حَدِيث أم سِنَان بنت خَيْثَمَة بن خَرشَة المذحجية
اُخْبُرْنَا القَاضِي أَبُو الْقَاسِم قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو بكر الدوري عَن شُيُوخه قَالَ حَدثنَا الْعَبَّاس بن بكار قَالَ حَدثنِي عبد الله بن سُلَيْمَان الْمَدِينِيّ عَن أَبِيه عَن سعيد بن جُوَيْبِر قَالَ حبس مَرْوَان بن الحكم غُلَاما من بني لَيْث فِي جِنَايَة جناها بِالْمَدِينَةِ فَأَتَتْهُ جدة الغلأم أم أَبِيه وَهِي أم سِنَان فكلمته فِي أَمر الغلأم فاغلظ لَهَا مَرْوَان فَخرجت إِلَى مُعَاوِيَة إِلَى الشأم فاستاذنت عَلَيْهِ فاذن لَهَا فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ أنتسبت لَهُ فَقَالَ مرْحَبًا بك يَا بنت خَيْثَمَة مَا اقدمك ارضنا وَقد عهدتك تشنئين قربي وتحرضين عَليّ عدوي قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ان لبني عبد منَاف احلأما ظَاهِرَة واخلاقا طَاهِرَة لَا يجهلون بعد علم وَلَا يسفهون بعد حلم وَلَا يعاقبون بعد عَفْو وان أولى النَّاس بِاتِّبَاع سنَن ابائه أَنْت
1 / 23
قَالَ صدقت نَحن كَذَلِك فَكيف قَوْلك ... عزب الرقاد فمقلتي لَا ترقد ... وَاللَّيْل يصدر بإلهموم ويورد ... يَا ال مذْحج لَا مقَام فشمروا ... ان الْعَدو لال احْمَد يقْصد ... هَذَا عَليّ كإلهلال تحفه ... وسط السَّمَاء من الْكَوَاكِب اِسْعَدْ ... خير الخلائف وَابْن عَم مُحَمَّد ... فَكفى بِذَاكَ لمن شناه تهدد ... مازال مذ عرف الحروب مظفرا ... والنصر فَوق لوائه مَا يفقد ...
قَالَت قد كَانَ ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَنا لَنَطْمَع بك مِنْهُ خلفا فَقَالَ رجل من جُلَسَائِهِ كَيفَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهِي القائلة ... إِمَّا هَلَكت ابا الْحُسَيْن فَلم تزل ... بِالْحَقِّ تعرف هاديا مهديا ... فَاذْهَبْ عَلَيْك سلأم رَبك مَا دعت ... فَوق الغصون حمأمة قمريا ... قد كنت بعد مُحَمَّد خلفا لنا ... أوصى اليك بِنَا فَكنت وفيا ... فاليوم لَا خلف يؤمل بعده ... هَيْهَات نأمل بعده انسيا ...
1 / 24
قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لِسَان نطق وَقَول صدق وان نحقق فِيك مَا أملناه فحظك الأوفر وَالله مَا أورثك الشنآن فِي قُلُوب الْمُسلمين إِلَّا هَؤُلَاءِ فَارْفض مقالتهم وابعد مَنْزِلَتهمْ فانك ان فعلت ازددت من الله قربا وَمن الْمُؤمنِينَ حبا قَالَ وانك لتقولين ذَلِك قَالَت سُبْحَانَ الله مَا مثلك من مدح بباطل وَلَا اعتذر إِلَيْهِ بكذب انك لتعلم ذَلِك من رَأينَا وَضمير قُلُوبنَا كَانَ عَليّ وَالله أحب الينا مِنْك اذ كَانَ حَيا وَأَنت فِي إلاحياء أحب الينا من غَيْرك ان كنت بَاقِيا قَالَ فَمِمَّنْ شكواك قَالَت من مَرْوَان بن الحكم وَسَعِيد بن الْعَاصِ قَالَ فَفِيمَ استحققت ذَلِك عَلَيْهِمَا قَالَت بِحسن حلمك وكريم طبعك وَكَثْرَة عفوك قَالَ فَإِنَّهُمَا ليعظمان حَقي قَالَت هما وَالله لَك على مَا كنت عَلَيْهِ لعُثْمَان قَالَ وَالله لقد صدقت فَمَا حَاجَتك
1 / 25
قَالَت ان مَرْوَان بن الحكم تبنك بِالْمَدِينَةِ تبنك من لَا يُرِيد البراح مِنْهَا لَا يحكم بِعدْل وَلَا يقْضِي بِسنة يتتبع عثرات الْمُسلمين ويكشف عورات الْمُؤمنِينَ حبس ابْن ابْني فاتيته فَقَالَ كَيْت وَكَيْت فالقمته اخشن من الْحجر وَأمر من الدفلى ثمَّ رجعت باللائمة على نَفسِي فِي أَمْرِي فاتيتك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لتَكون فِي أَمْرِي نَاظرا وعَلى معديا
قَالَ صدقت فِي مقالك ولسنا نسالك عَن ذَنْب ابْن ابْنك وَلَا القيأم بِحجَّة اكتبوا لَهَا بحاجتها قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وأنى لي بالرجعة وَقد نفد زادي وكلت مطيتي فَأمر لَهَا براحلة موطأة وَخَمْسَة آلَاف دِرْهَم
1 / 26
٢ - حَدِيث أم الْخَيْر بنت الْحَرِيش بن سراقَة
وباسنادهم عَن الْعَبَّاس بن بكار قَالَ حَدثنَا عبد الله بن عمر والغسإني عَن الشّعبِيّ قَالَ كتب مُعَاوِيَة إِلَى وَإِلَيْهِ بِالْكُوفَةِ ان يحمل إِلَيْهِ أم الْخَيْر بنت الْحَرِيش بن سراقَة ويرحلها براحلة محمودة الصُّحْبَة غير مذمومة الْعَاقِبَة وَقَالَ لَهُ اعْلَم أَنِّي مجازيك بقولِهَا فِيك بِالْخَيرِ خيرا وبالشر شرا
فَلَمَّا ورد عَلَيْهِ الْكتاب ركب إِلَيْهَا واقراها اياه فَقَالَت أما أَنا فَغير زائغة عَن الطَّاعَة وَلَا معتلة بكذب وَلَقَد كنت أحب لِقَاء أَمِير الْمُؤمنِينَ لأمور تختلج فِي مجْرى النَّفس مني يغلي بهَا صَدْرِي كغلي الْمرجل يُوقد تَحْتَهُ بجزل السمر فِي الصَّيف فَلَمَّا حملهَا واراد مفارقتها قَالَ لَهَا يَا أم الْخَيْر ان أَمِير الْمُؤمنِينَ قد ضمن ان يجازيني فِيك بِالْخَيرِ خيرا وبالشر شرا فَمَالِي عنْدك قَالَت يَا هَذَا لَا يطمعنك برك بِي فِي تذويق الْبَاطِل وَلَا يؤنسك بِي معرفتي بك ان أَقُول فِيك إِلَّا الْحق
1 / 27
قَالَ فسارت خير مسير فَلَمَّا قدمت على مُعَاوِيَة انزلها مَعَ الْحرم ثَلَاثًا ثمَّ اذن لَهَا فِي الْيَوْم الرَّابِع وَعِنْده جُلَسَاؤُهُ فَدخلت فَقَالَت السَّلَام عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ وَعَلَيْك السَّلَام وبالرغم مِنْك وَالله دعوتني أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَه فان بديهة السُّلْطَان مدحضة لما يجب علمه قَالَ صدقت كَيفَ حالك يَا خَالَة وَكَيف كنت فِي مسيرك قَالَت بِخَير لم ازل فِي عَافِيَة وسلأمة حَتَّى ادتني اليك الركاب وَأَنا فِي عَيْش وَملك رَفِيق فتيق
ثمَّ قَالَ مُعَاوِيَة بِحسن نيتي وَالله ظَفرت بكم واعنت عَلَيْكُم قَالَت مَه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اعيذك بِاللَّه من خطل القَوْل وَمَا تردي عاقبته قَالَ لَيْسَ لهَذَا اردناك قَالَت لَهُ فَأَنا اجري فِي ميدانك إِذا اجريت شَيْئا اجريته ثمَّ قَالَت فاسأل عَمَّا بدا لَك قَالَ اخبريني كَيفَ كَانَ كلأمك يَوْم قتل عمار بن يَاسر قَالَت لم اكن رويته قبل وَلَا درسته بعد وَإِنَّهَا كَأَنْت كَلِمَات نفثهن لسإني حِين الصدمة فان أَحْبَبْت ان احدث لَك مقإلا غَيره فعلت قَالَ لَا اشاء ثمَّ الْتفت إِلَى اصحابه فَقَالَ ايكم يحفظ كلا مها فَقَالَ رجل من الْقَوْم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنا احفظه كحفظي سُورَة الْحَمد قَالَ هاته قَالَ نعم كإني بهَا فِي ذَلِك الْيَوْم
1 / 28
وَعَلَيْهَا برد زبيدي كثيف الْحَاشِيَة وَهِي على جمل وبيدها سَوط منشورة الظفيرة وَهِي كالفحل يهدر فِي شقشقته وَهِي تَقول ﴿يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم﴾ ان الله ﷿ قد أوضح الْحق وابان الْبَاطِل وَنور السبل وَرفع الْعلم فَلم يدعكم فِي عمياء مشتبهة وَلَا عشواء مدلهمة فَإلَى ايْنَ تُرِيدُونَ رحمكم الله افرارا من أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمن الزَّحْف أم رَغْبَة عَن إلاسلام أم ارْتِدَادًا عَن الْحق أما سَمِعْتُمْ الله تَعَالَى يَقُول ﴿ولنبلونكم حَتَّى نعلم الْمُجَاهدين مِنْكُم وَالصَّابِرِينَ ونبلو أخباركم﴾ ثمَّ رفعت راسها إِلَى السَّمَاء وَقَالَت اللَّهُمَّ إِنَّه قد عيل الصَّبْر وَضعف الْيَقِين وأنتشرت الرَّغْبَة وبيدك يَا رب ازمة الْقُلُوب فاجمع اللَّهُمَّ الْكَلِمَة على التَّقْوَى والف الْقُلُوب على إلهدى واردد الْحق إِلَى أَهله هلموا رحمكم الله إِلَى إلامأم الْعدْل والتقي الوفي وَالصديق الْوَصِيّ إِنَّهَا احن بدرية وضغائن جأهلية واحقاد احدية وثب بهَا مُعَاوِيَة عِنْد الْغَفْلَة ليدرك بهَا الفرصة من ثَارَاتِ بني عبد شمس ثمَّ قَالَت ﴿فَقَاتلُوا أَئِمَّة الْكفْر إِنَّهُم لَا أَيْمَان لَهُم لَعَلَّهُم ينتهون﴾ صبرا معاشر الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار قَاتلُوا على بَصِيرَة من ربكُم وثبات من دينكُمْ وَكُونُوا قوما مستبصرين فَكَأَنِّي
1 / 29
بكم وَقد لَقِيتُم أهل الشَّام كحمر مستنفرة لَا تَدْرِي ايْنَ يسْلك بهَا من فجاج الأَرْض باعوا الْآخِرَة بالدنيا واشتروا الضَّلَالَة بِالْهدى وَبَاعُوا البصيرة بالعمى وَعَما قَلِيل لتصبحن نادمين حِين تحل بكم الندأمة فتطلبون إلاقالة ﴿ولات حِين مناص﴾ إِنَّه وَالله من ضل عَن الْحق وَقع فِي الْبَاطِل وَمن لم يسكن الْجنَّة نزل النَّار ايها النَّاس ان إلاكياس استقصروا عمر الدُّنْيَا فرفضوها واستطالوا مُدَّة إلاخرة فسعوا لَهَا سعيا وابتاعوا بدار لَا يَدُوم نعيمها وَلَا تتصرم همومها ايها النَّاس إِنَّه لَوْلَا ان يبطل الْحق وتعطل الْحُدُود وَيظْهر الظَّالِمُونَ وتقوى كلمة الشَّيْطَان لما اخترنا وُرُود المنايا على خفض الْعَيْش وطيبه فَإلَى ايْنَ تُرِيدُونَ رحمكم الله افرارا عَن ابْن عَم رَسُول الله ﷺ وَزوج ابْنَته وَأبي سبطيه خلق وَالله من طينته وتفرع من نبعته وَخَصه بسره وَجعله بَاب مدينته وَعم بحبه الْمُسلمين وابان ببغضه الْمُنَافِقين فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى ايده الله بمعونته يمْضِي على سنَن استقامته لَا يعرج لراحة اللَّذَّات هَا هُوَ مفلق إلهام ومكسر الاصنام صلى وَالنَّاس مشركون واطاع وَالنَّاس مخالفون مرتابون فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى قتل مبارزي بدر وافنى أهل اُحْدُ وَهزمَ الله بِهِ الاحزاب وَقتل أهل خَيْبَر وَفرق بِهِ جمع هوَازن فيا لَهَا من وقائع زرعت فِي قُلُوب قوم نفَاقًا وردة وشقاقا
1 / 30
قد اجتهدت فِي القَوْل وبالغت فِي النَّصِيحَة وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
فَقَالَ مُعَاوِيَة يَا أم الْخَيْر وَالله مَا أردْت بِهَذَا الكلأم إِلَّا قَتْلِي وَلَو قتلتك لما حرجت فِي ذَلِك قَالَت إِنَّه وَالله إِنَّه ليسرني ان يجْرِي الله قَتْلِي على يَدي من يسعدني الله بشقائه فَقَالَ هَيْهَات يَا كَثِيرَة الفضول مَا تَقُولِينَ فِي عُثْمَان بن عَفَّان قَالَت وَمَا عَسَيْت ان أَقُول فِيهِ اسْتَخْلَفَهُ النَّاس وهم راضون بِهِ وقتلوه وهم لَهُ كَارِهُون ثمَّ قَالَ مُعَاوِيَة هَذَا وَالله اصلك الَّذِي تبنين عَلَيْهِ قَالَت لَكِن الله يشْهد وَكفى بِهِ شَهِيدا إِنِّي مَا أردْت بعثمان نقصا وَلَقَد كَانَ سباقا إِلَى الْخَيْر وَإنَّهُ لرفيع الدَّرَجَات غَدا قَالَ فَمَا تَقُولِينَ فِي طَلْحَة بن عبيد الله قَالَت وَمَا عَسَيْت ان أَقُول فِيهِ اغتيل من مأمنه واتى من حَيْثُ لم يحذر ووعده رَسُول الله ﷺ الْجنَّة قَالَ فَمَا تَقُولِينَ فِي الزبير قَالَت لَا تدعني يَا مُعَاوِيَة ارْجع كرجيع الثَّوْب الصبيغ يعرك فِي المركن قَالَ حَقًا لتقولن
1 / 31
قَالَت وَمَا كنت أَقُول فِي الزبير ابْن عمَّة رَسُول الله ﷺ وحواريه وَقد شهد رَسُول الله لَهُ بِالْجنَّةِ وَلَقَد كَانَ سباقا إِلَى كل مكرمَة فِي إلاسلام وَأَنا اسالك يَا مُعَاوِيَة الاعفاء فان قُريْشًا يَزْعمُونَ انك من احلمها واعقلها وان يسعني فضل حلمك وان تعفيني من هَذِه الْمسَائِل وأمض لما شِئْت قَالَ نعم ونعمة عين قد اعفيتك ثمَّ أَمر لَهَا بصلَة وجائزة وردهَا مكرمَة
1 / 32
٣ - حَدِيث جروة بنت مرّة بن غَالب التميمية
وَبِهَذَا إلاسناد عَن الْعَبَّاس بن بكار قَالَ حَدثنِي عبد الله بن سُلَيْمَان الْمدنِي عَن أَبِيه وَسُهيْل بن أبي سُهَيْل عَن أَبِيه عَن عمته قَالَت احْتجم مُعَاوِيَة بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا أَمْسَى ارق ارقا شَدِيدا فارسل إِلَى جروة بنت مرّة بن غَالب التميمية وَكَانَت مجاورة بِمَكَّة وَهِي من بني اسيد بن عَمْرو بن تَمِيم فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ قَالَ لَهَا مرْحَبًا بك يَا جروة ارعبناك قَالَت اي وَالله لقد طرقت فِي سَاعَة لَا يطْرق فِيهَا الطير فِي وَكره فارعب قلبِي وارعب صبياني وافزعت عشيرتي وَتركت بَعضهم يموج فِي بعض يراجعون القَوْل ويدبرون الرَّأْي خشيَة مِنْك وشفقة عَليّ
فَقَالَ مُعَاوِيَة لتسكن روعتك وتطب نَفسك فَإِن الْأَمر على محبتك
1 / 33
قَالَت احسن الله بشارتك وادام سلامتك ثمَّ قَالَ احتجمت فاعقبني ذَلِك ارقا شَدِيدا فَأرْسلت اليك لتخبريني عَن قَوْمك قَالَت عَن اي قومِي تسالني قَالَ عَن بني تَمِيم قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هم اكثر النَّاس عددا وأوسعهم بَلَدا وابعدهم أمدا هم الذَّهَب إلاحمر والحسب إلافخر وَالْعدَد الاكثر قَالَ صدقت فنزليهم لي قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أما بَنو عَمْرو بن تَمِيم فاصحاب بَأْس ونجدة وحشد وَشدَّة لَا يتخاذلون عِنْد اللِّقَاء وَلَا تطمع فيهم الاعداء سلمهم فيهم وسيفهم على عدوهم وَنعم الْقَوْم لأَنْفُسِهِمْ قَالَ صدقت
قَالَت وَأما بَنو سعد بن زيد مَنَاة فَفِي الْعدَد الاكثرون وَفِي الْحسب إلاطيبون يصبرون ان غضبوا ويدركون ان طلبُوا اصحاب سيوف وجحف ونزال ودلف إِلَّا ان باسهم فيهم وسيفهم عَلَيْهِم وَأما حَنْظَلَة فالبيت الرفيع والحسب البديع والعز المنيع والمكرمون للْجَار والطالبون للثأر والناقضون الأوتار
1 / 34
فَقَالَ مُعَاوِيَة ان حَنْظَلَة شَجَرَة تتفرع فنزليهم لي قَالَت أما البراجم فاصابع مجتمعة واكف ممتنعة وَأما بَنو طهية فقوم هوج وَقرن لجوج وَأما ربيعَة فصخرة صماء وحية رقشاء يعتزون بعزهم ويفخرون بقومهم وَأما بَنو يَرْبُوع ففرسان الرماح واسود الصَّباح يعتنقون الاقران وَيقْتلُونَ الابطال والفرسان وَأما بَنو مَالك فَجمع غير مفلول وَعز غير منحول لُيُوث هرارة وخيول كرارة وَأما بَنو دارم فكرم لَا يداني وَعز لَا يواتى وَشرف لَا يسامى قَالَ لَهَا مُعَاوِيَة أَنْت اعْلَم النَّاس بتميم فَكيف علمك بقيس قَالَت كعلمي بنفسي قَالَ فاخبريني عَنْهُم قَالَت أما غطفان فاكثر سادة وَأَمْنَع قادة وَأما فَزَارَة فبيتها الْمَشْهُور وحسبها الْمَذْكُور وَأما ذبيان فخطباء شعراء اعزة اقوياء وَأما عبس فحمية لَا تطفأ وَعقبَة لَا تعلى وحية لَا ترقى وَأما
1 / 35
هوَازن فحلم ظَاهر وَعز قاهر وَأما بَنو سليم ففرسان الْمَلَاحِم واسود ضراغم وَأما نمير فشوكة مَسْمُومَة وَهَامة ملمومة واية مفهومة وَأما هِلَال فاسم فخم وَعز ضخم وَأما بَنو كلاب فعدد كثير وبحر ذخير وفخر اثير وَحكم كثير قَالَ فَمَا تَقُولِينَ فِي قُرَيْش قَالَت هم ذرْوَة السنام وسَادَة الْأَنَام والحسب القمقام قَالَ مَا تَقُولِينَ فِي عَليّ بن أبي طَالب قَالَت حَاز وَالله الشّرف حَتَّى لَا يُوصف وَغَايَة لَا تعرف وَبِاللَّهِ اسالك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اعفائي مِمَّا اتخوف قَالَ قد فعلت وَأمر لَهَا بضيعة فاخرة نفيسة غَلَّتهَا عشرَة آلَاف دِرْهَم وردهَا إِلَى أَهلهَا مكرمَة
1 / 36
٤ - حَدِيث عكرشة بنت إلاطش
وبالاسناد الأول عَن الْعَبَّاس بن بكار قَالَ حَدثنِي عبد الله بن سُلَيْمَان بن دَاوُد عَن أَبِيه عَن عِكْرِمَة قَالَ دخلت عكرشة بنت الاطش على مُعَاوِيَة وَهِي متوكئة على عكاز لَهَا فَسلمت عَلَيْهِ بالخلافة فَقَالَ لَهَا مُعَاوِيَة هيه يَا عكرشة الْآن صرت أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَت نعم اذ لَا عَليّ حَيّ فَقَالَ لَهَا مُعَاوِيَة السِّت صَاحِبَة الكور المسدول وَالْوسط المشدود والمتقلدة بِالسَّيْفِ ذِي الحمائل وَأَنت واقفة بَين الصفين يَوْم صفّين تَقُولِينَ ايها النَّاس عَلَيْكُم انفسكم لَا يضركم من ضل اذ اهْتَدَيْتُمْ ان الْجنَّة دَار لَا يرحل من قطنها وَلَا يحزن من سكنها وَلَا يَمُوت من دَخلهَا فَلَا تَبِيعُوهَا بدار لَا يَدُوم نعيمها وَلَا تتصرم همومها
1 / 37
فكونوا قوما مستبصرين ان مُعَاوِيَة دلف اليكم بعجم الْعَرَب غلف الْقُلُوب لَا يعْرفُونَ إلايمان وَلَا يَدْرُونَ مَا الْحِكْمَة دعاهم بالدنيا فَأَجَابُوهُ واستدعاهم إِلَى الْبَاطِل فلبوه فَالله الله عباد الله فِي دين الله واياكم والتواكل فان ذَلِك نقض عرى الاسلام واطفاء نور الْحق واظهار الْبَاطِل وَذَهَاب للسّنة هَذِه بدر الصُّغْرَى والعقبة إلاخرى يَا معاشر الْمُهَاجِرين والانصار أمضوا على بصيرتكم واصبروا على نياتكم فَكَأَنِّي بكم غَدا وَقد لَقِيتُم أهل الشأم وهم كالحمر الناهقة وَالْبِغَال الشاحجة يضجون ضجيج الْبَقر وَلَا يروثون رَوْث الْعتاق
فَقَالَ مُعَاوِيَة وَكَأَنِّي اراك على عكازتك هَذِه وَقد انكفأ عَلَيْك العسكران يَقُولُونَ هَذِه عكرشة بنت الاطش فان كدت لتؤلبين عَليّ أهل الشَّام لَوْلَا مَا قدر الله وَمَا حعل لنا من هَذَا الامر وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا
ثمَّ قَالَ مَا حملك على ذَلِك قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يَقُول الله ﷿ ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ﴾
1 / 38
ان اللبيب إِذا كره شَيْئا لَا يحب اعادته قَالَ صدقت اذكري حَاجَتك قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ان الله تَعَالَى جعل صَدَقَاتنَا على فقرائنا ومساكيننا ورد أَمْوَالنَا فِينَا إِلَّا بِحَقِّهَا وَإِنَّا فَقدنَا ذَلِك فَمَا ينتعش لنا فَقير وَلَا ينجبر لنا كسير فَإِن كَانَ ذَلِك من رَأْيك فمثلك من أنتبه من الْغَفْلَة وراجع الْعقل وان كَانَ عَن غير رايك فَمَا مثلك من اسْتَعَانَ بالخونة وَاسْتعْمل الظلمَة
قَالَ مُعَاوِيَة يَا هَذِه إِنَّه تنوبنا النوائب هِيَ أولى بِنَا مِنْكُم من بحور تنبثق وثغور تنفتق قَالَت يَا سُبْحَانَ الله مَا فرض الله لنا حَقًا جعل فِيهِ ضَرَرا على غَيرنَا وَلَو علم جلّ ثَنَاؤُهُ ان فِي مَا جعل لنا ضَرَرا على غَيرنَا لما جعله لنا وَهُوَ علام الغيوب قَالَ مُعَاوِيَة هَيْهَات يَا أهل الْعرَاق قد فقهكم عَليّ بن أبي طَالب فَلَنْ تطاقوا ثمَّ أَمر لَهَا برد صدقاتها وانصافها وضيفها واطرفها وردهَا إِلَى أَهلهَا مكرمَة
1 / 39
٥ - حَدِيث دارمية الحجونية
وبالاسناد عَن الْعَبَّاس بن بكار وَالْحُسَيْن بن أَسد الطفَاوِي قَالَا حَدثنَا سُهَيْل ابْن أبي سُهَيْل الهُجَيْمِي التَّمِيمِي عَن أَبِيه عَن عمته قَالَت حج مُعَاوِيَة سنة من السنين فَسَأَلَ عَن امْرَأَة من بني كنَانَة تنزل الْجحْفَة يُقَال لَهَا دارمية الحجونية وَكَانَت امْرَأَة سَوْدَاء كَثِيرَة اللَّحْم فاخبر بسلامتها فَبعث إِلَيْهَا فجيىء بهَا فَلَمَّا راها قَالَ لَهَا كَيفَ حالك يَا بنت حأم قَالَت بِخَير وَلست لحأم وَلَكِنِّي ابْنة أَبِيك وَلنْ يضر الْمَرْء نسب أمه قَالَ صدقت فَهَل تعلمين لم بعثت اليك قَالَت يَا سُبْحَانَ الله الْعَظِيم لَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله قَالَ بعثت اسألك علام أَحْبَبْت عليا وابغضتني وعلام واليته وعاديتني قَالَت أوتعفيني يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من ذَلِك
1 / 40
قَالَ مَا كنت بفاعل وَلَا اعفيك قَالَت أما إِذا أَبيت عَليّ فَإِنِّي أَحْبَبْت عليا على عدله فِي الرّعية وقسمته بِالسَّوِيَّةِ وابعضتك على قتالك من هُوَ أولى بالامر مِنْك وطلبك مَا لَيْسَ لَك وواليت عليا على حبه الْمَسَاكِين واعطائه أهل السَّبِيل وفقهه فِي الدّين وبذله الْحق من نَفسه وَمَا عقد لَهُ رَسُول الله ﷺ من الْولَايَة وعاديتك على ارادتك الدُّنْيَا وسفكك الدِّمَاء وشقك الْعَصَا قَالَ مُعَاوِيَة فَلذَلِك أنتفخ بَطْنك وَكبر ثديك وعظمت عجزتك قَالَت يَا هَذَا بهند وَالله يضْرب الْمثل قَالَ مُعَاوِيَة يَا هَذِه ارفقي فَإِنِّي لم اقل إِلَّا خيرا إِنَّه إِذا أنتفخ بطن الْمَرْأَة تمّ خلق وَلَدهَا وَإِذا كبر ثديها حسن غذَاء وَلَدهَا وَإِذا عظمت عجيزتها ثقل مجلسها فَرَجَعت وسكنت ثمَّ قَالَ لَهَا مُعَاوِيَة هَل رَأَيْت عليا قطّ قَالَت اي وَالله لقد رايته قَالَ كَيفَ رَأَيْته
1 / 41
وَقَالَت رَأَيْته شثن الْقدَم والكف لم يعب بِالْملكِ وَلم تشغله النِّعْمَة قَالَ فَهَل سَمِعت كَلَامه قَالَت نعم قَالَ كَيفَ سمعته قَالَت كَانَ يجلو الْقُلُوب من الْعَمى كَمَا يجلو الزَّيْت الطست من الصدأ قَالَ صدقت هَل لَك من حَاجَة قَالَت أَو تفعل ذَلِك إِذا سَأَلتك قَالَ نعم قَالَت تُعْطِينِي مائَة نَاقَة حَمْرَاء والف راعية من رواعي نجد فِيهَا فحولها وغلمانها قَالَ لَهَا مُعَاوِيَة مَا تصنعين بهَا قَالَت اغذو بألبانها الصغار واتحف بهَا الْكِبَار واصلح بهَا بَين الْعَرَب
1 / 42