المرادَ هنا التي لم يَفْتَحِلْهَا الفحلُ لِصِغَرِ سِنِّهَا، والمعنى: ليست هذه البقرةُ التي أُمِرْتُمْ بِذَبْحِهَا بطاعنةٍ في السِّنِّ فارضٍ، ولا بصغيرةٍ جِدًّا لم يَفْتَحِلْهَا الفحلُ، بل هي ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ العوانُ: النَّصَفُ، أي: لا طاعنةٌ في السِّنِّ ولا بكرٌ، أي: لا صغيرةٌ جِدًّا بل هي: ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ والعوانُ: النَّصَفُ، وأصلُ النَّصفِ: التي انْتَصَفَ عُمُرها (^١)، وهي وسطٌ في السِّنِّ، ليست بصغيرةٍ جِدًّا، ولا كبيرةٍ جِدًّا، وَكُلُّ متوسطةٍ في السنِّ نَصَفٌ تُسَمِّيهَا العربُ (عَوَانًا)، وهذا معنًى معروفٌ في كلامِ العربِ، ومنه قولُ الطِّرِمَّاحِ قال (^٢):
حَصَانُ مَوَاضِعِ النَّقَبِ الأَعَالِي ... نَوَاعِمُ بَيْنَ أَبْكَارٍ وَعُونِ
يعني بالأبكارِ جمعَ بِكْرٍ، الصغيرةُ التي لم تَتَزَوَّجْ. والعُونُ: جمعُ عوانٍ، وهي النَّصَفُ، والنَّصَفُ التي انتصفَ عُمْرُهَا، فهي في وسطِ سِنِّهَا، ليست بكبيرةٍ جِدًّا، ولا بصغيرةٍ جِدًّا، ومنه قولُ كعبِ بنِ زهيرٍ (^٣):
شَدَّ النَّهارُ ذِرَاعَا عَيْطَلٍ نَصَفٍ ... قَامَتْ فَجَاوَبَهَا نُكْدٌ مَثَاكِيلُ
وَفَسَّرَ بعضُ الأدباءِ في شعرِه (النَّصَفَ) بالتي انتصفَ عُمْرُهَا، حيث قال (^٤):