180

Al-'Adhb an-Nameer min Majalis ash-Shanqeeti fi at-Tafseer

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

پوهندوی

خالد بن عثمان السبت

خپرندوی

دار عطاءات العلم (الرياض)

د ایډیشن شمېره

الخامسة

د چاپ کال

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

د خپرونکي ځای

دار ابن حزم (بيروت)

ژانرونه

وعلى هذا فقولُه: ﴿وَأُوذُوا﴾ معطوفٌ على قوله: ﴿كُذِّبُوا﴾ فصبروا على ما كُذبوا، وصبروا على ما أُوذوا. و(ما) مصدريةٌ، أي: صَبَرُوا على التكذيبِ والإيذاءِ حتى جاءهم نصرُنا، وهنالك قومٌ قالوا: الإيذاءُ لم يتقدم له ذِكْرٌ حتى يكونَ الصبرُ عليه مذكورًا؛ ولذا قالوا: ﴿وَأُوذُوا﴾ عُطِفَ على قولِه: ﴿كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّنْ قَبْلِكَ﴾ يعني: لقد كُذِّبَ الرسلُ وَأُوذُوا فصبروا على ذلك. وقوله: ﴿وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾ يعني: أن اللَّهَ من كلماتِه (جل وعلا) نصرُه لِرُسُلِهِ، وأن العاقبةَ الحميدةَ كائنةٌ لهم (^١)، كما قال: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣)﴾ [الصافات: الآيات ١٧١ - ١٧٣] ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ [المجادلة: آية ٢١] وقوله جل وعلا: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [غافر: آية ٥١] مثل هذه الكلماتِ من الوعدِ الصادقِ بنصرِ الرسلِ، وأن العاقبةَ لهم، كما قال عن مجموعِ الرسلِ: ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ [إبراهيم: الآيتان ١٣، ١٤] هذه الكلماتُ - وغيرُها من سائرِ كلماتِ اللَّهِ التي لَا نهايةَ لها كما قال: ﴿قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي﴾ [الكهف: آية ١٠٩]- لا مُبَدِّلَ لها. والمعنى قال اللَّهُ: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣)﴾ [الصافات: الآيات ١٧١ - ١٧٣]، فليس يمكنُ لأحدٍ أن يُبَدِّلَ هذا الخبرَ ويجعلَ إيجابَه سَلْبًا، فيجعلَ الرسلَ مَقْهُورِينَ غيرَ منصورين، لا أبدًا، وَقِسْ على ذلك.

(^١) انظر: القرطبي (٦/ ٤١٧)، البحر المحيط (٤/ ١١٢ - ١١٣).

1 / 184