اخبار موفقیات

الزبير بن بکار d. 256 AH
48

اخبار موفقیات

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

پوهندوی

سامي مكي العاني

خپرندوی

عالم الكتب

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

د خپرونکي ځای

بيروت

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ هَؤُلاءِ اتَّخَذُوكَ سُلَّمًا لِشَهَوَاتِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَسْتَعْمِلَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ عَامِلٍ، فَإِنْ رَابَكَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رَيْبٌ عَزَلْتَهُ وَاسْتَعْمَلْتَ غَيْرَهُ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَرْضَ مِنْهُمْ إِلا بِالْعَدْلِ، لَيَتَقَرَّبَنَّ إِلَيْكَ بِالْهَدْيِ وَالأَعْمَالِ الزَّاكِيَّةِ مَنْ وِلايَتُهُ لَهُ فِيهِ. يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ ﷿: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ﴿٦﴾ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ﴿٧﴾ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ ﴿٨﴾ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ﴿٩﴾ وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ ﴿١٠﴾ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ ﴿١١﴾ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴿١٢﴾ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴿١٣﴾ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴿١٤﴾﴾ [الفجر: ٦-١٤]، لِمَنْ عَمِلَ بِمِثْلِ عَمَلِهِمْ، إِنَّ الدُّنْيَا لَولا أَنَّهَا مَضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكَ لَمْ يَصِلْ مِنْهَا شَيْءٌ، فَأَنْتَ وَارِثٌ مَنْ مَضَى، وَمَوْرُوثٌ غَدًا، وَقَادِمٌ عَلَى رَبِّكَ، وَمَجْزِيٌّ بِعَمَلِكَ، فَاتَّقِ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَيْلَةً تَمَخَّضُ عَنْ يَوْمٍ لا لَيْلَ فِيهِ وَلَيلٍ لا يَوْمَ لَهُ، والسَّلامُ. قَالَ: فَبَكَى أَبُو جَعْفَرٍ حَتَّى مَسَحَ عَيْنَيْهِ مِنْ دُمُوعِهِ بِكُمِّهِ. قَالَ: وَأَرَادَ أَبُو جَعْفَرٍ أَنْ يَكْتُبَ شَيْئًا، وَالدَّوَاةُ عَلَى جَنْبِ عَمْرٍو، فَقَالَ لَهُ: يَا عَمْرُو نَاوِلْنِي الدَّوَاةَ، فَلَمْ يُنَاوِلْهُ. فَقَالَ لَهُ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلا نَاوَلْتَنِي. فَقَالَ عَمْرُو: أَقْسَمْتُ، لا أُنَاوِلْكَ. فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يُقْسِمُ عَلَيْكَ يَا عَمْرُو أَنْ تُنَاوِلَهُ الدَّوَاةَ، وَتُقْسِمُ أَنْتَ أَلا تُنَاوِلَهُ! !، فَقَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَقْوَى عَلَى كَفَّارَةِ يَمِينِهِ مِنِّي. فَسَأَلَهُ أَصْحَابُهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُنَاوِلَهُ الدَّوَاةَ؟ قَالَ: لَمْ آمَنْ أَنْ يَكْتُبَ فِي عَطَبِ مُسْلِمٍ، فَأَكُونُ قَدْ شَارَكْتُهُ فِي قَتْلِهِ بِمُنَاوَلَتِهِ الدَّوَاةَ. فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، نَادَى مُنَادٍ: أَيْنَ الظَّلَمَةُ وَأَعْوَانُ الظَّلَمَةِ؟ فَأَكُونُ مِمَّنْ أَعَانَهُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَخْزُومِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: " قَدِمَ هَارُونُ الرَّشِيدُ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَدِينَةَ، فَأُخْلِيَ لَهُ الْمَسْجِدُ فَوَقَفَ عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَاعْتَنَقَ أُسْطُوَانَةَ التَّوْبَةِ، ثُمَّ قَالَ: قِفُوا بِي عَلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ. فَلَمَّا أَتَاهُمْ كَانَ أَبُو نَصْرٍ نَائِمًا، فَأَيْقَظُوهُ، وَقِيلَ: هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ عِبادِ اللَّهِ، وَأُمَّةِ نَبِيِّهِ ﷺ وَبَيْنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَلْقٌ غَيْرُكَ، وَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُكَ عَنْهُمْ، فَأَعِدَّ لِلْمَسَأَلَةِ جَوَابًا. فَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁: «لَوْ ضَاعَتْ سَخْلَةٌ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ لَخَافَ عُمَرُ أَنْ يَسْأَلَهُ اللَّهُ عَنْهَا» .

1 / 48