9

Al-Bahr al-Ra'iq Sharh Kanz al-Daqa'iq

البحر الرائق شرح كنز الدقائق

د ایډیشن شمېره

الثانية

ژانرونه

حنفي فقه
هُنَا لِيَكُونَ سَبَبًا لِلطَّهَارَةِ، فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْإِرَادَةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْإِرَادَةُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَيَسْقُطُ وُجُوبُهَا بِتَرْكِ إرَادَةِ الصَّلَاةِ أَوْ هُوَ الْإِرَادَةُ الْمُسْتَلْحِقَةُ لِلشُّرُوعِ فَلَا يَرِدُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهَا. وَأَرْكَانُهَا فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ غَسْلُ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَةِ وَمَسْحُ رُبُعِ الرَّأْسِ، وَفِي الْأَكْبَرِ غَسْلُ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَفِي النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ الْمَرْئِيَّةِ إزَالَةُ عَيْنِهَا وَفِي غَيْرِ الْمَرْئِيَّةِ غَسْلُ مَحَلِّهَا ثَلَاثًا وَالْعَصْرُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ إنْ كَانَ مِمَّا يَنْعَصِرُ وَالتَّجْفِيفُ فِي كُلِّ مَا لَا يَنْعَصِرُ وَحُكْمُهَا اسْتِبَاحَةُ مَا لَا يَحِلُّ إلَّا بِهَا وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ مِنْ حُكْمِهَا الثَّوَابَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ فِيهَا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى النِّيَّةِ، وَهِيَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهَا وَآلَتُهَا الْمَاءُ وَالتُّرَابُ وَالْمُلْحَقُ بِهِمَا وَأَنْوَاعُهَا كَثِيرَةٌ سَتَأْتِي مُفَصَّلَةً وَمَحَاسِنُهَا شَهِيرَةٌ. [أَحْكَام الْوُضُوء] [فَرَائِض الْوُضُوء] وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا صَرِيحَةً فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَهِيَ تَنْقَسِمُ إلَى شُرُوطِ وُجُوبٍ وَشُرُوطِ صِحَّةٍ، فَالْأُولَى تِسْعَةٌ: الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَوُجُودُ الْحَدَثِ وَوُجُودُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ الطَّهُورُ الْكَافِي وَالْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَعَدَمُ الْحَيْضِ، وَعَدَمُ النِّفَاسِ وَتَنْجِيزُ خِطَابِ الْمُكَلَّفِ كَضِيقِ الْوَقْتِ، وَالثَّانِيَةُ أَرْبَعَةٌ: مُبَاشَرَةُ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ الطَّهُورِ لِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ وَانْقِطَاعُ الْحَيْضِ وَانْقِطَاعُ النِّفَاسِ وَعَدَمُ التَّلَبُّسِ فِي حَالَةِ التَّطْهِيرِ بِمَا يَنْقُضُهُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَعْذُورِ بِذَلِكَ اهـ. وَالْإِضَافَةُ فِيهِ بِمَعْنَى اللَّامِ كَمَا لَا يَخْفَى وَجَعْلُهَا بِمَعْنَى مِنْ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ ضَابِطَهَا كَمَا فِي التَّسْهِيلِ صِحَّةُ تَقْدِيرِهَا مَعَ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ عَنْ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي كَخَاتَمِ فِضَّةٍ، وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ الْكِتَابُ طَهَارَةٌ (قَوْلُهُ: فَرْضُ الْوُضُوءِ غَسْلُ وَجْهِهِ) قَدَّمَهُ عَلَى الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ أَكْثَرُ؛ وَلِأَنَّ مَحَلَّهُ جُزْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْغُسْلِ أَوْ لِتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآنِ أَوْ فِي تَعْلِيمِ جِبْرِيلَ لِلنَّبِيِّ ﵊ وَاخْتُلِفَ فِي الْفَرْضِ لُغَةً فَفِي الصِّحَاحِ الْفَرْضُ الْحَزُّ فِي الشَّيْءِ وَالْفَرْضُ جِنْسٌ مِنْ التَّمْرِ وَالْفَرْضُ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ مَعَالِمَ وَحُدُودًا اهـ. وَفِي التَّلْوِيحِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْقَطْعِ وَالْإِيجَابِ وَذَهَبَ الْأُصُولِيُّونَ إلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي التَّقْدِيرِ مَجَازٌ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ إذَا دَارَ بَيْنَ الِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ فَالْمَجَازُ أَوْلَى يُقَالُ فَرَضَ الْقَاضِي النَّفَقَةَ إذَا قَدَّرَهَا اهـ وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَفِي التَّحْرِيرِ الْفَرْضُ مَا قُطِعَ بِلُزُومِهِ مِنْ فَرْضٍ قَطْعً. اهـ. وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِمْ مَا لَزِمَ فِعْلُهُ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ وَعَرَّفَهُ فِي ــ [منحة الخالق] (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْإِرَادَةُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الْأَظْهَرُ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي نُكَتِهِ مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ أَنَّهُ وُجُوبُ الصَّلَاةِ أَوْ إرَادَةُ مَا لَا يَحِلُّ إلَّا بِهَا اهـ. ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يَأْثَمَ عَلَى تَرْكِ الْوُضُوءِ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ وَلَمْ يُرِدْ الصَّلَاةَ الْوَقْتِيَّةَ فِيهِ بَلْ عَلَى تَفْوِيتِ الصَّلَاةِ فَقَطْ وَأَنَّهُ إذَا أَرَادَ صَلَاةَ الظُّهْرِ مَثَلًا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ اهـ. فَتَأَمَّلْ. [أَرْكَانُ الطَّهَارَة] (قَوْلُهُ: وَهِيَ تَنْقَسِمُ إلَى شُرُوطِ وُجُوبٍ وَشُرُوطِ صِحَّةٍ إلَخْ) وَقَدْ نَظَمْت ذَلِكَ بِقَوْلِي شُرُوطُ الْوُجُوبِ تِسْعَةٌ تَمَامُ ... الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْإِسْلَامُ وَنَفْيُ حَيْضٍ وَانْتِفَا النِّفَاسِ ... وَحَدَثٌ وَضِيقُ وَقْتِ النَّاسِ وَمُطْلَقُ الْمَاءِ الطَّهُورِ الْكَافِي ... وَقُدْرَةُ اسْتِعْمَالِهِ الْمُوَافِي وَشُرُوطُ صِحَّةٍ وَذَاكَ أَرْبَعُ ... فَقْدُ النِّفَاسِ ثُمَّ حَيْضٌ يُقْطَعُ وَأَنْ يَعُمَّ الْمَاءُ كُلَّ الْأَعْضَا ... ثُمَّ انْتِفَاءُ مَا يُفِيدُ النَّقْضَا (قَوْلُهُ: فَرْضُ الْوُضُوءِ إلَخْ) أَقُولُ: قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَلَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنَّمَا الْخَاصُّ بِهَا الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ اهـ. وَقَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا ابْنِ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ: الْوُضُوءُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَنُوزِعَ بِمَا وَرَدَ هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي وَالْأَصْلُ فِيمَا ثَبَتَ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ يَثْبُتَ فِي حَقِّ أُمَمِهِمْ وَقَالَ شَيْخُنَا ابْنُ حَجَرٍ إنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِبَقِيَّةِ الْأُمَمِ لَا لِأَنْبِيَائِهِمْ لَكِنْ يُنَافِيه مَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ قِصَّةِ سَارَةُ أَنَّ الْمَلِكَ لَمَّا هَمَّ بِالدُّنُوِّ مِنْهَا قَامَتْ تَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي وَمِنْ قِصَّةِ جُرَيْجٍ الرَّاهِبِ أَنَّهُ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الَّذِي اخْتَصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ هَذَا الْوُضُوءُ وَالْمَخْصُوصُ وَمِنْهُ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ كَمَا فِي مُسْلِمٍ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ فِيمَا ذُكِرَ الْوُضُوءُ اللُّغَوِيُّ تَأَمَّلْ فَرُبَّمَا رَجَعَ حَاصِلُ هَذَا لِلْأَوَّلِ. اهـ. رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَفِي التَّحْرِيرِ الْفَرْضُ مَا قُطِعَ بِلُزُومِهِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَعَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ، وَهُوَ لَيْسَ بِمَانِعٍ لِشُمُولِهِ بَعْضَ الْمُبَاحَاتِ وَالنَّوَافِلِ الثَّابِتِينَ بِدَلِيلٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾ [النور: ٣٣] ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة: ٢] وَالْمُخْتَارُ فِي تَعْرِيفِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنَارِ أَنَّهُ الْحُكْمُ الَّذِي ثَبَتَ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ وَاسْتَحَقَّ تَارِكُهُ كُلِّيًّا بِلَا عُذْرٍ الْعِقَابَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الثُّبُوتِ فِي قَوْلِ الْبَعْضِ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ إلَخْ عَلَى اللُّزُومِ فَيَكُونُ التَّعْرِيفُ مَانِعًا فَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ اهـ. قُلْت: وَقَدْ كَتَبْت فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِلْحَصْكَفِيِّ أَنَّ مَا ذَكَرَ خَرَجَ بِقَوْلِهِ لَا شُبْهَةَ فِيهِ، فَإِنَّ شُبْهَةً نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَعَمَّتْ الشُّبْهَةُ ثُبُوتًا وَدَلَالَةً فَلَا بُدَّ فِي دَلِيلِ الْفَرْضِ مِنْ قَطْعِيَّتِهِمَا وَكَوْنُهُ كَذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِيهِمَا مِنْ مَنَافِعِنَا لَا عَلَيْنَا وَأَنَّهُ يُمْكِنُ دَفْعُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي ثَبَتَتْ لِلْفَرْضِيَّةِ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَيْ مَا ثَبَتَتْ قَطْعِيَّتُهُ وَمَا ذُكِرَ ثَبَتَ إبَاحَتُهُ وَنَدْبُهُ

1 / 10