كدم البراغيث، وإن قلنا: ينجس شعره بالموت والإبانة فهل يستثنى شعر الرسول ﷺ؟ فيه وجهان:
وجه الاستثناء: "أَنَّهُ لَمَّا حَلَقَ شَعْرَهُ نَاوَلَهُ أَبَا طَلْحَةَ ﵁ لِيُفَرِّقَهَ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنِ اسْتِصْحَابِهِ" (١). وإذا كان الصحيح في شعر غيره الطهارة، فما ظنك بشعره ﷺ. وجلد الميتة إذا دبغ وعليه شعر فهل يطهر على هذا القول؟ فيه قولان:
أظهرهما: لا؛ لأن الشعر لا تتأثر بالدباغ؛ بل هي قبله وبعده على هيئة واحدة، بخلاف الجلد.
والثاني: أنها تطهر تبعًا لطهارة الجلد، كما نجست بالموت تبعًا، وإذا فرعنا على أن الشعور لا تنجس بالموت، فهي مُلْحَقَةٌ بِالجَمَادَاتِ، وجميعها طاهر إلا شَعرَ الكَلْبِ وَالخِنْزِيرِ، ففيه وجهان:
أصحهما: أنه نجس، ويستثنى هو من الجمادات، كما استثنى صاحبه من الحيوانات.
والثاني: أنه طاهر كشعر غيره والوجهان يشملان حالتي الموت والحياة جميعًا، فهذا فقه هذه المسائل. وحظ الباب منه أن العَظْمَ إذا كان طاهرًا، فاستعمال الإناء المتخذ منه جائز وإلا فلا. وإنما يكون طاهرًا إذا كان من المُذَكَّى المأكول، أو فرعنا على القول الضعيف أن العظام لا تنجس أصلًا (٢). واعلم أن القطع في قوله: "ولا ينجس شعر الآدمي بالموت والإبانة ولا شعر المأكول لحمه بالجَزِّ قولًا واحدًا"، لا يرجع إلى المسألتين، وإنما يرجع إلى المسألة الأخيرة، وفي شعر الآدمي هل ينجس بالموت والإبانة ما سبق من الخلاف؟ وشعر المأكول قد سبق في الكتاب في فصل النجاسات، وإنما أعاده هاهنا ليتبين أنه ليس موضع القولين.