247

اخلاق په غزالي کې

الأخلاق عند الغزالي

ژانرونه

ويتلخص رأي كارليل في أن كل دين فيه عنصر من الحق، والوثنية عنده ليست إلا رموزا شعرية، وتمثيلا بالمرئيات لما جرى في وجدان الناس وأذهانهم عن الكون ومظاهره، وكل دين فيما يرى إنما هو رمز وتمثيل، ولكن الاختلاف هو في المشاعر والأفكار. والفرق بيننا وبين الوثنيين يرجع إلى الشكل أكثر مما يرجع إلى الجوهر، لأن كلا منا يرى التفكير في ملكوت الله نوعا من العبادة، ونحن لو أغرمنا بالكون كما أغرم الوثنيون به لرأينا الله في كل نجم، بل في كل زهرة.

رأي الغزالي في الاجتهاد

لا يمكن لامرئ أن يكفر، في نظر كارليل، ما دام مخلصا في عقيدته، مهما كانت تلك العقيدة. ولكن الغزالي يرى أن الاجتهاد له حد محدود والمختار عنده أن الإثم والخطأ متلازمان فكل مخطئ آثم وكل آثم مخطئ، ومن انتفى عنه الإثم انتفى عنه الخطأ، وهو يقسم النظريات إلى ظنية وقطعية، ولا إثم في الظنيات إذ لا خطأ فيها. والقطعيات عنده ثلاث أقسام: كلامية، وأصولية، وفقهية. ويعني بالكلامية العقليات المحضة، والحق فيها عنده واحد. ومن أخطأ الحق فيها فهو آثم. ويدخل في هذا القسم حدوث العالم، وإثبات المحدث، وصفاته الواجبة والجائزة والمستحيلة، وبعثة الرسل وتصديقهم بالمعجزات، وجواز الرؤية، وخلق الأعمال، وإرادة الكائنات، وجميع ما الكلام فيه مع المعتزلة والخوارج والروافض والمبتدعة. فهذه المسائل الحق فيها عنده واحد، ومن أخطأه فهو آثم فإن أخطأ فيما يرجع إلى الإيمان بالله ورسوله فهو كافر. وإن أخطأ فيما لا يمنعه من معرفة الله عز وجل ومعرفة رسوله، كما في مسألة الرؤية وخلق الأعمال وإرادة الكائنات، فهو آثم من حيث عدل عن الحق وضل، ومخطئ من حيث أخطأ الحق المتيقن، ومبتدع من حيث قال قولا مخالفا للمشهور بين السلف، ولا يلزمه الكفر. ويعني بالأصولية كون الإجماع حجة، وكون القياس حجة، وكون خبر الواحد حجة ... إلخ. وهذه المسائل أدلتها عنده قطعية، والمخالف فيها مخطئ آثم. والفقهيات بعضها يكفر المرء بإنكاره، وبعضها يأثم بجحوده، فإنكار تحريم الخمر والسرقة ووجوب الصلاة والصوم كفر. وإنكار الفقهيات المعلومة بالإجماع خطأ وإثم.

تحرير هذه المسألة

الأصل في الحكم الأخلاقي أن يتبع غرض العامل من عمله: إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. فالعمل الذي أريد به الخير هو خير، وإن كان ضارا في ذاته. والعمل الذي أريد به الشر هو شر، وإن كان نافعا في ذاته. ويطالب الرجل فقط بأن يتروى قبل أن يعمل، ليعرف ما في العمل من ضر ونفع، وخطأ وصواب. ومتى أفرغ الجهد في البحث فقد أمن المسئولية، واستحق حسن الجزاء.

ولقد تتبعت ما كتبه علماء المسلمين في هذه المسألة فرأيتهم لا يكادون يهتدون. وسبب ضلالهم يرجع إلى أنهم خلطوا بين الوجهة الأخلاقية، والوجهة القضائية، وكان يجب عليهم أن يفصلوا بين الوجهتين. فالذي يقتل مسلما خطأ مدين من الوجهة القضائية ولكنه بريء من الوجهة الأخلاقية، لأنه لم يقصد القتل. والشرع محق في اعتماده على الوجهة القضائية، لأن فيها استئصالا للجرائم، ولأن القاضي متى عذر كل من ادعى الخطأ فقد يفلت منه كثير من المجرمين.

والذي يدلك على أن وجهة الشرع وجهة قضائية صرفة، أنه يكتفي بإيمان المقلد. مع أن الإيمان لا ينفع فيه التقليد. ويقول الباجوري في ص32 من حاشيته على الجوهرة ما نصه: «والخلاف في إيمان المقلد إنما هو بالنظر لأحكام الآخرة وفيما عند الله، وأما بالنظر إلى أحكام الدنيا فيكفي فيها الإقرار فقط. فمن أقر جرت عليه الأحكام الإسلامية، ولم يحكم عليه بالكفر، إلا إن اقترن بشيء يقتضي الكفر كالسجود لصنم.» وهذا واضح الدلالة على أن النجاة لا تكون باتباع الشرع. ولكن بالإيمان به. والإيمان شيء آخر غير ظواهر الأعمال.

الخطأ والعناد

كان على الغزالي أن يفرق بين من يخطئ في العقليات بعد اجتهاده، وبين من يعاند. فإن الأقرب إلى الحق أن ينجو من نظر في الشريعة الإسلامية من الفلاسفة بنية حسنة وبقصد الاقتناع، ولكنه بعد البحث لم يقتنع، ولم يقف مع هذا في وجه المسلمين. ولو أن الغزالي نظر هذه النظرة لما كفر ابن سينا والفارابي، إلا إن أمكن أن يثبت عندهما العناد مع أنهما لم ينكرا الرسالة المحمدية، ولكن الناس لعهد الغزالي كانوا فيما يظهر مصابين بداء الشك في عقائد الفلاسفة، ورميهم بالمروق.

وقد جرت بيني وبين فضيلة الأستاذ الشيخ الدجوي مناقشة في هذه المسألة منذ ثلاث سنين، فكان فضيلة الأستاذ يرى أن الكفر يكفي فيه الجهل، وكنت أرى أنه لا يتحقق إلا بالعناد، ثم رأيت فيما بعد أن الجاحظ يرى هذا الرأي. وقد نقل الغزالي في المستصفى «أنه ذهب إلى أن مخالف ملة الإسلام، من اليهود، والنصارى، والدهرية، إن كان معاندا على خلاف اعتقاده فهو آثم، وإن نظر فعجز عن درك الحق فهو معذور غير آثم، وإن لم ينظر من حيث لم يعرف وجوب النظر فهو أيضا معذور. وإنما الآثم المعذب هو المعاند فقط، لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وهؤلاء قد عجزوا عن درك الحق، ولزموا عقائدهم خوفا من الله تعالى إذ استد عليهم طريق المعرفة.» وينسب ابن الحاجب إلى الجاحظ أنه قال: «لا إثم على المجتهد مع أنه مخطئ، وتجري عليه أحكام الكفار، بخلاف المعاند فإنه آثم.» وهذا يدل على أن الجاحظ مع حكمه بنفي الإثم عن المجتهد المخطئ يرى معاملته كما يعامل الكفار، وهذه بعينها الوجهة القضائية التي حدثتك عنها منذ قليل.

ناپیژندل شوی مخ