لست أدري بما أداوي سقامي
وبماذا أفوز يوم الحساب
ومن هنا نراه ينقل كلمات تحتاج إلى قيد من الشريعة، ويسكت عنها لا يقيدها بشيء. وأكثر ما أنكره عليه معاصروه لم يأته إلا من جهة استسلامه للخطرات الوجدانية، التي علقت بنفسه من قراءة كتب التصوف، حين اعتزل الناس في دمشق وبغداد.
على أن النقاد لم يتركوا له هذا الأديم صحيحا، بل رموه بجهل التصوف، وسلوكه منه في بيداء يضل فيها النسيم، حتى اضطر الزبيدي وغيره إلى أن يثبتوا أنه لم يزد على أن حاكى ما في قوت القلوب والرسالة القشيرية من مختلف الآراء في طرائق السلوك.
قوت القلوب
وأهم الكتب التي تأثر بها الغزالي من بين كتب الصوفية كتاب «قوت القلوب، في معاملة المحبوب» تأليف أبي طالب المكي المتوفى سنة ست وثمانين وثلاثمائة ببغداد ولا يوجد الآن في الأسواق، ومنه نسخة مطبوعة بدار الكتب المصرية نمرة 26772 وهو في مجلدين، يقع الأول منهما في 270 صفحة والثاني في 297.
ويعد هذا الكتاب بحق مصدرا لكتاب الإحياء، ويكفي أن تقرأ باب التوكل مثلا في الكتابين لتعرف أنهما يسيران في طريق واحد، إلى غاية واحدة، حتى لتجدهما يتفقان غالبا في الشواهد من الآيات والأحاديث والأخبار. ويمكن الجزم بأن الغزالي أودع كتاب الإحياء كل ما صح لديه، وحسن عنده، من كتاب قوت القلوب، وإن لم يشر إلى ذلك، وربما ستر هذا بتغيير العناوين. فإذا قال أبو طالب المكي: (ذكر حكم المتوكل إذا كان ذا بيت) قال هو: (بيان آداب المتوكلين إذا سرق متاعهم). وربما وضع عنوانا لمسألة لم تعنون في قوت القلوب، وقد يضع صاحب القوت مسألة تحت عنوان، فيأتي الغزالي ويدمجها في كلامه، فيخيل إلى القارئ أنها له، ولولا خشية الإطالة لضربنا لذلك الأمثال.
وقد كان قوت القلوب وإحياء علوم الدين موضع رعاية الصوفية على السواء فيما سلف من الأيام. وينقلون عن أبي الحسن الشاذلي أنه قال: كتاب الإحياء يورثك العلم، وكتاب القوت يورثك النور. ولهذا القول وجه من الصواب، فإنك تجد الإسهاب والتفصيل في الإحياء، وتجد الدقة وروعة الإخلاص في القوت، ويمتاز كتاب القوت فيما نرى بحرص مؤلفه واحتياطه فيما يتعلق بمذاهب الصوفية، وبجمال لغته، بخلاف الإحياء، فإنه يغرب في التصوف، وحظ أسلوبه من الدقة قليل.
الرسالة القشيرية
هي رسالة في التصوف لأبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري المتوفى في 16 ربيع الآخر سنة 465ه. وهي تقع في 186 صفحة. ولها شرح مخطوط بدار الكتب المصرية تأليف شيخ الإسلام زكريا الأنصاري ويسمى هذا الشرح: «أحكام الدلالة في شرح الرسالة».
ناپیژندل شوی مخ