التفاحة يسيل لذكرها اللعاب، أما السنديانة فتتفتح عند ذكرها الأوداج والأعصاب.
التفاحة بنت سنوات، أما السنديانة فبنت مئات، لم يغرسها ولم يتعهدها أحد، وكذلك العباقرة.
وإذا رأيت فقيرا اغتنى وهو يرى الإحسان أطيب شيء، فلا تقل: يا سبحان الله! كيف كان وكيف صار، وما أجمله محسنا!
اعلم أنه خريج مدرسة الفقر النابغ. وهو بإحسانه إلى البائسين يثأر لنفسه من الفاقة، وأخذ الثأر لذيذ، أليس كذلك؟
قال أحد الحكماء: «ليست كل مصيبة لعنة، فكثيرا ما يكون الفقر في أول العمر خيرا وبركة.» وهذا ما نراه بأعيننا، فالقابضون اليوم على مقاليد التجارة والصناعة هم أبناء فقر، وذاقوا طعم الحاجة صغارا. لا أدري من قال ما معناه: يظهر أن أمريكا مديونة للأكواخ؛ لأن أشهر أعاظم العالم، لا في أمريكا وحدها، طلعوا منها.
هل أعدهم لك؟ لماذا؟ عدهم أنت.
ما عليك إلا أن تفتح كتبك لتعلم أن أديسون الأمريكي هو من أبناء مدرسة البؤس، وأن سبنسر الإنكليزي كان غلاما حافي القدمين. ودزرائيلي الذي وصل إلى رئاسة وزارة بريطانيا لم يكن يرفل في صغره بحلل الديباج.
لا يا أخي، إنه كان آخر الفقراء رتبة، ولكنه كان ذا عقل ثاقب وإرادة فولاذية. وقد عبر عن ذلك بقوله: «إن ما حدث أمس سيحدث اليوم، وأنا قادر على التغلب بالثبات والحمية على أعظم المصاعب.»
ومضى يحاول، ولكنه لم ينجح أولا؛ لأن المجلس كان يستقبله بالصفير والاستهزاء، حتى قال مرة لأعضاء مجلس العموم: «سيأتي يوم تصغون فيه إلى كلامي.» ثم ظل يعمل حتى جاء اليوم الذي صار فيه دزرائيلي قطب عصره بلا منازع.
وجاء في كتاب الدكتور سويت ماردن عن لنكولن أنه ولد في كوخ خشبي ولم يدخل مدرسة قط. كان وهو شاب يقطع الألواح ليبني له كوخا خشبيا يأوي إليه، وهو بدون بلاط ولا نوافذ. تعلم الحساب على ضوء الموقدة، وراح يجد ويكد حتى صار لنكولن الذي لا نزيده عظمة إذا قلنا: رئيس الولايات المتحدة.
ناپیژندل شوی مخ