حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد قال نا إبراهيم بن مهدي قال نا أحمد بن عبد الله بن فيروز قال نا العباس بن بكار الضبي قال نا عيسى بن عمر النحوي قال أقبلت حتى أقمت عند الحسن فسمعته يقول: قراء هذا القرآن ثلاثة رجال فرجل قرأه فاتخذه بضاعة ونقله من بلد إلى بلد ورجل قرأه فأقام على حروفه وضيع حدوده يقول إني والله لا أسقط من القرآن حرفا كثر الله بهم القبور وأخلا منهم الدور فوالله لهم أشد كبرا من صاحب السرير على سريره ومن صاحب المنبر على منبره ورجل قرأه فأسهر ليله وأطمأ نهاره ومنع شهوته فجثوا في براثنهم وركدوا في محاريبهم بهم ينفي الله عنا العدون وبهم يسقينا الله الغيث وهذا الضرب من القرآن أعز من الكبريت الأحمر.
قال محمد بن الحسين: الأخبار في هذا المعنى كثيرة، ومرادي من هذا نصيحة لأهل القرآن لئلا يبطل سعيهم إن هم طلبوا به شرف الدنيا حرموا شرف الآخرة، إذ يتلونه لأهل الدنيا طمعا في دنياهم أعاذ الله حملة القرآن من ذلك فينبغي لمن يجلس يقرأ المسلمين أن يتأدب القرآن (يقتضي ثوابه) من الله عز وجل يستغني بالقرآن عن كل أحد من الخلق متواضع في نفسه ليكون رفيعا عند الله.
حدثنا علي بن إسحاق بن زاطيا قال نا عبيد الله عمر القواريري قال نا ابن حماد بن زيد قال سمعت أيوب يقول: ينبغي للعالم أن يضع الرماد على رأسه تواضعا لله عز وجل.
باب ذكر أخلاق من يقرأ على المقرئ
قال محمد بن الحسين: من كان يقرأ على غيره ويتلقن فينبغي له أن يحسن الأدب في جلوسه بين يديه ويتواضع في جلوسه ويكون مقبلا عليه فإن ضجر عليه احتمله ورفق به واعتقد له الهيبة والاستحياء منه.
وأحب أن يتلقن ما يعلم أنه يضبط ، هو أعلم بنفسه، إن كان يعلم أنه لا يحتمل في التلقين أكثر من خمس خمس، فلا ينبغي أن يسأل الزيادة وإن كان يعلم أنه لا يحتمل أن يتلقن إلا ثلاث آيات لم يسأل أن يلقنه خمسا فإن لقنه الأستاذ ثلاثا لم يزده عليها، وعلم هو من نفسه أن يحتمل خمسا سأله أن يزيده على أرفق ما يكون فإن أبا لم يزده بالطلب وصبر على مراد الأستاذ منه فإنه إن فعل ذلك كان هذا الفعل منه داعية للزيادة له ممن يلقنه إن شاء الله. ولا ينبغي له أن يضجر من يلقنه فيزهد فيه وإذا لقنه شكر له ذلك، ودعى له، وعظم قدره.
ولا يجفو عليه إن جفا عليه، ويكرم من يلقنه إن كان هو لم يكرمه، وتستحي منه إن لم يستح منك.
تلزم نفسك واجب حقه فإن الله عز وجل قد أمرك أن تعرف حق العالم وأمرك بطاعة العلماء وكذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال أنا أحمد بن عيسى المصري قال أنا عبد الله بن وهب عن مالك بن الخير الزبادي من أهل اليمن عن أبي قبيل المعافري عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ولا يرحم صغيرنا ويعرف لعلمائنا قال أحمد يعني: يعرف حقهم.
حدثنا الفريابي قال أنا قتيبة بن سعيد قال أنا ابن لهيعة عن جميل الأسلمي عن سهل بن سعد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم لا يدركني زمان ولا أدركه لا يتبع فيه العالم ولا يستحيا فيه من الحليم قلوبهم قلوب العجم ألسنتهم ألسنة العرب.
أخبرنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال أنا أبو معمر القطيعي قال نا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة قال: لو رفقت بابن عباس لأصبت منه علما.
حدثنا أحمد بن سهل الأشناني قال أنا الحسين بن علي بن الأسود قال نا يحيى بن آدم قال نا شريك عن ليث عن مجاهد في قوله عز وجل (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) قال: الفقهاء والعلماء.
وحدثنا يحيى بن آدم عن مفضل بن مهلل عن مغيرة عن إبراهيم مثله.
قال محمد بن الحسين: ثم ينبغي لمن لقنه الأستاذ أن لا ما لقنه (إذا كان ممن قد أحب أن يتلقن عليه وإذا جلس بين يدي غيره لم يتلقن منه إلا ما لقنه) الأستاذ أعني بحرف غير الحرف الذي تلقنه من الأستاذ فإنه أعود عليه وأصح لقراءته وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إقرأوا كما علمتم.
مخ ۱۴