257

Al-'Adhb an-Nameer min Majalis ash-Shanqeeti fi at-Tafseer

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

ایډیټر

خالد بن عثمان السبت

خپرندوی

دار عطاءات العلم (الرياض)

د ایډیشن شمېره

الخامسة

د چاپ کال

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

د خپرونکي ځای

دار ابن حزم (بيروت)

ژانرونه

جل وعلا - وهذا معنًى معروفٌ في كلامِ العربِ، ومنه قولُ أميةَ بنِ أبي الصلتِ الثقفيِّ (^١):
فَأُهْلِكُوا بِعَذَابٍ حَصَّ دَابِرَهُمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ صَرْفًا وَلَا انْتَصَرُوا
(حَصَّ دَابِرَهُمْ): يعني قَطَعَ دابرَهم، وأهلكَ البقيةَ، فلم يَبْقَ منهم تابعٌ؛ لأن الولدَ كأنه دابرٌ للوالدِ، أي: تابعٌ له يقفوه من بعدِه ويُحيي ذِكْرَه بعد موتِه. ومعنى: (قَطْعُ الدابرِ) أنه هَلَكَ الأولادُ والآباءُ، وانقضى الجميعُ، فلم يَبْقَ منهم تابعٌ. وهذا معنى قولِه: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾.
و(الظلمُ) هنا معناه: الشركُ. كقولِه: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: آية ١٣] ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: آية ٢٥٤] ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ﴾ [يونس: آية ١٠٦].
ثم قال: ﴿وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: آية ٤٥] أَثْنَى اللَّهُ (جل وعلا) على نفسِه الكريمةِ بهذا الثناءِ العظيمِ؛ لِيُعَلِّمَ خلقَه أن يحمدوا اللَّهَ (جل وعلا) وَيُثْنُوا عليه عندَ إهلاكِه الظلمةَ الذين ليس فيهم خيرٌ، وليس فيهم إلا الشرُّ للبلادِ والعبادِ، فإراحةُ المسلمين من الظلمةِ الذين ليس فيهم إلا الضررُ، من غيرِ أن يكونَ هنالك نَفْعٌ نعمةٌ من نِعَمِ اللَّهِ، عَلَّمَ اللَّهُ خَلْقَهُ أن يحمدوه عليها.

(^١) البيت في ابن جرير (١١/ ٣٦٤)، القرطبي (٦/ ٤٢٧)، الدر المصون (٤/ ٦٣٥).

1 / 261