Al-Anwar Al-Kashifa Limma Fi Kitab 'Adwaa Ala Al-Sunnah'
الأنوار الكاشفة لما في كتاب «أضواء على السنة» - ط السلفية
خپرندوی
المطبعة السلفية ومكتبتها / عالم الكتب
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
وكان أهل العلم يشددون في اختيار الرواة أبلغ التشديد، جاء عن بعضهم - أظنه الحسن بن صالح بن حي- أنه قال: كنا إذا أردنا أن نسمع الحديث من رجل سألنا عن حاله حتى يقال: أتريدون أن تزوجوه؟ وجاء جماعة إلى شيخ ليسمعوا منه فرأوه خارجًا وقد انفلتت بغلته وهو يحاول إمساكها وبيده مخلاة يريها إياها، فلاحظوا أن المخلاة فارغة، فرجعوا ولم ييسمعوا منه. قالوا هذا يكذب على البغلة فلا نأمن أن يكذب في الحديث. وذكروا أن شعبة كان يتمنى لقاء رجل مشهور ليسمع منه. فلما جاءه وجده يشتري شيئًا ويسترجح في الميزان. فامتنع شعبة من السماع منه. وتجد عدة نظائر لهذا ونحوه في كفاية الخطيب (ص١١٠-١١٤) .وكان عامة علماء القرون الأولى وهي قرون الحديث مقاطين للخلفاء والأمراء، حتى كان أكثرهم لا يقبل عطاء الخلفاء والأمراء ولا يرضى بتولي القضاء، ومنهم من كان الخلفاء يتطلبونهم ليكونوا بحضرتهم ينشرون العلم. فلا يستجيبون، بل يفرون ويستترون. وكان أئمة النقد لا يكادون يوثقون محدثًا يداخل الأمراء أو يتولى لهم شيئًا، وقد جرحوا بذلك كثيرًا من الرواة ولم يوثقوا ممن داخل الأمراء إلا أفراد علم الأئمة يقينًا سلامة دينهم وأنه لا مغمز فيهم البتة. وكان محمد بن بشر الزنبري محدثًا يسمع منه الناس، فاتفق أن خرج أمير البلد لسفر فخرج الزنبري يشيعه، فنقم أهل الحديث عليه ذلك وأهانوه ومزقوا ما كان كتبوا عنه. وكثيرًا ما كانوا يكذبون الرجل ويتركون حديثه لخبر واحد يتهمون فيه. وتجد من هذا كثيرًا في ميزان الذهبي وغيره. وكذلك إذا سمعوه حدث بحديث ثم حدث به بعد مدة علىوجه ينافي الوجه الأول، وفي الكفاية (ص١١٣) عن شعبة قال «سمعت من طلحة بن مصرف حديثًا واحدًا وكنت كلما مررت به سألته عنه.. أردت أن أنظر إلى حفظه، فإن غير فيه شيئًا تركته» وكان أحدهم يقضي الشهر والشهرين يتنقل في البدلان يتتبع رواية حديث واحد كما وقع لشعبة في حديث عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر، وكما وقع لغيره في الحديث الطويل في فضائل
1 / 90