وكل من جمع كمال هذه الأخلاق استحق أن يكون بين الخلق ملكا مطاعا يرجع الخلق كلهم إليهم، ويقتدون به في جميع الأفعال. ومن انفك عن هذه الجملة كلها واتصف بأضدادها استحق أن يخرج من بين البلاد والعباد.
والدرجة العليا عنده هي درجة النبوة، والصوفية فيما يرى يقربون من هذه الدرجة، وإليك ما يقول عنهم في كتابه «المنقذ من الضلال»:
ولو جمعوا عقل العقلاء، وحكمة الحكماء، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء، ليغيروا شيئا من سيرتهم وأخلاقهم، ويبدلوه بما هو خير منه، لم يجدوا إليه سبيلا؛ فإن جميع حركاتهم وسكناتهم، في ظاهرهم وباطنهم، مقتبسة من نور مشكاة النبوة، وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به.
وأظن أننا هدمنا هذا الحكم من أساسه بما أسلفنا من نقد أحوال الصوفية، فإن ما استحسن الغزالي من أحوالهم لا يمكن أن يكون مقتبسا من نور مشكاة النبوة، وهل كانت النبوة يا هذا وساوس وأضاليل؟ تعالت النبوة عما تصفون!
أين مقياس العقل والشرع؟ هاته، هاته: فهو وحده فصل الخطاب!
الفصل الأول
فضيلة الصدق
ابتدأ الغزالي الكلام على هذه الفضيلة بقوله تعالى:
رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
1
ناپیژندل شوی مخ