185

اخبار موفقیات

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

پوهندوی

سامي مكي العاني

خپرندوی

عالم الكتب

د ایډیشن شمېره

الثانية

د چاپ کال

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

د خپرونکي ځای

بيروت

فَقَالَ الرَّبِيعُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ لَكَذَاكَ، وَإِنَّ الْخَيْلَ لَتَتَّقِي ذُرَاهُ إِذَا كَانَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَانْتَعَلَتِ الْخَيْلُ الدِّمَاءَ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ نَقَصَ إِلَّنَا، وَقَطَعَ أَوَاصِرَنَا، فَقَالَ عَمْرٌو: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، جَاوَرْتُ هَذَا الْحَيَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ عِشْرِينَ سَنَةً فَمَشَوْا إِلَيَّ بِالضَّرَّاءِ، وَدَبُّوا إِلَيَّ الْخَمْرَ، فَلَمَّا بَدَتْ لِي ضَبَابُ صُدُورِهِمْ، وَحَسَكُ قُلُوبِهِمْ، أَوْجَرْتُهُمْ أَمَرَّ مِنْ نَقِيعِ الْحَنْظَلِ، فَقَالَ شَرَيكُ بْنُ الأَعْوَرِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ هَذَا أَعْجَزَنَا لَمَّا أَخَذَتْهُ أَنْيَابُنَا، وَكَلَّمَتْهُ أَظَافِرُنَا. فَقَالَ عَمْرٌو: إِلَيْكَ يَابْنَ الأَعْوَرِ، فَإِنِّي لا أَجْلِسُ عَلَى الدُّبُرِ، وَلا أُغْمَزُ غَمْزَ التِّينِ، وَلا يُقَعْقَعُ لِي بِالشِّنَانِ. قَالَ: فَلَمَّا خَشِيَ عُمَرُ أنْ يَتَفَاقَمَ الأَمْرُ بَيْنَهُمْ، وَيَخْرُجُوا إِلَى مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا. قَالَ: " إِيهًا عَنْكُمُ الْآنَ. فَأَقْبَلَ عَلَى عَمْرٍو، فَقَالَ: يَا أَبَا ثَوْرٍ، لَقَدْ حَدَّثْتَ عَنْ نَفْسِكَ بِمَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ، وَلَقَدْ لَقِيتَ النَّاسَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلامِ، فَأَخْبِرْنِي: هَلْ صَدَفْتَ عَنْ فَارِسٍ قَطُّ "؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ كُنْتُ أَكْرَهُ الْكَذِبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا مُشْرِكٌ، فَكَيْفَ إِذْ هَدَانِي اللَّهُ لِلْإِسْلامِ؟ وَلَقَدْ قُلْتُ ذَاتَ يَوْمٍ لِخَيْلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ: هَلْ لَكُمْ فِي الْغَارَةِ؟ قَالُوا: عَلَى مَنْ؟ قُلْتُ: عَلَى بَنِي الْبَكَّاءِ. قَالُوا: مَغَارٌ بَعِيدٌ، عَلَى شِدَّةِ كَلَبٍ وَقِلَّةِ سَلَبٍ. قُلْتُ: فَعَلَى مَنْ؟ قَالُوا: عَلَى هَذَا الْحَيِّ مِنْ كِنَانَةَ، فَإِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ رِجَالَهُمْ خُلُوفٌ. فَخَرَجْتُ فِي خَيْلٍ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى وَادٍ مِنْ أَوْدِيَتِهِمْ، فَدُفِعْتُ إِلَى قَوْمٍ سُرَاةٍ. فَقَالَ عُمَرُ: «وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهُمْ سُرَاةٌ»؟ قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى قُبَابٍ عَظِيمَةٍ مِنْ أَدَمٍ، وَقُدُورٍ مُثْفَأَةٍ، وَإِبِلٍ وَغَنَمٍ. فَقَالَ عُمَرُ: «هَذَا لَعَمْرِي عَلامَةُ الْيُسْرِ» . وَقَالَ عَمْرٌو: فَانْتَهَيْتُ إِلَى أَعْظَمِهَا قُبَّةً. فَأَكْشِفُهَا عَنْ جَارِيَةٍ مِثْلِ الْمَهَاةِ، فَلَمَّا رَأَتْنِي ضَرَبَتْ يَدَهَا عَلَى صَدْرِهَا، وَبَكَتْ. فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: مَا أَبْكِي لِنَفْسِي وَلا عَلَى الْمَالِ. فَقُلْتُ: عَلامَ تَبْكِينَ؟ قَالَتْ: عَلَى جَوارٍ أَتْرَابٍ لِي، قَدْ أَلِفْتُهُنَّ، وَهُنَّ فِي هَذَا الْوَادِي. قَالَ: فَهَبَطْتُ الْوَادِيَ عَلَى فَرَسِي، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَاعِدٍ يَخْصِفُ نَعْلا لَهُ، وَإِلَى جَانِبِهِ سَيْفٌ مَوْضُوعٌ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ عَلِمْتُ أَنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ خَدَعَتْنِي، وَمَاكَرَتْنِي. فَلَمَّا رَآنِي الرَّجُلُ قَامَ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ، ثُمَّ عَلا رَابِيَةً، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى قُبَابِ قَوْمِهِ مُطَّرِحَةً، حَمَلَ عَلَيَّ وَهُوَ يَقُولُ: قَدْ عَلِمْتُ إِذْ مَنَحْتَنِي فَاهَا ... وَلَحِقَتْنِي بُكْرَةً رَدَاهَا أَنِّي سَأَحْمِي الْيَوْمَ مِنْ حِمَاهَا ... يَا لَيْتَ شِعْرِي مَا الَّذِي دَهَاهَا قَالَ: فَقُلْتُ مُجِيبًا لَهُ: عَمْرٌو عَلَى طُولِ السَّرَى دَهَاهَا ... بِالْخَيْلِ يُزْجِيهَا عَلَى وِجَاهَا حَتَّى إِذَا حَلَّ بِهَا احْتَوَاهَا ثُمَّ حَمَلْتُ عَلَيْهِ وَأَنَا أَقُولُ: أَنَا ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَحْمُودُ الشِّيَمْ ... مُؤْتَمَنُ الْغَيْبِ وَفِيٌّ بِالذِّمَمْ

1 / 185