فقال الشبح: لا سبيل إلى البيت؛ ابقي أنت هنا لأنك لست مثل أهلي قلبك من تراب. آه ما أنبلك وأشرفك وأطهرك، وما أشد ظلمهم وبغيهم وخبث نياتهم، ولكن ابتعدي عني قليلا فإني أخاف أن تحرقك أنفاسي الحرى.
قال هذا وتمطى، وبعد ألف جهد أخذ غصنا يابسا خط به على الثرى: ما أثقل الحياة في أرض ماتت فيها الفضائل.
وهبت الريح مرة ثالثة وحملت الورقة الخامسة إلى مكان بعيد، واغبرت السماء، وانتشرت في الأفق غيوم سوداء مكفهرة تنذر بمطر غزير.
وطلع الصباح على جثتين: الشبح وبجانبه حبيبته الفتاة النبيلة، وفوق رأسه ومن حوله والدته وإخوانه: المروءة والدين والمحبة والوفاء والشرف.
فسلام على فقيدين وفيين نبذتهما الدنيا، ولما فقدتهما ندمت حين لا ينفع الندم.
لقد مثل الشاعر العظيم مصرع العدل والأخوة، فشبههما بفتى وفتاة، وشبه الدين والمروءة والمحبة والوفاء والشرف بالورقات الخمس التي، إذا تعرت منها شجرة المجتمع البشري، فقد كل فضيلة وانهارت فيه أركان السعادة البشرية.
إن الضمير، وهو الحارس الأمين لشجرة الإنسانية، هو الذي يوجهنا في سبيل الحفاظ على الورقات الخمس لئلا تصير شجرتنا حطبا لا ثمر فيها ولا ظل لها.
فعبثا نطلب أخوة بدون عدل، ولا عدل بدون محبة.
وإذا قالوا: العدل أساس الملك فنحن نقول: العدل أساس المجتمع لا أساس الملك وحده. فالملك زال ويزول، أما المجتمع فباق حتى قيام الساعة.
والويل للمجتمع إذا خلا من المحبة. أما غفرت ذنوب مومس المجدل لأنها أحبت كثيرا؟
ناپیژندل شوی مخ