغانستان واضح جدًا للعيان، لقد كانوا أصحاب رايات متفرقة، كل واحد له عقيدة وشكل: هذا أشعري، وهذا جهمي، وهذا قدري، وهذا سني، وهذا شيعي، عندما جاء الروس قالوا: نجتمع كلنا عليهم، فلما خرج الروس تصارعوا فيما بينهم، وهذا شيء طبيعي جدًا؛ لأن كل واحد يقول: أنا أريد أن أمكن لديني وعقيدتي في الأرض. فأنت عندما تقول: الله مستوٍ على العرش، يقول هو: قاعد على العرش معناه: أنه جسم، فأنت تجسم ربك، أنا لا أمكن لك أن تنشر هذا المذهب الرديء، وبدأ كل منهم يقاتل الآخر، فلو أن هؤلاء قبل أن يجتمعوا كانوا موحدين حقًا لانتصروا على الروس انتصارًا ساحقًا، بل إن الصحابة كانوا قلة، ونأخذ العبرة بيوم بدر، كان عددهم ثلاثمائة وأربعة عشر رجلًا، لم يخرجوا لقتال، ولم يتأهبوا له، ليس معهم غير فرسين اثنين، يعني: تشبه الآن الطائرات المقاتلة، والرسول ﵊ ما خرج لقتال، فقاتلوا ألف رجل خرجوا هم للقتال، وماذا فعلوا فيهم؟ قتلوا صناديدهم، قتلوا سبعين رجلًا كافرًا عنيدًا، قتلهم ثلاثمائة وأربعة عشر رجلًا، كان أبو جهل ومن معه كل يوم يذبحون عشرة جمال ويأكلونها، والصحابة الفقراء يقتسمون التمرات، يقسم التمرة بينه وبين أخيه، في غزوة جيش البحر جابر بن عبد الله الأنصاري كان يقول: (كنا نضع التمرة تحت ألسنتنا نمصها كما يمص الصبي، ونشرب عليها الماء) سعد بن أبي وقاص يقول: (كنا نأكل من ورق الشجر) هم هؤلاء الذين أعز اللهم بهم الإسلام، لأنهم كانوا على قلب رجل واحد. وأنتم تعرفون قصة الرجل الذي طلب الماء وهو في الرمق الأخير، فلما أراد أن يشرب سمع أخاه يقول: الماء، فقال: أعط أخي وهو في الرمق الأخير سوف يموت، وذلك سمع رجلًا يطلب الماء، فقال: أعط أخي، وكل واحد يقول: أعط أخي، فلما رجع إلى الأول وجده قد مات، ثم مر على الذي بعده فإذا به قد مات، حتى مات العشرة ولم يشربوا الماء. الرسول ﵊ أول ما بدأ بدأ بتأسيس البنيان ببناء القاعدة، كان بإمكانه أن يأمر بتشكيل عصابات ويأمر من معه بتقتيل الجميع؛ لكن هذا تقويض لدعوته؛ لأنه جاء يدعو إلى مكارم الأخلاق، وهذه الأشياء تنافي مكارم الأخلاق. لذلك هو قضى ﵊ ثلاثة عشر عامًا، حتى أو جد هذه القاعدة العريضة التي قاتل بها، إذًا قبل ما ندعو المسلمين جميعًا ونقول: وحدوا الصفوف، نقول أولًا: وحدوا الله، أولًا: كلمة التوحيد نجتمع عليها، فإذا اجتمعنا عليها هان كل شيء، لكن العقيدة الرسمية الموجودة الآن التي تدرس هي عقيدة الأشاعرة، ما هي العقيدة التي كان عليها السلف الصالح. أين الله؟ يقول: في كل مكان، هذا أقبح من قول النصارى؛ لأن النصارى خصوا الحلول بالمسيح وأمه، وهؤلاء يجعلون الله يحل في كل مكان، وهذا من لوازم قولهم، وهو أقبح من كلام النصارى نفسه. أبو الحسن الأشعري ﵀ عندما رجع عن هذا المذهب الرديء في جملة، -وإن كان عليه بعض الأشياء التي أنكرها السلف بعدما رجع- كان يقول: إن الله ﵎ عندما يقول: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه:٥] هنا يمدح نفسه ﷿ أنه استوى على العرش، فلو كان في كل مكان لكان استواؤه على العرش كاستوائه على أي مكان، وحاشا لله! تعرضت نصوص الكتاب والسنة لا أقول: للتأويل، بل للتحريف، لتثرية هذه البدع. عندما يأتي شخص -مثلًا- وينظر للقرآن فقط دون السنة النبوية التي رواها أثبتُ أهل الحديث -وهو يطعن في عقيدة الصحابة والتابعين- وهي كلام الرسول ﵊. حديث أبي سعيد في الصحيحين: (فيكشف الله عن ساقه) يقوم فيتهم القائل بهذه المقالة أنه مجسم، وهذا اتهام للرسول ﵊؛ لأنه هو الذي نطق بهذا، فيقوم يحتج بأن القرآن لم يضف الساق إلى الله ﷿، نعم في القرآن لم تضف الساق إلى الله ﵎: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ [القلم:٤٢] لكن الرسول ﵊ وهو المبين لكلام الله تعالى نسب الساق إلى الله فقال: (يوم يكشف الله عن ساقه) . إذًا لله ساق، لكن هل كساق المخلوقين؟ لا. لله ساق، لله قدم، لله أصبع، كما جاءت بذلك الأحاديث كما يليق بجلاله. نعم موجود. أنت موجود؟ نعم موجود. وجوده كوجودك؟ لا. إذًا لماذا لا تقل في الصفات كما قلت في الذات؟ أنت قلت: ذاته ليست كذوات المخلوقين، لماذا جعلت صفاته كصفات المخلوقين؟ فعندما تقول: ذاته ليست كذواتنا، فمن الطبيعي جدًا أن تقول: وصفاته ليست كصفاتنا. وإذا قلت: الله له يد، قال: لا تقل ذلك إنه ليس له يد؛ لأنك لو قلت: له يد فمعنى ذلك أنك شبهته، لماذا شبهته؟ فتقول: كما أن ذاته ﵎ ليست كذاتنا، كذلك صفاته ﵎ ليست كصفاتنا، وبهذا نرتاح.

1 / 9