فربّ متكلّم بما يعنيه في غير موضعه قد عنت، ولا تمار سفيها ولا حليما فإنّ الحليم يغلبك، وإنّ السفيه يؤذيك [١]، واذكر أخاك بما تحبّ أن يذكرك به، ودعه ممّا تحبّ أن يدعك منه [٢]، واعمل عمل من يرى أنّه مجزيّ بالإحسان مأخوذ بالإجرام.
سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: سمعت ابن عبّاس يقول:
كنت [٥٤ أ] أنا وأمّي من المستضعفين، كانت أمّي من النساء وكنت أنا من الصبيان.
يحيى بن محمد عن إسحاق بن محمد المسيّبي [٣] عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن الأعرج عن عبد الرحمن بن حسان عن أبيه حسّان بن ثابت قال: بدت لنا معشر الأنصار إلى الوالي حاجة، وكان الّذي طلبنا أمرا صعبا، فمشينا إليه برجال من قريش وغيرهم فكلّموه وذكروا له وصية رسول الله ﷺ بنا فذكر صعوبة الأمر، فعاوده القوم وخرجوا وألحّ عليه ابن عباس فو الله ما وجد بدّا من قضاء حاجتنا. فخرجنا حتى دخلنا المسجد فإذا القوم فيه أندية، فقال حسّان: فصحت وأنا أسمعهم: إنّه والله أولاكم بها، إنها والله صبابة النبوّة، ووراثة أحمد ﷺ، وتهذيب أعراقه، وانتزاع شبه طبائعه، فقال القوم: أجمل يا حسّان، فقال ابن عباس: صدقوا أجمل، فأنشأ حسّان يمدح ابن عباس:
إذا ما ابن عبّاس بدا لك وجهه ... رأيت له في كلّ مجمعة فضلا
إذا قال لم يترك مقالا لقائل ... بملتقطات لا يرى بينها فصلا